امتثال «أوبك +» الأفضل حتى الآن

18/03/2021 0
د. نعمت أبو الصوف

كشف التقرير الشهري لمنظمة الدول المصدرة للنفط الصادر يوم الخميس الماضي، أن إنتاج "أوبك" من النفط الخام انخفض بمقدار 647 ألف برميل يوميا، خلال شباط (فبراير) الماضي، بسبب التخفيض الإضافي من السعودية، أكبر منتج للنفط في المنظمة. ووفقا لمصادر ثانوية تعتمدها المنظمة لقياس مستوى الإنتاج ودرجة الامتثال، بلغ متوسط إنتاج النفط الإجمالي 24.85 مليون برميل يوميا في شباط (فبراير) 2021، بانخفاض قدره 647 ألف برميل يوميا مقارنة بكانون الأول (يناير).

وأظهر التقرير الشهري أن إنتاج النفط الخام ارتفع في جميع أعضاء "أوبك" الثلاثة المعفيين من تخفيضات مجموعة "أوبك +": إيران، وليبيا، وفنزويلا. لكن أكبر زيادة في الإنتاج جاءت من نيجيريا، التي عززت الإنتاج بمقدار 161 ألف برميل يوميا إلى 1.488 مليون برميل يوميا. في حين ارتفع إنتاج النفط الإيراني بنحو 35 ألف برميل يوميا فقط وزاد إنتاج ليبيا بنحو 33 ألف برميل يوميا إلى 1.186 مليون برميل يوميا. وارتفع الإنتاج أيضا في العراق، ثاني أكبر منتج في "أوبك"، بنحو 59 ألف برميل يوميا إلى 3.898 مليون برميل يوميا. وتعوض تلك الزيادات عن جزء من خفض الإنتاج الطوعي الذي تعهدت به المملكة والبالغ مليون برميل في اليوم، إضافة إلى حصتها من التخفيضات في مجموعة "أوبك +".

بالفعل، أتاح خفض الإنتاج الكبير الأحادي الجانب من جانب المملكة لمجموعة "أوبك +" تحقيق أعلى معدل امتثال حتى الآن من تخفيضات إنتاج النفط التي بدأت في تنفيذها في أيار (مايو) الماضي. لقد خفضت المملكة إنتاجها بمقدار 979 ألف برميل يوميا في شباط (فبراير) الماضي، وبما يتماشى تقريبا مع تعهداتها بإجراء خفض أحادي إضافي بمقدار مليون برميل يوميا. وقد مكن ذلك تحالف "أوبك +" من الوصول إلى أفضل معدل امتثال للمجموعة حتى الآن والبالغ 112 في المائة لهذا الشهر.

وكان شباط (فبراير) أيضا الشهر الأول الذي التزمت فيه روسيا - المنتج الكبير الآخر في المجموعة - بالاتفاق بصورة كاملة، حيث كان إنتاجها دون الحد الأقصى للإنتاج المتفق عليه البالغ 9.184 مليون برميل يوميا بمقدار 14 ألف برميل في اليوم، وبذلك حققت معدل امتثال بنسبة 101 في المائة للشهر. نتيجة لتخفيض المملكة الأحادي الجانب، أنتجت روسيا 1.03 مليون برميل في اليوم أكثر من السعودية في شباط (فبراير)، رغم أن الدولتين قد بدأتا في تنفيذ الاتفاقية من معدل إنتاج مماثل يبلغ 11 مليون برميل في اليوم مع خفض متساو للإنتاج بمعدل 1.88 مليون برميل في اليوم.

