الاستثمار الجريء «2»

24/02/2022 0
بسام العبيد

تحدثنا في مقالنا قبل أسبوعين عن الاستثمار الجريء، وذكرنا أن للحديث بقية، تحدثنا سابقا عن ماهية الاستثمار الجريء وذكرنا بعض الأمثلة لشركات كانت ناشئة في بداياتها وانتقلت إلى مستوى الشركات الكبرى خلال فترات وجيزة، وهو ما يعد أبرز ثمار الاستثمار الجريء الذي يبدأ بمبالغ صغيرة ثم يتضاعف مئات المرات بعد نجاحه خلال أعوام قليلة، وذكرنا بعض الأمثلة المحلية والعالمية لبعض تلك الشركات، لذلك بعدما تعرفنا على ما سبق دعونا نتطرق اليوم إلى خطوات الاستثمار الجريء وكيف يتم.

يبدأ الاستثمار الجريء من طرفين، الطرف الأول "رائد أعمال" يملك فكرة تكون في الأغلب جديدة وغير مسبوقة وتقوم على إحداث نقلة نوعية في السوق من خلال سد فجوة موجودة أو تقديم خدمة يتوقع طلب كبير عليها في السوق، وفي أحيان أخرى تكون تكرارا لفكرة قائمة اعتمادا على حجم طلب السوق المرتفع الذي يعد بحاجة إلى ذلك.

بينما يكون الطرف الثاني عبارة عن "مستثمر" يملك رأسمال يمكنه من تمويل فكرة ومشروع "الطرف الأول" بعد الاطلاع والاقتناع بالفكرة وإيمانه بقدرة الطرف الأول على تحقيقها والعائد الاستثماري منها. في هذه المرحلة يتم الاتفاق بين الطرفين والبدء بدراسات الجدوى وحجم السوق ودراسة المخاطر وكل ما تطلبه الجهات المختصة حسب المجال للمشروع.

وينقسم الاستثمار الجريء إلى مرحلتين، المرحلة الأولى Pre-Seed، التي تبدأ غالبا بين أطراف تربطهم علاقة قرابة أو صداقة وربما معرفة مسبقة، وهي المرحلة التي تتم فيها الدراسات الأولية والبدء بالتجهيز للمشروع وإطلاق النسخة الأولى التجريبية منه، وتعد هذه المرحلة مخاطرة كبيرة من قبل المستثمرين من خلال ضخ رؤوس أموالهم في مشاريع جديدة والمراهنة على نجاحها، وبإمكانهم أن يقلصوا من نسب المخاطرة من خلال دراسة الفكرة بشكل دقيق ومعرفة العقبات التي قد تواجههم وإيجاد الحلول لها.

والمستثمر في هذه المرحلة هو الأساس، وهو ما يطلق عليه المستثمر الملاك Angel Investor، حيث إنه جزء رئيس من قيام المشروع ونجاحه، ومخاطرته أعلى. أما المرحلة الثانية Seed، فهي التي تكون فيها الفكرة تحولت إلى شركة قائمة انتشرت وجلبت عديدا من العملاء بشكل رسمي، وتكون فيها لغة الأرقام واضحة المعالم من حيث الإيرادات والمصروفات والأرباح المحققة ونسب المخاطرة.

في هذه المرحلة يبدأ أصحاب المشروع في عمل جولات هدفها جلب مزيد من الأموال والاستثمارات لشركتهم بهدف التوسع والنمو من خلال دخول شركاء جدد من رجال أعمال أو صناديق، وبالتالي تزداد قيمة الشركة السوقية وتصبح محط أنظار مستثمرين آخرين بمراحل وجولات أخرى، فالمستثمر الذي ضخ مبلغا من المال في هذه المرحلة مقابل تملكه في الشركة بنسبة 5 أو 10 في المائة، سيجد أن هذا المبلغ سيتضاعف في الجولات التي تليه، لذلك يتسابق المستثمرون نحو الشركات الصغيرة والناشئة قبل أن يفوتهم قطار الأرباح.

والجدير بالذكر، أن هناك عديدا من الجهات المرخصة التي تقدم خدمة دراسات الجدوى وحجم السوق وإنشاء التطبيقات وكل ما يلزم للاستثمار الجريء، لذا فإن كنت صاحب فكرة فقط تحتاج إلى دراسة السوق وطرق تنفيذها والبحث عن مستثمر أو كنت صاحب رأسمال مناسب، فالفرص لا تزال قائمة في هذا المجال، أو حتى الدخول في الجولات الاستثمارية بشكل مباشر أو عبر الصناديق الخاصة بذلك.

 

 

 

نقلا عن الاقتصادية