برنامج شريك وتعميق الاستثمارات

06/04/2021 0
فواز حمد الفواز

برنامج شريك نوعي توجها وحجما، خاصة أنه جاء كتوجه قيادي بقيادة ولي العهد، التوجه محاولة إيجاد صيغة أكثر دقة في تعاون القطاعين والتكامل بين الشركات الحكومية وقطاع الأعمال بهدف تركيز الاستثمارات النوعية لتحقيق نمو حقيقي، وحجما في تعويض النقص في الاستثمارات كنسبة من المصروفات العامة والدخل القومي الإجمالي. مقال واحد لن يستطيع أن يعطي البرنامج حقه، لذلك سأكتفي ببعض الملاحظات، فمثلا أحد عناصر الخطة المالية توفير أموال للاستثمارات من خلال الحد من التوزيعات. في خطة طموحة لا بد من حلول غير عادية، الخطة الاستثمارية تستهدف 27 تريليونا. فمثلا توزيع خمسة تريليونات ريال على مدى عشرة أعوام "133 مليار دولار سنويا" مهم كتعبير عن التوجه، مبلغ يعادل حاليا مستوى فاتورة الرواتب تقريبا وليس بعيدا عن حجم الميزانية العامة قبل عقود قليلة.

الخيار لدى الشركات اعتيادي في التصرف نحو "النقد الحر" الذي عادة يعرف بأنه المتوافر بعد الاستثمارات الضرورية لاستمرار أعمال الشركات. لذلك مصدر توافر هذه الأموال سيكون غالبا من النقد الحر لدى الشركات الحكومية، أو تلك لدى الحكومة ملكية مؤثرة، أو تلك التي ترغب في التعاون والتكامل مع التوجهات الجديدة ربما لأسباب تجارية. توجيه النقد الحر حتى الاقتراض الحصيف نحو الاستثمارات المجدية، توجه حميد وداعم أساس للنمو. أحد خيارات التعامل مع النقد الحر إما توزيعه للملاك، وإما الاستثمارات. أرامكو أهم شركة حكومية، خاصة أن حصة الملاك الجدد بعد الطرح العام الناجح أقل من 2 في المائة، والشيء نفسه بدرجات أقل لـ"سابك" (إحدى شركات أرامكو)، وشركة الاتصالات وشركة الكهرباء والنقل البحري، وربما المراعي وشركات أخرى. حصة الحكومة من التوزيعات كانت تذهب للميزانية العامة، ما يجعل تسخيرها للاستثمار أقل وضوحا، لكن التوجه الجديد يركز الأذهان في التفريق بين الاستثمار والاستهلاك، ويوضح مدى الاهتمام بالاستثمارات العامة.

للخطة عدة عناصر منها التغير في الفكر نحو التوجه للتكامل كأحد معالم Saudi Inc، ومنها الاعتماد على المصادر الداخلية بنحو 90 في المائة، وهذا لا يعني عدم الاهتمام بالاستثمار الأجنبي لكنه أكثر تذبذبا تاريخيا، ومنها التوازن بين الرفاهية والاستثمار، فحجم الاستهلاك مصدر مستقر للأعمال الخاصة، ومنها الحاجة إلى التفريق بين البنية التحتية والاستثمارات الرأسمالية، خاصة أن الاستثمارات الرأسمالية أصبحت أصعب في التعريف بعد تنامي دور الخدمات واللوجستيات والمعرفة البشرية في قطاع الخدمات وسلاسل الإمداد، كذلك هناك نزعة تاريخية نحو قطاع الإنشاءات القليل في القيمة المضافة، أيضا أعلن دعم الشركات التي تتعاون مع تعميق الاستثمارات.

كذلك أتى دمج بعض المصارف ليصب في تسخير المال الوطني لخدمة التحديث من خلال استثمارات مجدية ودقيقة، خاصة أن للصناعة المالية دورا أساسيا، لكنه مختلف ويتطلب معاملة أكثر دقة وحساسية.

لدى المملكة تجربة جيدة في قيادة الاستثمارات واستقبال الاستثمارات الأجنبية، لذلك فرص نجاح التوجه الجديد قوية، وطريق معتاد لدول سبقتنا مؤسساتيا في توجيه الاستثمارات تصنيعيا بغرض التصدير والمنافسة الداخلية بين الشركات الوطنية، خاصة أن المصروفات على الاستهلاك لدينا لا تزال قوية. أخذت المملكة بقيادة ولي العهد خطوة جبارة نحو دمج وتعظيم المصادر البشرية والمالية والإدارية في اقتصاد جديد مركزه الاهتمام بالاستثمارات النوعية، جوهريا وضمنيا ينادي التوجه الجديد بالتكامل والتعاون بين القطاعين العام والخاص. لا بد للحكومة أن تقود، لكن النجاح مكفول بإيجاد صيغة مناسبة لدور القطاع الخاص.

 

نقلا عن الاقتصادية