منذ قديم الزمن يذخر تاريخ الدول العربية العريقة بالقواعد والضوابط التي امتدت إلى الوزراء وكبار الشخصيات والأعيان وحتى العوام عند دخولهم إلى البلاط الملكي, حيث كان لدى الدولة الأموية وما تلاه المراسم الخاصة بالخلفاء والوزراء, آما في العصر العباسي وضع الجاحظ مؤلفه الشهير " التاج في أخلاق الملوك " وأنصح بإقتناءه وهو المكون من عدة فصول تتضمن تنظم الدخول على الملوك وتحيتهم ومنادمتهم وحتى آداب تناول الطعام معهم وكيفية الجلوس والتحدث معهم وآداب الرسل والمبعوثين واستقبال الخلفاء والولاة للشعب في الأعياد .
كما تناول الجاحظ صفات الندماء وما يجب للملوك عند الرعية من حسن الأدب في حالتي الهزل والجد كما ذكر صنوفاً من الأحاديث وألواناً من الطرائف يستمدها من التاريخ العربي حيناً ومن تاريخ الفارس أحياناً, متحدثاً عن أخلاق الملوك والشعوب على اختلاف ديارها, محاولاً بعد كل حديث أن يضع الخطوط العامة بصورة غير مباشرة للأدب الاجتماعي الرفيع فى حضرة المقام العالي ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر الذي يصعب ما أوضحه الجاحظ حول بعض الكلمات التي لا ينبغي على المتحدث مع الملك، مخاطبته بها : وليس لمن حدّث الملك أن يفسد ألفاظه وكلامه بأن يقول في حديثه للمقام العالي : فاسمع منّي أو افهم عنّي أو يا هذا أو ألا ترى !!
بداية نشأت المراسم والتشريفات بالعالم جاءت نتيجة وجود علاقات دبلوماسية تربط مابين مصر وبابل بدأت عام 1450 (ق.م) وما استتبع ذلك من تطبيق قواعد المراسم والبروتوكول والإتيكيت سواء بالنسبة للحصانات الدبلوماسية أو الاستقبالات والحفلات, ومن بعد ذلك عرفت قواعد المراسم والبروتوكول والإتيكيت وخاصة القواعد المتعلقة بحصانة السفراء وأصول معاملتهم واستقبالهم في عهد المدن اليونانية القديمة ثم في عهد الرومان سواء في عهد الإمبراطورية الرومانية الغربية في روما أو الإمبراطورية الرومانية الشرقية في القسطنطينية والتي سميت بالدولة البيزنطية.
يشير مفهوم البروتوكول Protocol ( المراسم ) إلى مجموعة الإجراءات وقواعد السلوك المتبعة في المناسبات الرسمية وغير رسمية والتي تجمع فئات من الشخصيات ذات صفات معترف بها من جهة رسمية, وغالبا ما تشمل عادات مستقرة في العرف الدولي استنادا إلى القواعد التي تقرر إتباعها كل دولة وفقا لتقاليدها وأنظمتها وبالسعودية تضطلع المراسم الملكية بالديوان الملكي بكافة التفاصيل البرتوكولية الدقيقة, خاصة وأن عمل المراسم ( التشريفات ) يستدعي اليقظة الدائمة والحرص على سير التفاصيل البرتوكولية على نظام دقيق شديد الحساسية في ممارستها حيث تخضع المراسم الملكية بالسعودية لما يحكم بقية دول العالم بالتشريفات خاصة في الجوانب التي تشمل قواعد الأسبقية في التقدم والصدارة وكذلك الأسبقية بين الدول وملوكها ورؤسائها وأيضاً الأسبقية بين رؤوساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية بالإضافة إلى قواعد الأسبقية في الحفلات والمآدب كما تلتزم المملكة بما هو معمول به في قواعد الأسبقية في منظمة الأمم المتحدة وغيرها من الأسبقيات التي ينظمها العرف الدولي للمراسم والبروتوكولات .
