دائرة جديدة بعنوان رئيس «مبادرة السعودية الخضراء» لأجل حماية البيئة وتقليل آثار التغير المناخي، تضيفها المملكة كمبادرة رائدة ضمن الدائرة الأكبر والأوسع لرؤيتها الاستراتيجية 2030، مستهدفة تحقيق الاستدامة في المملكة، وزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وتخفيض انبعاثات الكربون ومكافحة التغير المناخي، في تأكيد واضح للمجتمع الدولي على الجهود الحثيثة التي بذلتها المملكة، ولا تزال تبذلها بمزيد من الموارد والدعم غير المحدود، حيث جمعت في هذه المبادرة الرائدة بين حماية البيئة، وتحويل الطاقة، وبرامج الاستدامة.
وتستهدف المملكة من خلال هذه المبادرة الإسهام في بناء مستقبل مستدام للجميع، بالاعتماد الرئيس على تقليل الانبعاثات الكربونية، بما يشكله ذلك من أهمية قصوى على مسار إبطاء آثار التغير المناخي من جانب، ومن جانب آخر في اتجاه العمل المتكامل لأجل إعادة التوازن البيئي، حيث تتبنى «مبادرة السعودية الخضراء» تنفيذ مجموعة متنامية من مشاريع الطاقة المتجددة، وتقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4 في المائة من الإسهام العالمي في هذا المجال، وذلك بالاعتماد على توفير ما تصل نسبته إلى 50 في المائة من إنتاج الكهرباء من خلال مشاريع الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، والعمل على إزالة نحو 130 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، من خلال تنفيذ عديد من المشاريع في مجال التقنية الهيدروكربونية النظيفة. هذا إضافة إلى الاتجاه نحو رفع نسبة تحويل النفايات على المرادم إلى 94 في المائة، وتزويد المباني، والصناعات المختلفة ووسائل النقل بالطاقة اللازمة بكفاءة، وفعالية، في التقدم والإنجاز، من خلال مشاريع الطاقة المتجددة الحالية التي ستنتج طاقة كافية لتزويد 600 ألف منزل بالكهرباء، بما سيسهم في خفض غازات الاحتباس الحراري بما لا يقل عن سبعة ملايين طن سنويا. وفي هذا الاتجاه ستقوم المملكة باستثمار 7.0 مليار دولار سنويا في مجال الحلول، التي تستهدف المساهمة في تخفيض نسبة انبعاث الكربون من قبل مبادرة شركات النفط والغاز بشأن المناخ OGCI، وتعد شركة أرامكو السعودية عضوا مؤسسا لها، كما سيتم تخصيص أكثر من 35 مبادرة لأجل تعزيز كفاءة الطاقة في جميع أنحاء المملكة وتقليل استهلاكها وهدرها، كما سترفع المملكة طول السكك الحديدية فيها إلى نحو 9.9 ألف كيلو متر ضمن خطتها الاستراتيجية لتوسعة شبكة الخطوط الحديدية، الذي سيسهم بدوره في التقليل من الازدحام المروري، وما يترتب عليه من انبعاثات الكربون صادرة عن المركبات.
كما سيتم العمل المستمر والمشترك إقليميا ودوليا على مسار التشجير، بادئة في هذا المضمار بمساحات شاسعة من المملكة، بالعمل على زراعة عشرة مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة، وتحويل أجزاء كبيرة من الأراضي الصحراوية فيها إلى أرض خضراء، ضمن مشروعها الاستراتيجي الأكبر الهادف إلى زراعة نحو 50 مليار شجرة بالشراكة مع دول منطقة الشرق الأوسط الذي يعد أكبر برنامج من نوعه لإعادة التشجير على مستوى العالم، وهو ما يمثل نحو 5 في المائة من الهدف العالمي لزراعة تريليون شجرة، وبما يسهم في خفض ما نسبته 2.5 في المائة من معدلات الكربون العالمية، والمساهمة أيضا في تخفيض انبعاثات الكربون الناتجة عن إنتاج النفط في المنطقة بأكثر من 60 في المائة. كما ستعمل المملكة في هذا المسار على إعادة تأهيل ما تصل مساحته محليا إلى نحو 40 مليون هكتار من الأراضي خلال العقود المقبلة، ضمن مشروعها الأكبر على مستوى الشرق الأوسط باستعادة نحو 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة بالتعاون المشترك مع دول المنطقة، ويعد هذا المحور حجر الأساس في «مبادرة السعودية الخضراء»، حيث ستسهم زيادة التشجير في تحسين جودة الهواء، وتقليل العواصف الرملية، ومكافحة التصحر، وتخفيض درجات الحرارة في المناطق المجاورة، وبحلول عام 2030، يقدر أن تكون زيادة المساحة المغطاة بالأشجار الحالية إلى 12 ضعف مساحتها الراهنة خلال الفترة الراهنة، وهو يمثل زيادة في مساهمة المملكة بأكثر من 4 في المائة على مستوى تحقيق مستهدفات المبادرة العالمية لأجل الحد من تدهور الأراضي والموائل الفطرية، وتصل مساهمة ما ستقوم المملكة بزراعته في أراضيها “عشرة مليارات شجرة” إلى نحو 1.0 في المائة من المستهدف العالمي “زراعة تريليون شجرة”، مع التأكيد أن المملكة بدأت العمل سابقا على مستوى رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30 في المائة من مساحة أراضيها “600 ألف كيلو متر مربع”، متجاوزة بذلك حتى المستهدف العالمي الراهن بحماية 17 في المائة من أراضي كل دولة، هذا إضافة إلى عديد من المبادرات الأخرى التي تبنتها المملكة في هذا المجال بهدف حماية البيئة البحرية والساحلية.
ختاما: أتى التأكيد الأكثر رسوخا للأهداف النهائية للمبادرة السعودية الرائدة، وفقا لما أعلنه ولي العهد - حفظه الله - في كلمته الافتتاحية للنسخة الأولى للمنتدى السنوي لـ «مبادرة السعودية الخضراء»، “إن المملكة تستهدف الوصول للحياد الصفري في عام 2060، من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، بما يتوافق مع خطط المملكة التنموية، وتمكين تنوعها الاقتصادي، بما يتماشى مع (خط الأساس المتحرك)، ويحفظ دور المملكة الريادي في تعزيز أمن واستقرار أسواق الطاقة العالمية، في ظل نضج وتوافر التقنيات اللازمة لإدارة وتخفيض الانبعاثات، وأن هذه الحزمة الأولى من المبادرات تمثل استثمارات بقيمة تزيد على 700 مليار ريال، ما يسهم في تنمية الاقتصاد الأخضر، وإيجاد فرص عمل نوعية، وتوفير فرص استثمارية ضخمة للقطاع الخاص، وفق رؤية المملكة 2030”.
نقلا عن الاقتصادية