كنا ننادي بأن تتحول شركاتنا السعودية في ممارسة عملها، من ميدانها المحلي إلى الإقليمي، ومن ثم العالمي.
وكانت شركاتنا صغيرة، وهذه بداية طبيعية لأي عمل تجاري؛ إذ إن المستثمرين لا يرغبون في استثمار مبالغ كبيرة في شركة معينة تعمل في حقل عمل لم يختبروه، خشية الفشل، ومن ثم التعرض للخسارة. لذلك تنشأ الشركات صغيرة، وتنمو ببطء شديد، نتيجة رغبة المستثمرين في توزيع أرباح من جهة، والمحافظة على نمو الشركة لتكون قادرة على المنافسة، لذلك يكون رفع رأس المال متدرجاً، وفي أحيانٍ كثيرة يكون متناسباً مع حاجة السوق. وكان أيضاً ما يمنع شركاتنا من التحول من الدور المحلي إلى الإقليمي ثم العالمي، نقص المعرفة؛ سواء في التصنيع أو التسويق، بمعنى آخر: عدم وجود الخبرة. وأوضح مثال على ذلك بين شركاتنا السعودية: شركة «سابك»؛ حيث كانت الشركة إذا أرادت إنشاء صناعة بتروكيميائية معينة تبحث عن شريك أجنبي يمتلك المعرفة والخبرة، وتشاركه وتشترط عليه تسويق حصته من الإنتاج. وهذا أمر مقبول جداً حتى تؤسس «سابك» كوادرها وتبني خبرتها، وهو ما فعلته.
الشركات السعودية مع الزمن اكتسبت الخبرة، وكانت قانعة بأرباحها المحققة، بحكم أنها تعمل في أكبر سوق عربية. مع الزمن يصبح ذلك لا يكفي. إذا كان ذلك لا يكفي، فما هو المطلوب إذن؟
المطلوب -أو ما ننادي به- هو أن تحاول بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة أن يندمج بعضها مع بعض، لتصبح قوية وذات رأس مال عالٍ، لتكون قادرة على التحول من الدور المحلي إلى الدور الإقليمي، ومن ثم العالمي.
ولقد رأينا بالفعل بعض الشركات التي كانت مجالس إداراتها تتصرف بمسؤولية، يندمج بعضها مع بعض، لتخلق كياناً قوياً، مثل اندماج شركة «سبكيم» مع شركة «الصحراء» في قطاع الكيماويات.
لكن الدمج في معظم الأحوال يواجه تحديات، مثل الرغبة في الاستقلالية، والنظر للمكاسب المؤقتة، والنظر لتكاليف الدمج الآنية دون النظر للمكاسب المستقبلية.
كل ذلك يؤخر الدمج، وها نحن نشاهد بطء عملية الدمج في قطاع التأمين، رغم حث البنك المركزي السعودي شركاته على الاندماج، ومع ذلك نرى أن عمليات الدمج في القطاع تسير بوتيرة بطيئة، رغم تضييق البنك المركزي عليها؛ بغية الدمج عبر رفع سقف الحد الأدنى من رأس مال هذه الشركات.
بعض شركاتنا -وهي قليلة- بدأت تخرج للعالمية، مثل «سابك»، وتبعتها شركة «أكواباور» التي بدأت عالمية بثوب سعودي، ولعل مشروعها الأخير في أذربيجان يدلل على عالميتها، فنرجو من بقية الشركات تصحيح أوضاعها، عبر النمو أو الدمج، لتحقق العالمية. ودمتم.
نقلا عن الشرق الأوسط