حيث تتبلور المراسم السعودية بنحو دقيق للغاية من مجموعة القواعد المنظمة للعمل الدبلوماسي والحكومي وآداب الوفود لمجلس الملك بالإضافة إلى مراسم الجلوس والأعلام والضيافة وحتى مراسم الزي واللباس كما تشمل أيضاً مراسم الزيارات الخارجية, حيث يتم تحديد السلوك الملائم سواء من حيث مراسم زيارات كبار المسؤولين ومراسم الحفلات ومراسم الأسبقية لكبار الشخصيات والمسؤولين وغير ذلك الكثير من قواعد عرفية استمر العمل بها لسنوات طويلة بل عهود وأصبحت بمثابة القانون والقواعد الملزمه وتسمى أحيانا بالعرف السائد في البلاط الملكي حيث يعتبر المصدر الرئيسي لقواعدها التي لا يوجد حتى الآن توثيق رسمي مطروحا أمام العموم بل قواعد غير منشوره للعامة (أو) أعراف معروفه لدى الخاصة (أو) مكتوبة ومحفوظة لدي أمناء المراسم الملكية .
هذه وفي سياق متصل يتوجب بالمقال الماثل بين أيديكم الكريمة توضيح موجز لكلا من البروتوكول ( و ) المراسم ( و ) التشريفات ( و ) الإتيكيت وذلك لكل معنى على حدة لمعرفة ما إذا كان بالفعل هناك فرق في المعنى فضلا عن الدلالة لكل منها, وفيما يلي التوضيح : -
👑 عبارة بروتوكول Protocol تعد كلمة إنجليزية ووفقاً لما ورد في قاموس أكسفورد حيث تشير إلى قواعد السلوك وأصول المجاملات كما تطبق في المناسبات الدولية وأصل الكلمة يونانية وهي مشتقة من اسم نوع من أنواع الشجر وضعت إحدى أوراقها في زمنا قديما مضي على إحدى الاتفاقات الهامّة حيث دون عليها كيفية تطبيق بعض بنود تلك الاتفاقية وذلك درجت العادة على إطلاق هذه التسمية على ما يتعلق بالتوضيحات وكيفية التصرف حيال تنفيذ التفاهمات والاتفاقات وصولاً إلى كيفية تنظيم الأحداث والمناسبات من خلال التعامل مع المعطيات الخاصة بالضيوف والمنظمين .
👑 عبارة المراسم تعد بمثابة الكلمة العربية المرادفة لكلمة بروتوكول Protocol وتطلق كما تم ذكره وتفصيلا أعلاه على القواعد والإجراءات التي تتبع في المعاملات المتبادلة بين الدول أو ممثليتها في المناسبات الرسمية المختلفة.
👑 عبارة تشريفات تعد الترجمة التركية لكلمة مراسم العربية وبروتوكول الإنجليزية والفرنسية.
👑 عبارة الإتيكيت كلمة فرنسية ويقابلها في العربية آداب السلوك، فمصدرها فرنسي وتعني في الأصل البطاقة التي تلصق على طرد أو زجاجة للتعريف بالمحتوى، ثم استعملت هذه اللفظة للدلالة على البطاقات التي كانت توزع على المدعوين إلى القصور الملكية الفرنسية للتقيد بالتعليمات المدونة عليها في حضرة الملك وكبار الحاشية من أمراء ووزراء وتوسع الأمر وصولاً إلى المحاكم والحفلات الرسمية والمآدب.
ختاما ,, وبهذا يتضح أن جميع تلك العبارات من بروتوكول. . مراسم. . تشريفات. . إتيكيت. . تعني مدلولاً واحداً بمختلف اللغات تشير إلى مجموعة من المبادئ والقواعد المكتوبة وغير المكتوبة التي تنظم المعاملات سواء في نواحي الحياة المختلفة أو في البلاط الملكي.