الحرب مرة أخرى

28/03/2022 0
علي المزيد

دائماً الحرب هي آخر ما تلجأ له الدول، وهي مثل الكي، آخر العلاج، فإذا عجزت السياسة عن تحقيق أهدافها فإن الدول تلجأ إلى الحرب لتحقيق أهدافها. فالحرب أداة تستخدم لتحقيق أهداف سياسية عجز عنها التفاوض.

الحرب الأوكرانية الروسية هي أداة استخدمها الروس لتحقيق أهداف سياسية، هذه الحرب أفرزت نتائج متعددة، وما يهمني في هذه العجالة هو الجانب الاقتصادي، وأركز هنا على جزئية محدودة من الاقتصاد، وهي مصادرة أموال الأثرياء الروس لتسقط نظرية مهمة في الاقتصاد، وهي نظرية التوزيع الجغرافي للثروة، فالاقتصاديون ينصحون الأثرياء بتوزيع الثروة على عدد من الأسواق المتنوعة جغرافياً، طبعاً، تحسباً لهبوط سوق أو دخول دولة معينة في نفق مظلم، سواء الحرب أو كارثة طبيعية، فيذهب بعض الثروة ويبقى بعضها الموجود في دولة أخرى، وهذا أمر مشروع في التوزيع الجغرافي.

هذه الحرب الأوكرانية الروسية أسقطت هذه النظرية؛ إذ اتجهت الدول الأوروبية على وجه الخصوص للحجز على أموال الأثرياء الروس، وأنا لا أعلم هل كل الأثرياء الروس موالون لحكومتهم، ومتعاونون معها؟ أم أن الدول حجزت على المتعاونين مع حكومتهم وغير المتعاونين لتخلق ضغطاً على الحكومة الروسية من خلال هذه المصادرة أو الحجز؟

وتسير الأخبار بأن جزءاً من الأثرياء الروس اتجهوا للاستثمار في أسواق دول الشرق الأوسط بهدف الحفاظ على ثرواتهم، وهنا تسقط نظرية أخرى من نظريات الاقتصاد، والتي تنادي بالاستثمار في الدول المستقرة سياسياً، وتمثلها بالتأكيد دول الغرب، وهذه النظرية تطيل فترة استرداد رأس المال في الدول المستقرة سياسياً، لتحدده بما بين ثلاثين عاماً وأربعين عاماً، وتحدد فترة استرداد رأس المال في الدول شبه المستقرة سياسياً بما بين خمسة عشر عاماً وخمسة وعشرين عاماً، وتحدد هذه فترة استرداد رأس المال في الدول غير المستقرة سياسياً، وهي الدول التي تدخل في حروب، سواء مع جيرانها، أو في حروب أهلية، بما بين خمسة أعوام وعشرة أعوام. وهذا أمر مفهوم اقتصادياً، فالمستثمر يهمه أولاً الحفاظ على رأس ماله، ثم يهمه الربح.

هذه الحرب غيّرت بعض نظريات الاقتصاد؛ بل أسقطتها، فهل سنشهد عالماً مختلفاً بعد هذه الحرب؟ أم أنها حرب تفاهم عليها كبار لاعبو السياسة، لتعود الأوضاع كما كانت قبل الحرب؟ ودمتم.

 

 

نقلا عن الشرق الأوسط