مخاطر صناعة النفط

23/01/2022 1
ندى الفايز

الذروة الفعلية التي تهدد قطاع النفط ليست ذروة الطلب عليه بل ذروة العرض منه، خاصة وأن هناك تغييرات مفصلية في قطاع النفط بأكمله سواء في آليات العرض والطلب والاستهلاك والتخزين ولا ننسي كذلك مسألة تأجيل التحول إلى الطاقة البديلة, وعلية أكاد أجزم أن مخاوف ذروة الطلب على النفط مبالغ فيها وللغاية, حتى مع تبني الإدارة الأمريكية الحالية لسياسيات بيئية تحد بل تمنع من الاستثمار في التنقيب والحفر أو حتى المزيد من الإنتاج, كان يجب عليهم الإستمرار في استخدام جميع مصادر الطاقة وعدم التسرع باقصاء النفط أ‏و حتى الفحم والغاز, ومن المؤكد أنهم سوف يدفعون ثمن ذلك في هذة السنه.

‏عموما لا يساورني أدنى شك بأن الاعتماد كليا على النفط الخام كمصدر وحيد للدخل قد تزداد على المدى البعيد خطورته ولمرتين إثنين, حيث واحدة طبيعية بالنضوب والثانية بشرية بانخفاض   الطلب عليه لفرضية وجود بدائل أخرى راهنة أو قادمة, لكن فيما يخص معطيات السنة الحالية تحديدا تعد مختلفة نوعا للغاية, خاصة وأن الطلب على النفط في حدود المعدلات الطبيعية القابلة لارتفاع لا الانخفاض، كما أن كثافة الحقول النفطية لا توحي بنضوب قريب, فضلا عن عدة عوامل أخرى منها قيود العروض المستمره خلال السنة الحالية والتي ساهمت في دعم ارتفاع أسعار النفط الخام، أضف إلى ذلك تراجع الإمدادات، وإشكالية أن لا ينتج أعضاء أوبك مستويات الإنتاج المتفق عليها لعدة أسباب.

ناهيك عن المخاوف من غزو روسي محتمل لأوكرانيا، ولا ننسى أيضا هجوم المتمردين اليمنيين على ناقلات إماراتية مما هز السوق حتى خلال عطلة بالولايات المتحدة عندما كانت البورصات مغلقة. وبذات السياق توقف تدفق النفط عبر خط أنابيب كركوك العراق- جيهان التركي، بسبب حدوث انفجار قرب محافظة قهرمان مرعش جنوب شرق تركيا، والتي كانت تتجه من تركيا إلى مصافي تكرير في دول على البحر المتوسط مثل اليونان، إسبانيا، إيطاليا، كرواتيا ومن ثم يعاد تصديرها إلى أوروبا, هذة وبالرجوع إلى موضوع الدول المنتجة الغير قادرة على زيادة إنتاجها من النفط سواء لأسباب سياسية أو فنية ومن بين تلك الدول: ليبيا، كازاخستان، فنزويلا، نيجيريا، أنغولا، وخليجيا أعلنت الكويت كذلك من الصعب الوصول إلى إنتاج 750 عوضا عن 600 مليون برميل والعراق كما ذكرت خط أنابيب النفط معرض للهجوم والانقطاع، والإمارات رغم المطالبات بزيادة الإنتاج غير أن الهجوم على ناقلات إماراتية أحدث مخاوف على سلاسل الإمدادات الإماراتية كما أن مسألة نقص المخزون العالمي بدول ذات استهلاك صناعي مرتفع وضرورة سرعة إعادة تشكيله المخزون النفطي من جديد بعد عمليات سحب جائر, ومحيط عالمي ينذر بإضطربات سياسية حول عدة منابع وممرات النفط كذلك يجب أخذه بعين الاعتبار, خاصة بعد التسرع الغير مدروس بإيقاف الاستثمارات بقطاع النفط بدعوى عدم جدواها ومخاطرها البيئية، كذلك انخفض مؤشر الدولار (مقابل سلة من العملات الرئيسية) من جديد بعد استقراره بوقت سابق، وعودته لتسجيل أعلى مستوى منخفض مجددا.

‏وعليه من المتوقع أن السلع والمعادن المقيمة بالدولار وخاصة أسعار النفط  بإذن الله سوف ترتفع وفعليا بدأت تشكل وتدخل في قناة سعرية صاعدة وبقوة, وعلية ووفق معطيات السنة الحالية 2022 السعودية سوف تهيمن بشكل أساسي على سوق النقط الخام ومشتقاته، خاصة بعدما صرحت روسيا بأنها غير مهيأة لزيادة الإنتاج بالوقت الراهن والوفاء بإلتزاماتها في الشهور القادمة علما بأن حصة روسيا تقتضي زيادة الإنتاج قدرها 100 الف برميل يوميا كل شهر وعليه فأن التوقعات ان لا تتجاوز تلك الزيادة الشهرية لروسيا ال 60 الف برميل, بالرغم من أن روسيا سبق وأن أنتجت بحدود قصوى 10.8 مليون برميل فى أغسطس2019م. لكن لا تستطيع الرجوع بسرعة لهذا المستوى من الإنتاج. من الأخير وكما يقال باللهجة المحكية "ح يخلي لنا الجو" بسوق النفط، ومن يسألني وما الذي يجعل السعودية قادرة على زيادة الإنتاج ولا يجعل معظم المنتجين قادرين على ذلك؟! 

