"ريادة الأعمال" بوابة للاستقلالية لا الثراء

25/04/2022 0
ثامر السعيد

الشغف للعمل في التجارة كبير على مر الأزمنة، وكان أكثر ازدهارا في سنوات ماضية قبل أن تتوجه البيئات الاقتصادية إلى الهيكلة الكبيرة والدخول في نماذج أعمال تنافسية ضخمة أثرت على فكرة سهولة بدء الأعمال، هذا الشغف نحو التجارة بالحرية التي تمنحها في مقابل الارتباط الوظيفي أنشأ القول إن الوظيفة عبودية القرن الجديد، وأيضا القول إن الوظيفة حاجز مانع عن الغنى وغيرها من الأقاويل التي ترسم الوظيفة على أنها حاجز أمام كثير من الرفاهية، كم رددنا القول المأثور "تسعة أعشار الرزق في التجارة" على أنه حديث صحيح!

خلال الأسبوع الماضي أثارت البرامج الحوارية فكرة التحول من المجتمع الوظيفي إلى المال والأعمال في دعوه تحفز القفز نحو بداية بناء الأعمال الخاصة بشكل يحفز الإقدام والحماسة لدى المتلقي. حصلت بيئة ريادة الأعمال على دعم حكومي مباشر يأتي من تهيئة البنية التحتية لهذا القطاع ورفع هدف مساهمته في الاقتصاد المحلي، حيث المستهدف أن تكون مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة 35 % من الناتج المحلي في السعودية بحسب مستهدفات رؤية 2030.

يبدأ الإنسان في الركون إلى الأمان كل ما تقدمت به السنوات وازدادت أمامه المسؤوليات وهذه هي طبيعة التطور بين مراحل الحياة في الانتقال من الاعتماد على الوالدين والأسرة إلى الاعتماد على النفس انتقالا إلى اعتماد الغير عليك، وهذه هي دورة الحياة، بجانب هذا التطور الطبيعي يقفز الحد الأدنى للمتطلبات المعيشية وكل ما ازدادت خبرة الفرد الوظيفية زادت قيمة ما يحصل علية من مزايا ودخل إلى الحد الذي يصعب فيه الانتقال بين جنبي الطريق من الوظيفة للأعمال أو الأعمال للوظيفة إذا لم تسر الأمور على أكمل وجه وهذا هو جوهر الخطر في خوض المغامرة لأن نسب النجاح منخفضة ومعظم الإحصائيات تضعها بين 23 % إلى 30 % بحسب الوضع العام للاقتصاد والقطاعات المستهدفة والأكيد أن هذا أمر طبيعي، هنا تحتاج البدايات إلى التوازن دون تفريط.

ما يميز الزمن الحالي لريادة الأعمال بخلاف السنوات الماضية أن معالم البنية التحتية لريادة الأعمال ظهرت واتضحت وأن الدعم التمويلي الحكومي بدأ يعطي ثماره في جلب مزيد من التمويل فالتمويل المقدم من البنوك قفز من 2 % إلى 8 % من محفظته الإقراضية ومزيد من الأموال الاستثمارية توفرت لدعم شركات ناشئة حديثة لدخول الأعمال مع علم كل الأطراف بأن المخاطر المأخوذة هنا عالية وتصل إلى حد الإفلاس، ومن مظاهر بروز معالم البنية التحتية لريادة الأعمال التصريح لمنصات الملكية الخاصة، الإنشاء والترخيص لصناديق الاستثمار الجريء، إنشاء حاضنات الأعمال وبالتأكيد إيجاد الهيكل التنظيمي والتشريعي لدعم هذا القطاع. ويبقى على من يقرر الانتقال إلى عالم الأعمال فهم أنها طريقا إلى الاستقلالية مليء بالمخاطر، ولكنه ليس طريق إلى الثراء بشكل مطلق.

 

نقلا عن الرياض