هل تستفيد الشركات من طريقة زيادة رأس المال الجديدة؟

13/03/2022 1
د. فهد الحويماني

أعلنت هيئة السوق المالية مطلع هذا الأسبوع اعتماد طريقة زيادة رأس المال من خلال إصدار أسهم جديدة دون منح حق الأولوية للمساهمين الحاليين، أي طرح أسهم جديدة لأطراف أخرى مع تخلي الملاك الحاليين عن حقهم في المشاركة في عملية رفع رأس المال. ليس المقصود بهذه الآلية أن الشركة تستطيع طرح أسهم دون موافقة الملاك الحاليين، بل المقصود أن الملاك الحاليين يوافقون على عدم مشاركتهم جميعا في العملية.

أولا ما الفكرة من هذه الآلية؟ وثانيا هل ستجد إقبالا من قبل الشركات المدرجة، سواء في السوق الرئيسة أو في السوق الموازية، كون الآلية متاحة لجميع الشركات المدرجة؟

منح نظام الشركات في المادة 140 الحق للجمعية العامة غير العادية وقف العمل بحق الأولوية للمساهمين في الاكتتاب بزيادة رأس المال، وبذلك فقرار الهيئة يتماشى مع نظام الشركات، وهو يأتي كخيار إضافي إلى خيارات أخرى متاحة للشركات لزيادة رأسمالها. وتتم هذه العملية أولا بتقدم الشركة إلى هيئة السوق المالية بطلب الموافقة على زيادة رأس المال مع وقف العمل بحق الأولوية، ومن ثم بعد الحصول على موافقة الهيئة تقوم الشركة بإصدار تعميم للمساهمين تشير فيه إلى عزمها على طرح أسهم جديدة، وتوضح فيه تفاصيل عملية زيادة رأس المال وهوية الطرف أو الأطراف الذين سيحصلون على الأسهم الجديدة، وتحديد طبيعة علاقتهم بالشركة إن وجدت، إلى جانب ذكر سبب الحاجة إلى قيام الشركة باتخاذ هذه الآلية، وتحديد آلية التسعير التي اتبعتها لتحديد سعر الأسهم الجديدة وتأثير ذلك في ملكية المساهمين الحاليين ومدى تآكل نسب ملكياتهم الحالية.

من المهم هنا التنويه بأنه لا يجوز للشركة طرح الأسهم الجديدة على الأفراد، بل فقط على جهات مالية مؤهلة، ولا يمكن للملاك الحاليين المشاركة في العملية، لذا فموافقة المساهمين على الطرح تعني عدم السماح لأي مساهم المشاركة في العملية. وأخيرا، لا يسمح للمشتري الجديد التصرف بالأسهم إلا بعد مرور ستة أشهر، وإن الحد الأقصى لحجم الطرح 15 في المائة من رأس مال الشركة الحالي.

هل من المتوقع أن تتقدم الشركات المدرجة للاستفادة من هذه الآلية الجديدة؟ بمعنى آخر، ما الذي يجعل الشركة المدرجة التي لديها خيارات كثيرة لرفع رأس المال اللجوء إلى هذه الطريقة؟ وما الذي يجعل الملاك الحاليين يوافقون على رفع رأس المال بهذا الشكل دون غيره من الأشكال؟

قبل نحو أسبوعين رفض مساهمو شركة الكابلات السعودية الموافقة على رفع رأس مال الشركة بمقدار 500 مليون ريال من 262 مليون ريال حاليا، لكنهم وافقوا في الاجتماع نفسه على خفض رأس المال من 360 مليون ريال إلى 262 مليون ريال. هذا مثال لمقدرة الشركة على الحصول على الموافقات النظامية اللازمة لرفع رأس المال بمبالغ كبيرة جدا، ولكن ذلك لا يعني موافقة الملاك الحاليين على ذلك. إذن هل سيختلف الأمر مع الخيار الجديد لرفع رأس المال؟ هل ستكون موافقة الملاك الحاليين أسهل وتتمكن الشركة من الحصول على المال اللازم بسهولة؟

الحقيقة إنه في معظم الحالات توافق الجمعية العامة على رفع رأس المال، حيث في الأغلب ينظر المساهمون إلى عملية رفع رأس المال بعين الرضا، بل إن سعر سهم الشركة في حالات كثيرة يرتفع متى ما أعلن مجرد قيام الشركة بالتقدم إلى الهيئة للحصول على الموافقة لرفع رأس المال. لذا فإن من يحدد مدى موافقة المساهمين على رفع رأس المال ليس وجود خيار إضافي لرفع رأس المال من عدمه، بل يعود الأمر لاقتناع المساهمين بمسببات رفع رأس المال وسعر الطرح وحاجة الشركة إلى ذلك.

