أثر القطاع غير الربحي في مجال الإسكان

06/06/2022 1
عبد الحميد العمري

شكل انفتاح آفاق تنمية القطاع غير الربحي المنظم للقطاع غير الربحي في المملكة، بمنهجيته الجديدة انطلاقة واسعة الخطوات نحو مستقبل أكثر إشراقا، من بعد الموافقة على تنظيم المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، وجاءت هذه الخطوة التنموية الرائدة في سياق تنمية القطاع غير الربحي، كأحد أبرز الأهداف الاستراتيجية ضمن خطة رؤية 2030، التي تستهدف تمكين القطاع غير الربحي، والعمل المستمر والمنظم على تعظيم أثر القطاع في المستويين الاجتماعي والاقتصادي، ورفع مساهمته إلى 5.0 في المائة الناتج المحلي الإجمالي.

حيث يتولى المركز كإحدى مبادرات برنامج التحول الوطني لتنمية القطاع غير الربحي. عديد من المهام الممكنة لنماء القطاع، وزيادة فعالية دوره في تحقيق التنمية المستدامة، وذلك بالشراكة مع الجهات الحكومية، والمنظمات غير الربحية، والشركات، إضافة إلى الأفراد، ضمن منظومة من الحوكمة الشمولية التي تتمتع بالانسيابية والعملية، وبما يوفر لكل الأطراف إمكانية المساهمة بأفضل ما لديهم في هذا المجال التنموي الحيوي، وكان من أهمها وأبرزها في هذا السياق ما يتعلق بمجال الإسكان عموما، والإسكان التنموي خصوصا.

استطاع القطاع غير الربحي، والبرامج المرتبطة به في مجال المسؤولية الاجتماعية التابعة للقطاع الخاص المساهمة بشكل فاعل في تحقيق الاستدامة اللازمة للتنمية في مجال الإسكان، وذلك عبر بلورة أكثر من 4.1 مليون مساهم، وبشراكة مع أكثر من 350 جمعية، وصولا إلى 36.9 ألف مستفيد، بمساهمات تجاوزت حتى تاريخه سقف 978.2 مليون ريال، تنوعت تلك المساهمات بين تجهيز وترميم الوحدات السكنية، وتوفير عشرات الآلاف من الوحدات السكنية للأسر المستفيدة، وتشجير الطرق والمشاريع السكنية، وبذل الجهود اللازمة لأجل تحسين المشهد الحضري.

وبالنظر إلى ما أصبح متاحا للاقتصاد الوطني والمجتمع على حد سواء من إمكانات واسعة، من خلال المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، وبما يتمتع به من دعم لا محدود من الدولة -أيدها الله-، فإن المنتظر تحقيقه في تلك المجالات سيكون بمشيئة الله تعالى أعلى وأكبر على كل المستويات، وفي مجال الإسكان الذي يشهد عديدا من التحديات عموما، فلا شك أن مساهمات القطاع غير الربحي ستحظى بأهمية أكبر من قبل المركز، ومن قبل شركائه في القطاعين الحكومي والخاص، وأيضا من الأفراد المقتدرين، ما يرشح استمرار تصاعد مؤشرات أدائها متجاوزة منجزاتها السابقة، وبما يصل بها إلى مستوى تطلعات واحتياجات الأسر الأشد احتياجا إليها، وإذا ما تمت قراءة رفع مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.0 في المائة بأرقام الفترة الراهنة، فإنها تتحدث عن تقديرات لحجم تلك المساهمة تتجاوز 161 مليار ريال، ويتوقع أن يكون الإسكان التنموي المرتبط بالقطاع غير الربحي ضمن أعلى تلك المساهمات التنموية السخية، ما يؤكد بدوره الدور المهم الذي سيوليه المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي لذلك الجانب، إضافة إلى بقية أداوره ومسؤولياته الواسعة.

حيث يمكن للمركز أن يقفز بكثير من الإنجازات في هذا المسار التنموي والحيوي "مجال الإسكان"، خاصة أنه المجال الذي يحتل مقدمة اهتمامات وأولويات مختلف شرائح المجتمع من أفراد وأسر، وفي الوقت ذاته يكتظ بعديد من التحديات التي تزداد أهمية وجود مثل هذه المبادرات الوطنية والتنموية في تذليلها، وهو ما أصبح متوافرا بحمد الله من خلال هذا المركز، الذي تتوافر له إمكانية القيام بعديد من المهام والاختصاصات الكفيلة بتحقيق كثير على هذا الطريق، لعل من أهمها: الإشراف المالي والإداري على منظمات القطاع غير الربحي، وتصنيفها، والعمل على حوكمتها وفق أفضل المعايير العالمية. التنسيق والتكامل مع الوحدات الإشرافية في الجهات الحكومية التي يدخل نشاط منظمات القطاع غير الربحي في نطاقها، لتفعيل وتطوير الإشراف الفني على أنشطة القطاع ومنظماته، وتسهيل وتسريع تأسيس منظمات القطاع المختصة، وتشجيع العمل غير الربحي وتفعيل دوره وتوسيعه في المجالات التنموية. نشر ثقافة التطوع، وتشجيع العمل التطوعي، وتنظيمه وتمكينه، بما يحقق زيادة الفرص التطوعية وتنوعها، وزيادة عدد المتطوعين.

إضافة إلى العمل على تحسين كفاية منظمات القطاع غير الربحي وفاعليتها، وإزالة ما يواجهها من معوقات، وتقديم الدعم الإداري والفني لها، وبناء قدرات العاملين فيها، وتصميم وتنفيذ البرامج اللازمة لذلك بالشراكة مع الجهات الحكومية والقطاعين الخاص وغير الربحي. الإشراف على الدعم المادي المقدم لمنظمات القطاع غير الربحي بالتنسيق مع الجهات الداعمة، والعمل على توجيه الدعم بما يحقق الأولويات والخطط التنموية ويدعم الاستدامة المالية لهذه المنظمات. حوكمة جمع منظمات القطاع غير الربحي للتبرعات وما تقيمه من حملات، وفق ما تقضي به الأنظمة ذات العلاقة.

ختاما؛ لا بد من التأكيد أن الاحتياجات الإسكانية بالنسبة للأسر الأشد احتياجا، تعد أوسع وأكبر مما تحقق من منجزات ملموسة حتى تاريخه، وهو الأمر الذي يدركه ويوليه الاهتمام الأكبر منسوبو المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، ويتوقع بمشيئة الله تعالى أن يشهد كثيرا من المستهدفات المتحققة على أرض الواقع فترة بعد فترة، نظير ما يتمتع به من دعم مباشر من لدن خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، ويترجم هذا بوضوح تام ما تضمنه قرار تأسيسه بأن يكون ارتباط المركز مباشرة برئيس مجلس الوزراء، ما يدفع بأهمية أن تتكامل مع الجهود المبذولة التي سيتم بذلها من المركز، أعلى مستويات التعاون والتنسيق من كل الجهات الحكومية وفي القطاع الخاص معها.

 

نقلا عن الاقتصادية