استكمالا للمقال السابق حول الدروس المستفادة للخصخصة في الدول النامية، في دراسة لكل من شاول استرينو وأديلين بيليتير، التي نشرت ضمن دراسات البنك الدولي في عام 2018، ذكرت الدراسة بعضا من آثار الخصخصة في أداء الشركات وكفاءتها في عينة من الدول النامية، في قطاعات تشمل الخدمات المصرفية، والاتصالات السلكية واللاسلكية، والمرافق.
في قطاع البنوك إحدى الدراسات بواسطة Clarke وCull وShirley في عام 2005، ركزت على الدول النامية ووظفت منهجية الحدود العشوائية، توصلت إلى أن أداء البنك عادة ما يتحسن بعد الخصخصة. وعلى سبيل المثال، قام Boubakri وآخرون 2005، بتطبيق منهجية Megginson وNash وVan Randenborgh لتحليل 81 عملية خصخصة بنكية في 22 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل، ووجدوا أن بعض مقاييس الأداء تحسنت بعد الخصخصة. كما تظهر الدراسة التي أجراها بيك وكول وجيروم 2005 في نيجيريا، أن الخصخصة يمكن أن تحسن أداء البنوك، حتى عندما تكون بيئة الاقتصاد الكلي والبيئة التنظيمية غير مضيافة وتبيع الحكومة أضعف البنوك.
وفي قطاع الاتصالات تناولت إحدى أولى دراسات الاتصالات التي ركزت على الدول النامية، بواسطة Wallsten في 2001، حيث استخدمت مجموعة من 30 دولة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية بين أعوام 1984 و1997، أن المنافسة مرتبطة بشكل كبير بالزيادات في وصول الفرد للخدمات وانخفاض التكاليف. ومع ذلك، ترتبط الخصخصة وحدها بفوائد قليلة وترتبط سلبا بقدرة التوصيل. إضافة إلى ذلك، تعمل الخصخصة على تحسين الأداء فقط عندما تقترن بتنظيم فعال ومستقل وزيادة المنافسة. وفي 2013 توصلت دراسة Gasmi وآخرون إلى وجود تأثير لخصخصة مشغل اتصالات الخطوط الثابتة على أداء القطاع، وبتحليل نتائج تلك الإصلاحات من 1985 إلى 2007 على مجموعة مختارة من 108 دول "بما في ذلك دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وآسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية". توصلت الدراسة إلى أن تأثير الخصخصة على نتائج القطاع تمثلت في "نشر الخطوط الثابتة، الانتشار الخلوي، كفاءة العمل، سعر الخط الثابت" كان إيجابيا في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وأمريكا الوسطى وغيرها. وقد لاحظ الباحثون أن الدول التي نجحت في الخصخصة قد طورت بنيتها التحتية من خلال إنشاء الهياكل المؤسسية المناسبة التي حسنت فاعلية سياسات البنية التحتية، وأن تغطية الشبكات قد ازداد بفضل رأس المال الإضافي المتاح مع الخصخصة. وفي المقابل، ثبت أن نتائج الخصخصة ضعيفة في أمريكا الجنوبية، وفي بعض الدول الإفريقية التي تفتقر إلى الموارد أو بسبب ضعف التصميم التعاقدي وعدم كفاية إنفاذ السياسات في قطاع البنية التحتية، فضلا عن عدم كفاية الطلب الكلي. وفي غياب قدرة الدولة القوية، بدا أن المنافسة أداة أكثر فاعلية لتعزيز الأداء من الخصخصة.
وفي قطاع المرافق في مجال خصخصة خدمات المياه، قام Estache and Rossi 2002 بتقدير حدود التكلفة العشوائية باستخدام بيانات عام 1995 من عينة من 50 شركة مياه في 29 دولة في آسيا والمحيط الهادئ. توصلت إلى أن الكفاءة لا تختلف اختلافا كبيرا في الشركات الخاصة والعامة. وفيما يتعلق بخصخصة الكهرباء، توفر دراسة Zhang وParker وKirkpatrick 2008 تقييما اقتصاديا باستخدام بيانات لـعدد 36 دولة نامية خلال الفترة من 1985 إلى 2003. توصلت الدراسة إلى أن المكاسب في الأداء الاقتصادي من الخصخصة محدودة، في حين أن إدخال المنافسة هو أكثر فاعلية لتحفيز الأداء. ولم يجدوا دليلا على أن الخصخصة تؤدي إلى تحسين إنتاجية العمل أو إلى زيادة استخدام رأس المال، أو إلى زيادة القدرة على التوليد وزيادة الإنتاج، إلا عندما يقترن ذلك بإنشاء هيئة تنظيمية مستقلة. استنتج المؤلفون أنه عندما تكون المنافسة ضعيفة، فإن الأمر يتطلب وجود نظام تنظيمي فعال لتحفيز الأداء، في حين أن تنظيم الشركات المملوكة للدولة دون الخصخصة يكون غير فعال.
مما سبق يمكن التأكيد على أن الملكية الخاصة وحدها ليست مؤشرا لتحقيق المكاسب الاقتصادية دون توافر العوامل الأخرى التي تشمل البنية التنظيمية الأساسية "حوكمة شاملة للقطاعات" من خلال تنفيذ إصلاحات مستمرة، ووجود سياسات تكميلية، ومواكبة للقدرة التنظيمية والتشريعية لمعالجة آثار قضايا الفقر والآثار الاجتماعية الناتجة من عمليات التحول، وتفعيل الدور الثقافي لتعزيز التواصل المجتمعي.
نقلا عن الاقتصادية