الصحة والمال وراحة البال ثلاثي صعب التحقيق وإن كان مترابطاً وسيلةً وغاية، لأن الإنسان يسعى إلى المال بهدف المحافظة على الصحة والحصول على راحة البال، ولكن كثيراً ما يحدث العكس في مُعترك الحياة المختلف عن الآمال والنظريات، فالمال والصحة وراحة البال تشبه ثلاث كُرات طائرة فوق رأس الإنسان وعليه أن يمسكها كلها في وقتٍ واحد ولعددٍ لا يُحصى من المرات وبعدد معارك الحياة التي عليه أن يواجهها لتحقيق هدفه، على ما يعتقد، المشكلة هنا أن المال كالماء المالح كلما شرب منه زاد الظمأ ورغب في المزيد من الشرب، ثمن هذا يدفعه غالباً من صحته وراحة باله، فهو في طمع وخوف على ماله، والعصر الحديث خادع بارع في إتاحة المزيد من المتع الوهمية التي يحققها الثراء ومن الفرص للحصول على المزيد من المال، كثير من الناس هنا يواصلون الركض مجذوبين ببريق المال الذي قد يخطف البصائر والأبصار، ويفرحون وقتياً بالوصول إلى مزيدٍ من الأرقام والمال، ثم يدرك كثير منهم أنهم كانوا يطاردون السراب، خاصة إذا مضى قطار العمر، وذهب الشباب والقدرة على الاستمتاع بالمال، تلك القدرة التي أجلوها وجيروها لجمع المال، والذي ليس لجمعه نهاية، كما أنّ الاستمرار في الركض نحوه محفوف بمختلف المخاطر والخسائر،في كل الأحوال غالباً ما تُحدث تلك المعارك عدداً من الإصابات والجروح الداخلية من ضغط وسكر، قلق وقولون، أرق وكوابيس، تحقق المال وذهب الشباب والصحة وراحة البال في خبر كان..
قد لا يُدرك هذا كثيرون إلا بعد فوات الأوان.
نقلا عن الرياض
مقال جميل وحكيم