إجماليا، خفضت مجموعة "أوبك +" نحو 7.98 مليون برميل في اليوم في شباط (فبراير)، بزيادة 604 آلاف برميل في اليوم عن كانون الثاني (يناير)، وفقا لحسابات "إنرجي إنتليجنس"، وهي واحدة من ستة مصادر ثانوية تستخدمها "أوبك" لقياس التزام أعضائها بتخفيضات الإنتاج. لقد عزز التخفيض الإضافي في الإنتاج - رغم أنه إلى حد كبير نتيجة للإجراء الأحادي من قبل المملكة - الحجة القائلة: إن مجموعة "أوبك +" أصبحت القوة المهيمنة في أسواق النفط العالمية. وينبغي أن يعزى إليها معظم الفضل في الانتعاش القوي في أسعار النفط من المستويات المتدنية الكبيرة التي كانت عليها في آذار (مارس) ونيسان (أبريل) من العام الماضي. لكن الزيادة في الامتثال وسعت التباين الحالي داخل التحالف، حيث يتحمل أعضاء "أوبك" - بقيادة المملكة - معظم عبء تخفيضات الإنتاج مقارنة بالأعضاء من خارج "أوبك"، على وجه التحديد، بلغت نسبة الامتثال لشباط (فبراير) لأعضاء "أوبك" 124 في المائة، وهي أعلى نسبة حتى الآن. لكن امتثال المنتجين من خارج "أوبك" بلغ 91 في المائة فقط، وهو أدنى مستوى منذ أيار (مايو).

تضم مجموعة "أوبك +" 23 دولة، لكن 19 دولة فقط لديها قيود على خفض الإنتاج. ومن بين هؤلاء، عشرة أعضاء في "أوبك". ثلاثة أعضاء آخرون في "أوبك": إيران، وليبيا وفنزويلا، ليس لديهم حصة، وينطبق الشيء نفسه على المكسيك من خارج "أوبك".

رغم أن إنتاج روسيا كان دون السقف المحدد، إلا أن كازاخستان وسلطنة عمان - ثاني وثالث أكبر المنتجين خارج "أوبك" - شهدتا زيادة في الإنتاج. حيث أنتجوا معا نحو 191 ألف برميل في اليوم فوق أهدافهم المحددة في الاتفاق، وهو يمثل الجزء الأكبر من عدم امتثال منتجي المجموعة غير الأعضاء في منظمة "أوبك" لشباط (فبراير) والبالغ 239 ألف برميل في اليوم.

حيث بدأت كازاخستان زيادة الإنتاج في حقل تنجيز العملاق بنسبة 20 في المائة في شباط (فبراير) إلى 79 ألف طن متري يوميا، أو 625.7 ألف برميل في اليوم، وفقا لبيانات وزارة النفط في البلاد. هذا الارتفاع وضع إنتاج كازاخستان عند 1.55 مليون برميل في اليوم، ما أدى إلى معدل امتثال بنسبة 56 في المائة فقط. في غضون ذلك، أنتجت عمان 68 ألف برميل في اليوم فوق سقفها البالغ 732 ألف برميل في اليوم. تظهر بيانات الشحن المستقلة وإحصاءات الاستيراد من الدول الآسيوية أن عمان اتبعت سياسة تصدير حازمة في الأشهر الأخيرة. يعتقد بعض المحللين أن هذا يعكس الجهود المتضافرة التي تبذلها عمان للدفاع عن حصتها في السوق، ولا سيما في الصين، وتعزيز الإيرادات لتمويل مشاريع البنية التحتية الكبيرة وتلبية مدفوعات الديون المستحقة.

بالنظر إلى المستقبل، يتوقع عديد من المحللين أن مجموعة "أوبك +" ستحافظ على نهج تدريجي لزيادة الإنتاج ومراقبة السوق، مع ارتفاع معدلات التطعيم ضد فيروس كورونا وخروج الاقتصادات من حالة الركود الوبائي. من المتوقع أن تعتمد مجموعة "أوبك +" هذا النهج في اجتماعهم المقبل في نيسان (أبريل).

في هذا الجانب، قال الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي خلال رئاسته الاجتماع الـ 14 لمجموعة "أوبك +"، "قبل أن نأخذ خطوات إضافية دعونا نتأكد من أن الضوء الذي نراه في الأفق ليس زائفا، والطريق الصحيح الآن هو الاستمرار في جهودنا، وتكون لدينا خطط طارئة واحتياطية في حالة حدوث أمور غير متوقعة".

 

نقلا عن الاقتصادية