مواكبة التقدم التقني العالمي أحدثت ثورة في أنظمة المدفوعات النقدية، وأصبحت المعاملات المالية تتم بشكل سريع ومستقل عن توافر العملات النقدية في المعاملات، وهذا أحد مؤشرات التطور في أنظمة المدفوعات النقدية التي وصلت إلى العملات المشفرة Crypto Currency والعملات الرقمية Digital Currency وغيرها من المصطلحات التي تطلق على نظام اقتصادي عالمي جديد بحاجة إلى تشريعات للحوكمة، وأدوات للرقابة لضمان عدم استغلال هذه الثروات فيما يسيء للبشرية. تذكر الدراسات أن الطلب على العملة الرقمية بيتكوين Bitcoin يأتي بشكل أساسي بسبب دعمها اللامركزية التنظيمية والقدرة على إخفاء الهوية، وانخفاض تكاليف المعاملات، واستخدامها في المعاملات غير القانونية وكأداة مالية للاستفادة من تقلب أسعارها أو لتنويع المحفظة. هل بدأ العالم بالتحول من الاقتصادات المعتمدة على العملة القانونية الحالية legal tender إلى العملة الافتراضية virtual currency؟
يشير مصطلح العملة الافتراضية إلى وسيلة تبادل تجاري موجودة بالكامل في شكل غير ملموس intangible وهي ليست عملة ملموسة كالعملات الورقية أو الأشكال المرتبطة بها، لكنها تقوم مقامها. تذكر الدراسات أن القيمة السوقية للعملات المشفرة تزيد على 275 مليار دولار، حجم التداول على مدار 24 ساعة يقارب 18 مليار دولار. تسيطر عملة Bitcoin على سوق العملات المشفرة بنحو 45 في المائة من حجم حصة السوق والقيمة السوقية البالغة 142.2 مليار دولار.
يرتفع معدل استخدام العملات الافتراضية كل يوم، ومن الأمثلة على ذلك: نقاط المكافآت الخاصة ببطاقات الائتمان وأميال الطيران وعملات ألعاب الفيديو عبر الإنترنت. وهذا يعطي الشركات مزيدا من الدوافع للبحث عن طرق وابتكارات جديدة لزيادة المبيعات. وهنا جدير بنا معرفة أهم الامتيازات التي تتصف بها العملات الرقمية. ومنها سهولة الحصول على العملة الرقمية من خلال الإنترنت، فلا توجد تنظيمات محلية تحد انتقال واستخدام العملة الرقمية بين الدول. تتصف المدفوعات الرقمية بالعملة الافتراضية بأنها سريعة في الانتقال ولا تحتاج إلى معلومات عن المستفيد سوى عنوان المحفظة التي ستتوجه إليها تلك العملة. تتسم كذلك بسرعة التسويات المالية، حيث إن العمليات تتم بمجرد إنشائها ولا تحتاج إلي وقت واعتمادات قد تتسبب في تأخيرها، أو أي تدخل خارجي، وبأقل الرسوم. من أهم ما يميز العملات المشفرة وقد يكون من أعلاها خطورة هو سرية بيانات المنشئ والمستقبل، حيث لا يمكن الاطلاع على بيانات طرفي العملية وهذا قد يكون من أهم مواطن التخوف عالميا من البدء باستخدام هذه العملة في العمليات غير الشرعية. في المقابل، فإن عيوب استخدام العملات المشفرة تأتي من خلال صعوبة فهم الأساس العلمي خلف نشوء هذه العملة، ما قد يجعلها استثمارا خاسرا لعديد من المبتدئين. احتمال فقد بيانات العملة الرقمية المشفرة يعني عدم إمكانية استعادة المبالغ فيها إطلاقا. الخطأ في العملات الرقمية لا يمكن تصحيحه، فعند إجراء المعاملات المالية بالعملات الرقمية لا يمكن عكس العمليات أو استعادة المبالغ المدفوعة.
ستواجه العملة الرقمية صعوبات في الانتشار بين الناس، لكن التقدم العلمي السريع سيجعل منها الأداة الوحيدة والمسيطرة على العالم، وستنخفض قدرة الجهات الرقابية في تتبع ومراقبة العمليات المالية، وهذا من أهم ما يجب أن ينظر إليه في المستقبل.
نقلا عن الاقتصادية
