التحول الرقمي العدلي وتحدياته وأثره الاقتصادي

21/03/2022 0
د.صالح السلطان

يشهد العالم طفرة اتصالات وتقنية معلومات. طفرة تحول رقمي تسمى أحيانا بالثورة الصناعية الرابعة. ولا شك أن اقتصادات الدول وأنشطة وعلاقات البشر قد تأثرت بقوة بمختلف الجوانب. والتركيز في هذا المقال على تحديات هذا التحول في الجانب العدلي والحقوقي.

التحول في أي بلد ودولة تصاحبه تحديات. وهذا أمر طبيعي في أي تحول وتطور حضاري عبر تاريخ البشر، فالكمال لله. وما يهم هو محاولة تفهم التحديات في الجانب العدلي، ثم السعي إلى السيطرة عليها لتقليلها إلى أقصى حد مقدور عليه.

وكلما كان التحول العدلي وغير العدلي أكثر جودة وأقل مشكلات، كانت درجة الاستفادة منه، ومساهمته في التنميتين الاقتصادية والاجتماعية أقوى وأكبر.

مدى نجاح أي دولة، خاصة الدول النامية، في التحول يستند ضمن ما يستند إلى مدى جودة تبنيها سياسات ومناهج ووسائل مسهلة لتطبيق التحولات الرقمية في جميع جوانب الاقتصاد. يدخل في ذلك تفهم الأوضاع قبل التحول بما يقلل من سوء الفهم، ويقلل من جهالة جوانب تنشأ من التحول وتعزيز الثقافة الرقمية.

ولمزيد من التوضيح، فإن تحقيق جودة واستفادة أعلى مرتبط بمؤثرات وعوامل. من هذه العوامل مستوى قدرات القائمين على التحول وضعا أو تشغيلا.

وتزيد أهمية هذه الجودة بالنظر إلى أن التحول العدلي لا ينحصر تطبيقه في الدول على أوضاع حديثة عهد، بل أيضا على أوضاع قديمة قائمة عبر الأعوام، وتعالج قبل الثورة التقنية بطرق يدوية.

لذا من المهم أن يستوعب الفريق القائم على برامج التحول مختلف الأوضاع القائمة عبر الأعوام.

استيعاب ينتج تصميم وتنفيذ برامج تحول تراعي مختلف تلك الأوضاع، وليس فقط الأوضاع الأكثر حداثة أو وجودا وانتشارا. هذه نقطة بالغة الأهمية في الجانب العدلي.

ومن باب زيادة التوضيح، كثير من الأشياء التي تتناولها عملية التحول العدلي في أي دولة هي أشياء "مثلا أوراق تعاملات ووثائق عقارات" لها عمر طويل يمتد إلى عشرات الأعوام، وربما أكثر، بعكس التحول في الجوانب غير العدلية، فغالبا ارتباطها بالحاضر فقط.

بعض الأشياء التي يطبق عليها التحول العدلي أصلا لها تفاصيل موثقة بطرق يدوية، قد لا يرى أنها كافية في الوقت الحاضر، أو لا يستوعب بعض هذه التفاصيل وطرق التوثيق فئات من القائمين على وضع أو تشغيل التحول الرقمي.

بتعبير آخر، من المشكلات المصاحبة للتحول ضعف فئة من المنوط بهم المساعدة على خطوات العمل بعد تطبيق التقنية. ضعفهم في جانبين، جانب القدرات المهنية، وجانب ضعف فهم الأوضاع ومشكلاته في الماضي.

باختصار، هناك حالات لكنها ليست شائعة، وقد يجهل القائمون على التحول هذه الحالات.

هنا أمثلة لوسائل تقلل من مشكلات التطبيق. رفع مستوى المهارات وبناء القدرات الوطنية ودعم وإعطاء تدريب كاف مدروس للقائمين على التشغيل من الطاقات الشابة. إن امتلاك المهارات والخبرات أمر مهم جدا، نظرا إلى حداثة التطبيق.

إن للتغيرات تأثيرات بالغة في النشاطين الاقتصادي والمعاشي، خاصة إيجابا وسلبا.

وأهم سبب لقوة التأثيرات أن التغيرات طالت أوضاعا ذات عمر طويل. أما التحولات الرقمية العدلية فطبيعية، كثير منها الارتباط أثرا وتأثيرا بأشياء وقضايا وأمور موجودة عبر عشرات الأعوام.

وكل ما ينجم من مشكلاتـ فإن لها أضرارا اقتصادية بالغة. ومن ثم مفترض مراعاة ما تسببه التحولات من مشكلات، وليس فقط ما تجلبه من منافع.

كيف تكون المراعاة؟ بالتدرج وتفهم الأوضاع جيدا قبل التحولات، والتدرج في تطبيق التحولات والمساعدة عليه، وعمل استثناءات وقتية لظروف وحالات وهكذا، بما يتيح وضع حلول أو قواعد تراعي تلك الظروف في وضع تنفيذ التحول التقني.

إن الإشارة إلى تحديات التحول الرقمي، لا تعني بتاتا تركه.

ذلك أن عدم التحول يجلب مشكلات وتحديات أعظم، ضررها أكثر من نفعها على الاقتصاد ومعيشة الناس. أي إن التحول ليس خيارا، لكن ينبغي أن ينفذ بأعلى درجة ممكنة من المهارة والجودة، ومعالجة التحديات.

على سبيل المثال، تطوير وتحسين وسائل الإثبات غير الورقي في الأمور المالية وغير المالية بين أطراف النزاع في القضاء.

باختصار، أثبتت عدة دراسات أن تطبيق الأنظمة المعلوماتية في التحول التقني في قطاع العدالة أكثر تعقيدا مما كان متوقعا، نظرا إلى كثرة الإجراءات والتفاصيل القائمة عبر الأعوام. لذا من المهم عند تطبيق التحول الرقمي في القطاع العدلي توافر الكفاءة العالية في تطوير وتشغيل واستخدام البرامج الإلكترونية، عند القائمين عليها وعند المستفيدين.

 

 

 

نقلا عن الاقتصادية