من النظريات المفسرة للقيادة Leadership: نظرية التشاركية Participative theory التي تسمى أيضا نظرية القيادة الديمقراطية theory Democratic leadership، وإن كانت أقل شيوعا في مجالات الأعمال، وتقوم على أن الموظفين يشاركون بشكل مباشر في صنع القرار في منظماتهم. ويقوم القائد بدور تسهيل النقاشات وجمع الآراء ثم يأخذ جميع الاقتراحات ويخرج بأفضل إجراء ممكن. في هذه النظرية، يشارك الجميع بشكل كبير في اتخاذ قرارات الفريق والمنظمة، حيث يساعد القائد ببساطة في توجيه المسؤولية. في نظرية المعرفة التشاركية يتم تفعيل المعنى من خلال مشاركة العقل البشري مع العالم، وقد اقترح ذلك العالم يوهان جوته Goethe. وتعود جذور نظرية القيادة التشاركية إلى الثلاثينيات من القرن الماضي، تعرف بتجربة هوثورن Hawthorne Works في إلينوي في الولايات المتحدة من قبل Elton Mayo وآخرين. كانت التجربة تهدف إلى إيجاد طرق لتحسين إنتاجية مصنع، رغم أن النتائج تتعلق أكثر بالتحفيز. وظهرت نتائج هذه التجربة في الخمسينيات، عندما قام الباحث هنري أ. لاندسبيرجر بفحص التجارب الأصلية التي قادها مايو. ووجد أن إنتاجية العمال زادت أثناء المشاركة في التجربة، لأنه كانت تتم ملاحظتهم. ويؤكد كراني Crane أنه عندما يشعر الموظفون بالدعم من خلال الملاحظة والمشاركة، فإنهم يكونون أكثر رضاء وبالتالي تزيد الإنتاجية. كما يمكن ربط هذه النظرية بسلم ماسلو للحاجات 1943 من خلال نظرية الدوافع البشرية، حيث إنها تلبي الاحتياجات الأساسية "النقص" ودوافع النمو من خلال تلبية تلك الاحتياجات.
آلية عمل نظرية التشاركية في القيادة، أن يقوم القائد بتسهيل النقاشات، ومشاركة المعلومات والمعارف اللازمة لاتخاذ القرار، كما يشجع القائد المشاركين على إبراز أفكارهم بلا قيود، مع القيام بجمع كل المعلومات والحلول المتاحة التي اقترحها الفريق، ثم يأتي القائد بأفضل حل ممكن ويعيد توصيله للمجموعة. وفي هذه الحالة، فإن صنع القرار لا يخرج من أحد أربعة أشكال، هي: القرار الجماعي Collective، القرار الديمقراطي Democratic، والقرار الاستبدادي الأوتوقراطي Autocratic، والإجماع في صنع القرار Consensus.
نمط القرار الديمقراطي والاستبدادي للقيادة التشاركية يتشابه إلى حد كبير، لكن الاختلاف في أن القيادة الأوتوقراطية أكثر توجها نحو الهدف، أي للحصول على النتائج والوفاء بالمواعيد النهائية، بينما القيادة الديمقراطية تكون أكثر توجها نحو الفريق وموجهة نحو الجودة. ومن هذا فإن ميزة اتخاذ القرار الاستبدادي على الديمقراطية هي أنه يتم الحصول على النتائج بشكل أسرع.
أصبح نموذج القيادة التشاركية رائجا للغاية هذه الأيام مع قيام عديد من المؤيدين بالترويج لمزاياه، وتشمل: شعور جميع أعضاء الفريق بالتقدير والتحكم في صنع القرار، ميل الفريق إلى الأداء بشكل أفضل لأن الأعضاء أكثر التزاما بتحقيق أهداف وغايات المنظمة، ويكون أداء الفريق جيدا حتى في حالة غياب القائد، ويسهم في زيادة معنويات المجموعة والحد من التنافسية. كما أن هناك عددا من العيوب الخطيرة التي يجب مراعاتها أيضا، ومنها: شعور الأعضاء بالضغط الاجتماعي للتوافق مع هيمنة المجموعة، وقد يستغرق اتخاذ القرار وقتا طويلا، وارتفاع التكاليف غير الضرورية، نقص أو انعدام الكفاءة، والتردد.
تعمل القيادة التشاركية بشكل أفضل في البيئات ذات الضغط المنخفض وغير المعرضة عادة للتحولات السريعة. بسبب أن هذا النوع من القيادة يستغرق وقتا، خاصة إذا كنت تطبق مع فريق أو منشأة كبرى. لا يحدث بالضرورة الحصول على مدخلات أو آراء الجميع على الفور، لذلك يجب أن يكون القادة الديمقراطيون مستعدين للتأخير قبل أن يتمكنوا من اتخاذ أي إجراء حاسم.
نقلا عن الاقتصادية