بتقرير ائتماني صدر مؤخراً عن وكالة التصنيف الائتماني "فيتش" أكدت من خلاله الوكالة على إبقاء تصنيف المملكة الائتماني عند مستوى "A” مع تعديل النظرة المستقبلية من "مستقرة" إلى "إيجابية"، مقارنة بتقريرها السابق الذي نشرته في شهر يوليو من العام الماضي.
هذا التقييم المرتفع للمركز الائتماني، بما في ذلك الجانب المالي للمملكة المصحوب بنظرة مستقبلية إيجابية الصادر عن وكالة تقييم مرموقة على مستوى العالم مثل وكالة "فيتش"، لم يأتِ من فراغ وإنما استند على العديد من الإيجابيات المتحققة سواء على مستوى الاقتصاد الوطني وعلى مستوى الوضع المالي العام للمملكة، حيث قد أوضح التقرير أن التزام المملكة بضبط أوضاعها المالية العامة، واستمرارها بالإصلاحات الهيكلية، وتطبيقها للعديد من خطط تنويع الاقتصاد، هذا بالإضافة إلى ارتفاع إيراداتها النفطية نتيجة لتحسن الأسعار، قد ساهمت جميعها في ترقية النظرة المستقبلية إلى إيجابية من مستقرة.
كما وقد كان لاستقرار حجم الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى ما دون 30 % حتى عام 2025، هذا بالإضافة إلى سعي المملكة الحثيث للإبقاء على احتياطيات مالية كبيرة خلال الفترة القادمة، بما في ذلك الودائع في البنك المركزي التي تزيد على 10 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، قد ساهم بشكل كبير في تعزيز المركز الائتماني والمالي للمملكة على حدٍ سواء، سيما وأن ما تحقق من مستوى حجم دين عام يقارب نصف متوسط حجم الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي للدول المصنفة ائتمانياً بالتصنيف "A".
وتوقعت الوكالة في تقريرها استمرار النمو الإيجابي في الاقتصاد السعودي وتسجيل فوائض في الميزانية خلال العامي 2022 و2023 لأول مرة منذ عام 2013، حيث تعادل ما نسبته 6.7 % و3.5 % من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي، وذلك نتيجة لانتعاش أسعار النفط، حيث قد رفعت الوكالة توقعاتها في وقت سابق من هذا العام لأسعار النفط للعام الحالي من 70 إلى 100 دولار أميركي للبرميل.
إن استمرار التزام المملكة بمعدلات إنفاق كفؤة، وتأقلم الميزانية العامة للدولة مع احتمالية تذبذب أسعار النفط على المدى الطويل، بما يتماشى مع برنامج الاستدامة المالية، قد ساهم بشكلٍ ملحوظ في دعم النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل للمواطنين من الجنسين.
وقد أشادت الوكالة بمضي المملكة قدماً في الاستراتيجية الوطنية للاستثمار التي لها دور متوقع في نمو العوائد من خلال نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي ونمو فرص العمل في القطاعين شبه الحكومي والخاص وخفض معدل البطالة الوطني الحالي (11 ٪)، سيما وأن الاستراتيجية الوطنية للاستثمار تستهدف ضخ 12 تريليون ريال سعودي (أي ما يقارب أربعة أضعاف إجمالي الناتج المحلي للعام الماضي 2021) من الاستثمار المحلي بحلول عام 2030م، مدعوماً بصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني، هذا بالإضافة إلى مساهمة شركة أرامكو السعودية والمستثمرين غير الحكوميين المشاركين في الاستراتيجية.
وبتقرير دولي آخر صدر أيضاً مؤخراً عن صندوق النقد الدولي، أُشيد فيه بالأداء الاقتصادي المميز للمملكة، حيث قد رفع الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد الوطني هذا العام إلى 7.6 %، والذي يزيد بنسبة 0.6 % عن التوقعات المحلية، ويزيد بنسبة 2.8 % عن توقعاته في التقرير السابق الصادر عن الصندوق خلال شهر يناير الماضي، وأشار التقرير إلى أن اقتصاد المملكة يأتي كثاني أكبر معدل نمو بين دول مجموعة العشرين هذا العام بعد الهند والتي توقع الصندوق نمو اقتصادها بنحو 8.2 %.ووفقاً للتقرير فإن السعودية والبرازيل فقط من بين دول مجموعة العشرين اللذين رفع التقرير توقعاته فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي، حيث تم رفع توقعات نمو الاقتصاد السعودي بـ 2.8 نقطة مئوية من 4.8 % إلى 7.6 %، في حين رفع توقعاته لنمو الاقتصاد البرازيلي من 0.3 % إلى 0.8 % أي بارتفاع 0.5 نقطة مئوية.دون أدنى شك.
أن المملكة تستحق مثل ذلك التقييم وتلك الإشادة من جهات دولية معتبرة، سيما وأن تعديل النظرة المستقبلية للمملكة يجعلها من بين ضمن الدول القليلة عالمياً، والدولة الوحيدة من مجموعة دول الـ G20، التي تمكنت من تعديل نظرتها المستقبلية خلال عامين متتاليين لتصنيفها الائتماني.ذلك التقييم وتلك الإشادة أتت نتيجة للجهود الحثيثة والجادة، التي بذلتها المملكة خلال السنوات الخمس الماضية وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030، والتي انعكست بشكل إيجابي على فعالية السياسة المالية والرفع من كفاءة العمل الحكومي، سيما حين الأخذ بعين الاعتبار، توجه المملكة إلى تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني وتشكيلة الإيرادات العامة، من خلال تفعيل مساهمة أنشطة وقطاعات اقتصادية متعددة، مثل قطاع التعدين، والغاز، والسياحة، وغيرها من القطاعات.
نقلا عن الرياض