يواجه "الفيدرالي" هذه الأيام مرحلة صعبة وعدة عقبات يحتاج أن يواجهها بصرامة وشجاعة وربما مجهولة النتائج! تأتي هذه العقبات تباعا بدءا من جائحة كورونا واستفحال التضخم الذي لم يسيطر عليه مبكرا وظل يصرح بشكل متكرر بأنه مؤقت حتى تجاوز أرقاما قياسية لم يزرها منذ أربعة عقود من الزمن، ومرورا باستمرار مشكلات سلاسل التوريد التي لا يزال العالم يعانيها، وربما لن تكون الأزمة الروسية - الأوكرانية وتداعيات الحرب والعقوبات المتجددة التي تصدرها الولايات المتحدة آخر أحزان "الفيدرالي" الذي بات بين مطرقة التضخم التي لا ترحم وسندان الخوف من الركود الاقتصادي في حال رفع الفائدة بشكل متسارع ما قد يصدم الأسواق التي تحاول التماسك في خضم الأحداث الحالية، من المعلوم أن أسهل وسيلة لمعالجة التضخم هي برفع الفائدة لكن رفع الفائدة بشكل متسارع لمحاصرة التضخم والسيطرة عليه قد يعرض الأسواق لشح في السيولة وهي التي لا تزال حتى الآن تحاول الخروج من عنق زجاجة الجائحة.
الأسواق الأمريكية بمؤشراتها الثلاثة (الداو جونز – الإس آند بي 500 – والناسداك) أعطت بسخاء منذ قاع الجائحة عام 2020 أو ما يسمى بلهجة الأسواق قاع آذار (مارس)، وكانت مهيأة لعملية جني أرباح واسعة النطاق وحتى التصحيح لذلك أعطت إشاراتها بوضوح قبل بداية الحرب الروسية على أوكرانيا فقد كسرت ترندات صاعدة وكسرت متوسطاتها لـ50 يوما وهي من أكبر الإشارات على دخوله في عمليات جني أرباح، وما زاد من حدة الهبوط الأحداث العالمية والعقوبات على روسيا التي تستثمر فيها كبرى الشركات العالمية سواء الأمريكية أو البريطانية أو الفرنسية فضلا عن الشركات الألمانية التي تربطها علاقات وثيقة مع الدب الروسي، فالعقوبات على روسيا ستكون لها تبعات على بقية أسواق العالم وكذلك على أسعار السلع حيث اقترب خام برنت مطلع الأسبوع الحالي من خانة الـ140 دولارا للبرميل كما لامست أسعار الذهب قمته عند 2070 دولارا وهي القمة التي حققها قبل عامين خلال جائحة كورونا بينما طالت الارتفاعات معظم السلع النفيسة التي تعد روسيا من أبرز المصدرين لها كالبلاديوم والغاز فيما قفزت أسعار القمح لأسعار تاريخية.
هذه الارتفاعات بقطاعات حيوية من الطاقة والغذاء وغيرها وقفزاتها الكبيرة في وقت وجيز تضغط على البنوك المركزية وعلى رأسها "الفيدرالي" لمحاولة عمل توازن بين محاصرة التضخم ورفع الفائدة المتوقع، كما تضغط الشعوب خاصة في أوروبا بحكم معاناتها المباشرة من ارتفاع الأسعار على صناع القرار فعلى سبيل المثال ارتفع سعر جالون البنزين في الولايات المتحدة إلى 4.14 دولار وهو سعر لم يصل إليه منذ الأزمة العالمية عام 2008، لذلك أي خطوات لا بد أن تكون مدروسة العواقب من جميع الاتجاهات وبحذر شديد حيث العالم كله يمر بمرحلة صعبة وبمنعطفات تاريخية، من جهة أخرى، لا يزال النفط يواصل موجته الصاعدة نحو اختراق حاجز الـ 140 دولار مع توجه بحظر الصادرات الروسية التي قد يرفع الأسعار إلى مستويات تاريخية لم تشهدها الأسواق من قبل!
وختاما تواصل السوق السعودية صعودها نحو مستهدفاتها فوق مستوى 13 ألف نقطة وأي عمليات تهدئة ستوجد فرصا للدخول والله أعلم.
نقلا عن الاقتصادية