هل هناك فارق بين الطريقة العادية لرفع رأس المال من خلال حقوق الأولوية والطريقة الجديدة فيما يخص تأثير ذلك في المساهمين؟ على وجه الخصوص السؤال عما إذا كان هناك اختلاف في التأثير في قيمة ملكية المساهم بين الطريقتين؟

في الطريقة التقليدية لرفع رأس المال من خلال حقوق الأولوية يستطيع المساهم إما المشاركة في عملية رفع رأس المال بدفع المبلغ المستحق عليه وإما أن يقرر ألا يشارك فيقوم ببيع الحقوق التي حصل عليها، وبالتالي لا يحصل هناك أي تأثير في قيمة ملكيته في الشركة. بمعنى آخر، يستطيع مالك الحقوق بيعها أثناء فترة تداول الحقوق والحصول على مبلغ يعوضه عن النقص الذي حصل بسبب عزم الشركة على رفع رأس مالها. فالذي يحصل في عمليات حقوق الأولوية هو أن ينخفض سعر السهم في اليوم التالي لانعقاد الجمعية ولكن في الوقت نفسه يحصل المساهم على حقوق يستخدمها في الاكتتاب أو يقوم ببيعها، والهدف من هذه الحقوق في كل الأحوال هو ألا تتأثر ملكية المساهم جراء عملية رفع رأس المال.

كيف تتأثر ملكية المساهم في حال قامت الشركة باستخدام خيار رفع رأس المال الجديد، وحصلت على موافقة المساهمين الحاليين في التخلي عن حقهم في المشاركة في عملية رفع راس المال؟

هنا يتضح الفارق بين الطريقة التقليدية والطريقة الجديدة. في الطريقة الجديدة، موافقة المساهم على قيام الشركة ببيع أسهمها لمؤسسة مؤهلة دون مشاركته تعني أن المساهم لن يكون لديه حقوق تعوضه عن أي نقص قد يحدث لسعر السهم فور إعلان الجمعية على الموافقة، وبالتالي سيكون هناك انخفاض فعلي في قيمة ملكية المساهم لن يستطيع تعويضه كما في الطريقة التقليدية. ولكن يجب الانتباه هنا إلى أن حركة سعر السهم بعد إعلان الموافقة على رفع رأس المال تعتمد على سعر الطرح للمالك الجديد. فمثلا لو أن المالك الجديد سيحصل على الأسهم بالقيمة الاسمية عشرة ريالات، بينما سعر السهم الحالي أكثر من عشرة ريالات فسيكون هناك هبوط فعلي في سعر السهم وسيكون هناك نقص في ملكية المساهمين الذين وافقوا على العملية. أما لو كان سعر الطرح للمالك الجديد مساويا للسعر الحالي للسهم فلن يتأثر سعر السهم في السوق في اليوم التالي. وأما في حال عرضت الشركة على المالك الجديد الأسهم بسعر أعلى من سعر السوق ففي هذه الحالة سيكون هناك ارتفاع في سعر السهم.

الخلاصة، إن طريقة رفع رأس المال دون حق الأولوية من الممكن أن تستفيد منها بعض الشركات كون الطريقة الجديدة سريعة ولا تحتاج إلى نشرة إصدار ولا إلى متعهد تغطية، وبحكم أن مبلغها لا يتجاوز 15 في المائة من رأس المال فستكون تأثيراتها في ملكية المساهمين الحاليين محدودة. وفي النهاية قرار المساهمين الموافقة من عدمه سيعتمد على معلومات كثيرة ولكن أهمها هو سعر الطرح للمالك الجديد، وبالتالي لضمان الحصول على موافقة المساهمين يجب أن تعرض الأسهم على المالك الجديد بسعر أعلى من سعر السهم الحالي في السوق.

 

نقلا عن الاقتصادية