ما ان وقعت عيني علي خبر قرب إنتاج وتسويق الهيدروجين السعودي بأنواعه الأخضر والأزرق والمنتجات التي يدخل في تصنيعها حتي قفز الي ذهني علي الفور روايه من الأدب الفرنسي كتبت قبل اكثر من مائه وأربعون عام وتحديدا في سنة ( 1874 م ) والمسماه ب " الجزيرة الغامضة للكاتب الفرنسي" جول غابرييل فيرن "Jules Verne " والذي يعد مؤسس مدرسة أدب الخيال العلمي منذ ظهوره بالقرن التاسع عشر , حيث جاء من ضمن روايته النص التالي :- " إنني اعتقد ان الماء سوف يستخدم في يوم من الأيام كوقود , الماء هو فحم المستقبل " , والتي من المؤكد انه لم يكتبها من نسج خياله بل استشرف المستقبل مثلها مثل روايته " من الأرض إلى القمر" التي كانت بمثابه تنبؤات عن محاولات البشر للسفر إلى القمر وكذلك روايته "20 ألف فرسخ تحت سطح البحر" التي توقعت إكتشاف الإنسان لأعماق البحار والمحيطات.
ومع احتمال ان عدد من خبراء الطاقه و الفضاء استلهموا من تلك الروايات ابحاثهم العلميه حتي جاء ذلك اليوم الذي تم فيه اختراع المركبات الفضائية و استخدمت بالفعل مايعرف بالهيدروجين او كما يحلو للكثيرين بتسميته " الوقود الأبدي" والذي يعد وقودا نظيفا ينتج عن احتراق بخار الماء متحدا مع الغاز دون أن يبعث غازات سامة سواء من أول أكسيد الكربون أو ثاني أكسيد الكربون لكن يبعث آثارا نظيفا من أكسيدات النيتروجين , هذه ويتم انتاجه آما بالتحليل الكهربائي (électrolyse) أو بالتحليل الضوئي أو الفلطائي (photoélectrolyse) أو بالتفكيك الحراري الكيميائي (dissociation thermochimique) .
ناهيك عن مايتميز الهيدروجين من خاصيه انعدام التلوث باعتباره طاقه " نظيفه " لأن احتراقه لا يبعث غاز الكربون (CO2) علاوه علي ميزة الديمومه باعتباره لا " ينضب " مع ضروره التوضيح ان الهيدروجين لا يوجد كمادة مستقلة بمفردها في الطبيعة بل يوجد عنصرا متحدا مع عناصر أخرى في الماء وفي الطاقات الأحفورية والمقصود بها الهيدروكاربورات ( النفط والغاز والفحم ) والتي ينتج عنها 90% من كميات الهيدروجين بالفتره الراهنه.
ويجدر التذكير بأن أول من استخدم مصطلح اقتصاد الهيدروجين The Hydrogen Economy الذي اتخذت منه اقتباسا لعنوان للمقال الماثل بين ايديكم الكريمه , هو عالم الكهروكيمياء المولود في جنوب إفريقيا "جون بوكريس" وذلك في عام 1970 في كتاب نشره بذات العنوان "اقتصاد الهيدروجين” حيث وصف فيه كيف يمكن أن يكون مستقبل العالم الذي يعمل بالطاقة الهيدروجينية.
ثم تلي ذلك بسنوات عديده صدور كتاب عام 2002 م للمؤلف الامريكي "جيريمي ريفكين " وعنوانه ايضا “اقتصاد الهيدروجين” والذي يرى بأن الهيدروجين سوف يوفر بديلاً نظيفاً غير سام وبانتاج يتميز بالوفره لمدة طويله حيث يؤكد أن مستقبل الطاقة من خلال الوقود التي تعمل بالهيدروجين.
ومنذ ذلك والابحاث تجري علي علي قدم وساق في كل مايخص الهيدروجين الذي يعد بلا شك موضوع الساعة الذي يشغل العلماء وحتي الشركات الكبري خاصه في قطاع الطاقة حيث يعد بمثابه البديل المستقبلي للطاقة النووية والنفطية معا , حيث سارعت اليابان بافتتاح وحدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالقرب من مدينة فوكوشيما بغرض توفير الوقود الهيدروجيني سواء للمركبات أو للمنشآت , كما تعد فرنسا وألمانيا وبلجيكا وسويسرا أكثر البلدان الأوروبية استخداماً للهيدروجين في ظل جهود تقليص نسبة الكربون الضار في الهواء , حيث أطلقت ألمانيا أول قطارات تعمل بالهيدروجين في العالم بل وانشات محطات التزود بوقود بالهيدروجين في مختلف ارجاء المانيا كما اطلقت سويسرا مايزيد عن ألف شاحنة تعمل بوقود الهيدروجي .
