صندوق التنمية الوطني .. مساهمة أكبر في الاقتصاد

16/03/2022 1
عبد الحميد العمري

تتوالى المنجزات في بلادنا دون كلل أو ملل - بفضل الله - بوتيرة متسارعة منذ إعلان رؤية المملكة 2030، وما زالت الطموحات التي لا سقف لها تتعاظم وتعلو تطلعاتها يوما بعد يوم، بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين - حفظهما الله وأيدهما بتأييده -، وصولا إلى تحقيق أفضل هيكلة للاقتصاد الوطني، تدفع به إلى أن يكون صلبا ومستقرا في وجه التحديات المعاصرة، وأن يكون اقتصادا مزدهرا دأبه الدائم النمو والتنوع في قاعدته الإنتاجية، والقدرة الكاملة على إيجاد مئات الآلاف من الوظائف الملائمة أمام الموارد البشرية المواطنة ذكورا وإناثا، ورفع مساهمة القطاع الخاص في صلب مكوناته الرئيسة إلى أعلى من 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، التي بذل لأجل تحققها الكثير من الإنجازات على طريق الارتقاء ببيئة الاستثمار المحلية، وبما يرفع من تنافسيتها ويزيد جاذبيتها أمام رؤوس الأموال المواطنة ومن خارج الحدود بمئات المليارات من الريالات، وترجمة كل تلك التطلعات العملاقة ضمن منظومة متكاملة من الجهود والعمل المشترك بين مكونات الاقتصاد الوطني كافة (حكومة، قطاع خاص، مجتمع)، ليشمل النمو والازدهار المنشود شركاء التنمية المستدامة والشاملة كافة في بلادنا العزيزة.

على هذا الطريق الطموح، أطلق أخيرا الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الوطني - حفظه الله - استراتيجية الصندوق، التي تستهدف تحويله إلى أن يكون ممكنا محوريا للأهداف الاقتصادية والاجتماعية لرؤية المملكة 2030، وذلك من خلال العمل على مواجهة التحديات التنموية القائمة بما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية. وصرح - حفظه الله - بقوله: "تهدف استراتيجية صندوق التنمية الوطني إلى دعم أهداف التنمية المستدامة للقطاعات الاقتصادية كافة عبر تحويله إلى مؤسسة تمويلية وطنية متكاملة للمساهمة في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، حيث يستهدف الصندوق من خلال الصناديق والبنوك التنموية التابعة له تحفيز مساهمة القطاع الخاص بما يزيد على ثلاثة أضعاف التأثير التنموي في اقتصاد المملكة بحلول 2030. إضافة إلى إسهام الصندوق في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة بضخ أكثر من 570 مليار ريال سعودي بحلول 2030، كما يستهدف مضاعفة حصة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بأكثر من ثلاثة أضعاف ليصل إلى 605 مليارات ريال سعودي بحلول 2030، إضافة إلى إيجاد عديد من فرص العمل في المملكة بحلول 2030".

تحمل الاستراتيجية الجديدة لصندوق التنمية الوطني قيمة إضافية مهمة جدا للاقتصاد الوطني، تدفع بأدوار الصندوق ومسؤولياته تجاه التنمية المستدامة عموما، والقطاع الخاص على وجه الخصوص، نحو مزيد من التمكين والنمو والتوسع اللازم لاندفاع الاقتصاد نحو مستهدفاته، بما يسهم في زيادة قدرته على تنويع قاعدة الإنتاج المحلية، وخوض غمار اقتناص مزيد من فرص الاستثمار المحلية الواعدة، وكل ذلك سيسهم بكل تأكيد في إيجاد نمو وظائف القطاع الخاص، التي ستلبي تطلعات الباحثين والباحثات عنها من المواطنين، خاصة أنها ستتركز على وظائف نوعية تتمتع بمزايا أعلى من المتوافر الآن، سواء من حيث مستوى الدخل أو من حيث نوعية الوظائف الملائمة لتخصصات وشهادات شرائح الباحثين عن عمل، ويصب ذلك في اتجاه الجهود الواسعة والدؤوبة لأجل خفض معدل البطالة بين المواطنين من جانب، ومن جانب آخر يصب في اتجاه تحسين ورفع مستوى الدخل بالنسبة للأفراد، الذي سيكون رافدا مهما في الأجلين المتوسط والطويل لزيادة الطلب الاستهلاكي محليا، وأهمية ذلك الجانب في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي من جهة، ومن جهة أخرى بزيادة التدفقات الداخلة على منشآت القطاع الخاص، وتحسين فرص نموها واتساع نشاطاتها، إضافة إلى زيادة قدرتها على إيجاد مزيد من فرص العمل أمام مخرجات التعليم والتدريب مستقبلا.

ختاما، تأتي استراتيجية صندوق التنمية الوطني في صياغتها الجديدة، أكثر ارتباطا بالمنظومة الأكبر القائمة على ترجمة رؤية المملكة 2030 على أرض الواقع، وداعمة ومتكاملة مع بقية البرامج التنفيذية تحت مظلة الرؤية الشاملة، وهي الخطوة الأهم التي طالما افتقر إليها عديد من الاستراتيجيات والبرامج خلال عقود سابقة، فتنطلق جميعها من منطلق واحد متفق عليه ومحدد الاتجاهات، وأن تتسم جميعها بالتكامل وإتمامها لبعضها بعضا، بعيدا عما قد يحدث في أعوام تالية ما يشبه التعارض أو التضارب أو حتى عدم الانسجام، وهنا يكمن العنصر الأول والأهم لأي سياسات وبرامج اقتصادية تتوزع جهود ترجمة مستهدفاتها على أرض الواقع بين عديد من الأجهزة والجهات، عوضا عما قد تتطلبه من عقد شراكات طويلة الأجل مع منشآت القطاع الخاص، أو من خارج الحدود مع شركات عالمية، فتأتي جميعها في خطوط متوازية ومتناسقة الحراك، بما يتمم بعضها بعضا ويسهم في الدعم المتبادل فيما بينها. وهو تحديدا ما أشار إليه ستيفن بول جروف، محافظ صندوق التنمية الوطني، بقوله إن الصندوق سيستهدف وفقا لاستراتيجيته الجديدة: "دعم الجهود الرامية لتحقيق ازدهار المملكة وتحسين جودة الحياة وإيجاد وظائف جديدة ومستدامة، والارتقاء بسمعة المملكة على الساحة الدولية، في خطوة تؤدي إلى جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية. نحن اليوم أمام خطوة كبيرة، تمضي بنا نحو تحقيق رؤية الأمير محمد بن سلمان لمستقبل المملكة ودورها الريادي في العالم".

 

نقلا عن الاقتصادية