الإجابة تكمن في ‏وجود قرار سياسي و إمكانيات اقتصادية متأهبة لزيادة الاستثمار في قطاع النفط مع وجود كثافة بالحقول وكذاك كمية من الاحتياطيات المجدي اقتصاديا وملائمة تكلف استخراج وحتى التنقيب مع الأسعار السائدة أو المتوقعة وغيرها من العوامل التي تميز السعودية بها عن باقي المنتجين، والأهم الاستقرار السياسي والأمني والقوة العسكرية الرادعة والحاسمة بمنابع النفط بالممرات وحتى المصب.

وعلية فأن اتخاذ قرار الاستثمار بقطاع النفط أو حتى مجرد زيادة عدد المنصات النفطية يعد مكلفة للغاية، ويجب أن تكون العملية ذات جدوى اقتصادية لأن المنصة لها قدرة إنتاجية ولزيادة هذه القدرة تحتاج لمزيد من الاستثمار وبنية تحتية، كما أن مسألة كمية الاحتياطي النفطي بكل حقل وإجمالي عدد الحقول من الأمور بالغة الأهمية. وحتى بعيدا عن غزارة الإنتاجية للبئر الواحد، كذلك عمليات الحفر الجديد والتنقيب تعد مكلفه اقتصاديا وليست كل الدول قادرة حتى علي الحفر والتنقيب  فما بلك بعمليات الإستخراح والإنتاج من حقول جديده أو حتى معالجة الحقول القديمة أو التنقيب والحفر في أخرى جديدة, عموما تكلفة الحفر أحيانا تعد أرخص نسبياً من الإنتاج أو معالجة إنتاج الحقول المنهكة.

‏التوقعات العالمية تشير بأن  الطلب النفط سوف يتجاوز على العرض خاصة مع قيود الطاقة الإنتاجية علي أعضاء أوبك بلس, ناهيك عن قلة الإستثمارات بقطاع النفط, وعلية  كان من المتوقع أن يتجاوز النفط هذة السنه 2022 الأعلى التاريخي 71$ لعام 2014 لكني أرى من منظورى الشخصي أن القناة السعرية النفطية سوف تأخذ إتجاه 2008 ‏بمعنى أن يقفز وترتفع كما في 2008 الى 128 دولارللبرميل بل ويتجاور إلى أعلى من أعلى سعر قياسي وصل إليه النفط تاريخيا وهو 128$ دولار أمريكي.‏

وبذات السياق قام بنك جي بي مورغان برفع تقديراته لأسعار النفط وتوقع وصول أسعار النفط  الى 125 دولار أمريكي للبرميل عام 2022 وان يصل سعر النفط الى 150 دولار عام 2023م ‏بإذن الله سنة تعالى 2022 سوف تكون مهيبة إقتصاديا وإستثنائية بإمتياز ‏وغير مسبوقة, وحصة السعودية من مبيعات أسواق النفط ستكون الأعلى منذ 1980م وبالأسعار فوق الأعلى تاريخيا نظرا لقدرة وقوة السعودية الإنتاجية وإنفرادها بالسوق مما يجعلها تتحقق فوائض مالية ضخمة بالميزانية ومن ثم تستثمرها في مشاريع تنموية عملاقة تدعم خطط المملكة نحو التنوع الإقتصادي الإنتاجي والإستثماري بعيدا عن تبعيات قطاع النفط, سوف نقفز لآفاق تنموية شاملة ومستدامة, هي مجرد مسالة وقت وسوف نصل بإذن الله تعالى وبجهد الرجال المخلصين لكل الأهداف المنشودة ونحلق بشموخ كما جبل طويق الذي وعدنا ولي العهد بان نكون في علوه وقوته.‏ويقيني أن الله عزوجل يرعى السعوديه ويحفظها الي يوم الدين استجابه لدعوة سيدنا ابراهيم {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ} ومستقبلنا على المدي البعيد تماما كما حاضرنا المدي القريب ومن قبله ماضينا العريق حيث ربي الذي أعطنا ورزقنا طول تلك السنين بلا حول ولا قوة منا, قادر يتمها علينا ونحن جميعا نسعي بكل حول وقوة لعمارة أرضه وبيته وتعزيز متانة الإقتصاد.

ختاما،، أطرح هنا أمنية لا مجرد تساؤلات , لماذا لا نصبح نحن مصدر الأخبار بقطاع النفط وحتى الطاقة عموما ويصبح عندما وكالة إدارة الطاقة السعودية ونبث للعالم أجمع الأخبار عوضا أن نكون مجرد متلقين لأخبار فقط، وعلية تصبح الوكالات الإعلامية العالمية هى من تنتظر البيانات والمعلومات الدورية الصادرة من السعودية عملاق صناعة النفط بالعالم أجمع, ويتحول اتجاه البورصة بقطاع النفط  بأكمله علينا, خاصة وأنه لم يعد يعتمد على الدول المستهلكة (الطلب) بل أصبح يعتمد على الدول المنتجة (العرض) والمصدرة بل القادره فعليا على الإنتاج المستمر وسلاسل الإمداد لديها أمنه وغير منقطعه بل ومستقره سياسيا واقتصاديا ومتمكنا  فنيا وتقنيا؟! 

ومن غير السعودية يملك كل ذلك ؟! لا أحد غيرنا

 

خاص_الفابيتا