وبما أن الواقع الفعلي يشير بانه لا يوجد تطور أو تميز بالعالم أو حتي طموح يلوح بالآفاق إلا وتجد المملكة تتسابق للوصول إليه بل والفوز به خاصه بمجال الطاقه وذلك عبر العمل على مواكبة التطورات او حتي خلق حلول مبتكرة للانتقال من مصادر الطاقة التقليدية إلى مصادر الطاقة الجديدة بهدف توفير طاقة مستدامة ونظيفة وعليه تم وضع خطط طموحه للتفوق بالمجال الهيدوجين سواء بالانتاج و والتصدير وحتي التخزين , كما تم تخصيص ميزانية ضخمه لإنتاج هذا الوقود المستقبلي خاصه وان التقديرات الأوليه تشير بان حجم السوق المتوقع له عالميا يفوق ال ( 700 ) مليار دولار و من المأمول أن ستحوذ السعوديه علي حصه كبيره من سوق الهيدروجين و تصبح أكبر مصدر للهيدروجين في العالم , خاصه وان بها احتياطيات ضخم من الغاز الطبيعي تمكِنها من إنتاج " الهيدروجين الأزرق" وكذلك تخطط لتوليد الهيدروجين من الطاقة الشمسية والمعروف ب "الهيدروجين الأخضر" وذلك عبر بناء مصنع بقيمة 5 مليارات دولار في مدينة نيوم المستقبلية على البحر الأحمر ومن المتوقع حسب راي الخبراء أن يكون أكبر مصانع الهيدروجين النظيف في العالم عند افتتاحه عام 2025 اذا يعمل بطاقة الشمس والرياح خاصه وان الاقتصاد السعودي حسب راي المختصين يملك ميزات تنافسية ضخمه من حيث وفرة الامدادات المنبعثه من طاقة الشمس والرياح وكذلك مساحات واسعه من الأراضي البيضاء إلى جانب أن سعر تكلفة الهيدروجين في السعودية لن تزيد عن 1.5 دولار فيما قدر عالميا بتكلفه قد تصل إلى 5 دولارات.
وطبعا لم يبقي للتذكير سوي ... بان تقنيات إنتاج واستخدام الهيدروجين كما تشمل تشغيل المحركات بالمصانع او وسائل النقل المتعدده (سيارات , شاحنات , قطارات سفن, طائرات, مركبات فضائيه ) , كذلك يمكن استخدام مايعرف ببطاريات الهيدروجين بشحن حتي الإلكترونيات الصغيرة والمحمولة عبر مايعرف ب " الميني بطارية " التي من المتوقع لها ان تدوم لسنوات عديده , حيث كشفت جامعة أوسلو بدولة النرويج عن أول بطاريات حرارية (PAC) صغيرة لحجمها الذي لا يتعدي 1 ملم مكعب تعمل على الهيدروجين وتدوم لمدة تترواح ما بين 10-20 سنة.
هذه كما بدات شركة آبل تخطط بالفعل لإيجاد مصدر حديث للطاقة يستخدم فيها الهيدروجين مما يجعل بطارية الأجهزة المحمولة قادرة على العمل المتواصل بدون شحن , هذه و علي الصعيد الشخصي اتطلع بحماس الي اليوم الذي يمكن ان استغني عن شحن الاجهزة والهواتف المحموله من حين الي لاخر عدت مرات في اليوم الواحد ولعل ذلك اليوم قريب, حيث يتم ذلك عبر موصل بطارية على شكل إسطوانة طويلة مغمورة بإحدى نهايتيها فى الماء و الأخرى تعلو الماء و بها خلية ضوئية تعمل بفضل التحليل الكهربى للماء الذي يتمكن من فصل الأكسجين عن الهيدروجين حتي يمكن إستخدامه كمصدر نظيف ودائم للطاقة.
ختاما .. هل تكون بطاريات الهيدروجين الحل المنشود لمشاكل الشحن بالقريب العاجل لكافه احتياجات توليد الطاقه بمختلف مستوياتها واستخداماتها وتكون بمثابه المحرك الابدي لكل شئ أو كما يقال باللهجة المحكيه الدارجه عند رجل الشارع :- من الأبرة ... إلي الصاروخ.
خاص_الفابيتا
يعطيك العافية على المقال الممتع والثري بالمعلومات. جميل ان نكون متفاعلين مع هذه التغيرات الحادة في اسواق الطاقة ونكون جزء منها طالما لدينا الان ويندو اوف ابورتيونتي مثل مايقولون. لكن اعتقد انتقال البطاريات للهيدروجين في الاجهزة الشخصية سيستغرق وقت وجهد لان الموضوع يتطلب بحث ثم تجارب ثم جدوى اقتصادية ثم صراع سوقي لتغيير المنتج القائم وهذا كله قد ينجح او لا ينجح خصوصاً ان اللثيثوم يتسيد المشهد الان والاستثمارات الي تم ضخها فيه كبيرة جداً.