إيفرغراند كرة الثلج القادمة

06/02/2022 0
عادل عبدالكريم

مجموعة إيفرغراند هي ثاني أكبر شركة تطوير عقاري من حيث المبيعات في الصين، وقد تم تأسيسها في العام 1996م على يد السيد: "خوي كاي يان" ويقع مقرها في مقاطعة "غوانغدونغ" جنوب الصين وفي العام 2018، أصبحت الشركة العقارية الأكثر قيمة في العالم، وتتنوع أعمالها من إدارة الثروات، وتصنيع السيارات الكهربائية، وتصنيع الأطعمة والمشروبات، حتى أنها تمتلك أحد أكبر فرق كرة القدم في البلاد "جوانجزو إيفرجراند".

إن أزمة قطاع العقارات الصيني 2020-2022 هي أزمة مالية جارية، نشأت بسبب الصعوبات المالية التي واجهتها مجموعة إيفرغراند وغيرها من مطوري العقارات الصينيين، في أعقاب فرض قوانين صينية جديدة على حدود ديون هذه الشركات، حيث حذرت الشركة في منشور لها حكومة غوانغدونغ بأن المجموعة معرضة لخطر وقوع أزمة نقدية وبموجب هذا التحذير تراجعت الأسهم في الشركة، لتؤثر بدورها على الأسواق العالمية وتؤدي إلى تباطؤ كبير في الاستثمار الأجنبي في الصين خلال الفترة من أغسطس إلى أكتوبر من عام 2021.

حيث ان الحكومة الصينية سنت قاعدة «الخطوط الحمراء الثلاثة» في محاولة منها لضبط قطاع تطوير العقارات المثقل بالديون في عام 2020، بغرض تنظيم الرفع المالي الذي يقوم به المطورون، مما يحد من اقتراضهم بناء على المقاييس التالية: الدين مقابل النقد، الدين مقابل أسهم رأس المال والدين مقابل الأصول وسرعت القوانين الحكومية المحلية والمركزية الأخرى، بما فيها قانون حدود إقراض الرهن العقاري، وقانون سقف الإيجارات في المدن الكبيرة، وقانون إلغاء مزادات الأراضي من تباطؤ قطاع العقارات في عام 2021، حيث حاولت السلطات السيطرة على ارتفاع أسعار المساكن.

حاولت الشركة بيع مجموعة من الأصول للحصول على السيولة الا ان هذه المحاولات لم تنجح وتخلفت الشركة فيما بعد عن سداد العديد من الديون، وبالتالي خفضت وكالات التصنيف الدولية من تصنيفها. وتخلفت الشركة في نهاية المطاف عن سداد سندات خارجية في بداية شهر ديسمبر 2021، بعد انقضاء مهلة سداداها بشهر واحد، وأعلنت عدة وكالات هبوط تصنيف الشركة وتشير بعض المصادر الى ان مجموع التزامات الشركة يناهز حاجز الـ 310 مليار دولار أمريكي.

كانت احتياطات الأصول "الأراضي" لدى الشركة تشير الى انها قادرة على توفير منازل لما يناهز 10 ملايين شخص في العام 2020، وتابعت مجموعة إيفرغراند توسعها، في مشاريع المركبات الإلكترونية، والمنتزهات، والطاقة والعديد من القطاعات الأخرى. والجدير بالذكر ايضا بأن اكبر استثماراتها والتي تم تمويلها عن طريق ديون بقيمة 15 مليار دولار أمريكي هي "جزيرة أوشن فلاور" حيث ان هذا المشروع يقوم على اساس بناء جزيرة صناعية على الشاطئ الشمالي للمدينة الساحلية "خاي نان" في بحر الصين الجنوبي، كما انها خططت لإنفاق أكثر من 7 مليارات دولار أمريكي بين عامي 2019 و2021 في تطوير المركبات الإلكترونية.

ولعل ابرز ما يثير القلق ويشير الى خطورة الوضع الراهن:

1- قيام الجمهور بوضع مدخراتهم واستثمارتهم في عمليات شراء على الخارطة.

2- تعرض الشركات التي تتعامل مع المجموعة من شركات البناء والتصميم وموردي المواد لخطر تكبد خسائر كبيرة، مما قد يجبرهم على الإفلاس.

3- التأثير المحتمل على النظام المالي الصيني إذا تخلفت المجموعة عن السداد، فقد تضطر البنوك وغيرها من المقرضين إلى الإقراض بشكل أقل وقد يؤدي هذا بدوره إلى ما يُعرف بأزمة الائتمان. ولعله قد يكون السبب الأخطر على الاطلاق لأن حدوث أزمة الائتمان لثاني أكبر اقتصاد في العالم يعد معضلة كبرى، لأن الشركات التي لا تستطيع الاقتراض تجد صعوبة في النمو، وفي بعض الحالات تكون غير قادرة على مواصلة العمل.

ولمحاولة الخروج من الأزمة قامت الحكومة الصينية بعد هدوء ومراقبة طويلة ومع اقتراب الانهيار المالي للمجموعة بتعيين أعضاء من مؤسسات شبه حكومية لتشكيل لجنة ادارة مخاطر للحيلولة دون الانهيار الذي اصبح وشيكا وتزداد خطورته يوما بعد يوم.

إن الحكومة الصينية مقتنعة بأنه من خلال إعادة الهيكلة المُدارة بشكل صحيح، تمتلك إيفرغراند أصولًا كافية لتغطية جزء كبير من ديونها وللحكومة تجارب ناجحة سابقا حيث أشرف مسؤولون في لجان ادارة المخاطر بالفعل وبهدوء على تفكيك شركات مثل "انبانج المالية" و "أتش أن أيه جروب"، وهما إمبراطوريتان مثقلتان بالديون، وقامو ايضا بتقليص مخاطر إمبراطوريه ثالثة وهي مجموعة "واندا" أكبر شركة تطوير عقاري خاصة في العالم.

وأخيرًا، يسيطر الحزب الشيوعي بصورة كبيرة على المحاكم، لذا فإن أي مقترحات لإجبار إيفرغراند على الإفلاس وتفكيكها تحتاج إلى موافقة من كبار قادة الحزب وسلسلة طويلة من المداولات والموافقات، ولذلك يمكن للسلطات نتيجة هذه الاجراءات الروتينية تجنب عمليات بيع سريعة مثل ما حدث مع بيع بنك ليمان براذرز في عام 2008، والتي يمكن أن تؤدي إلى أسعار بيع منخفضة جدا لأصول إيفرغراند، إلى جانب حدوث تسريح ضخم لليد العاملة مما سيتسبب في مشاكل اجتماعية ترغب الصين بتجنبها نظرا للمخاوف المرتبطة بهذه الاخطار من حدوث انهيار للسوق العقاري الصيني والذي سيمتد أثره الى جميع انحاء العالم كما حدث في ازمة الرهون العقارية 2008م.

 

المراجع:

1- 恒大金碧花园时隔17年最后加推 “首富”回到创业起点, 观点地产网.

2- Evergrande draws eight strategic investors for Shenzhen listing, South China Morning Post.

3- Evergrande: China property giant misses debt deadline, BBC.

4- How China Plans to Avert an Evergrande Financial Crisis. The New York Times.

5- China’s economy: the fallout from the Evergrande crisis, Financial Times

 

 

 

خاص_الفابيتا