في نهاية الأسبوع الماضي، سجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط وخام برنت ثالث ارتفاع أسبوعي لها على التوالي. كانت العوامل المحفزة وراء المكاسب هي التكهنات أن "أوبك" وحلفاءها سيبقون الإنتاج تحت السيطرة، والتفاؤل بشأن التجارب الناجحة للقاح فيروس كورونا. لكن انتشار الفيروس وارتفاع عدد الإصابات أسهم في كبح جماح المكاسب.
بالفعل، أدت الأخبار عن توصل شركة فايزر Pfizer إلى لقاح فعال إلى ارتفاع أسعار النفط، حيث عادت أسعار خام غرب تكساس الوسيط القياسي إلى ما يزيد على 40 دولارا للبرميل. حيث ارتفعت أسعار النفط بنسبة 10 في المائة يوم الإثنين، التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر)، بعد أن أعلنت شركتا فايزر وبيونتك Pfizer and BioNTech فاعلية 90 في المائة من لقاح فيروس كورونا الذي توصلت إليه الشركتان. الإثنين الماضي، قفزت الأسعار مرة أخرى بعد أن قالت شركة مودرنا Moderna الأمريكية: إن لقاحها التجريبي ضد فيروس كورونا فعال بنسبة كبيرة وربما يمنع الإصابة بالمرض. فقد أكدت مودرنا أن تحليل تجارب المرحلة الثالثة أظهر فاعلية اللقاح بنسبة 94.5 في المائة، وأعطى أول إثبات سريري أنه قادر على منع الإصابة بالفيروس.
لقد كان كل من خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت من أفضل السلع أداء منذ إعلان شركتي فايزر ومودرنا تقدما في اللقاحات. ومع ذلك، فقد فشلت هذه الأخبار الصعودية في تحقيق طفرة أكبر، ذلك أن نشوة السوق الأولية بأن اللقاح يمكن أن يسير بخطى سريعة نحو الموافقة تراجعت أمام الواقع القاتم على المدى القريب، حيث لن يكون اللقاح متاحا على الفور لكثيرين في العالم. تم استبدال الآمال طويلة المدى للقاح فيروس كورونا بالأساسيات الضعيفة على المدى القصير وآفاق سوق النفط. حيث من المقرر أن يؤدي الإغلاق المتجدد في الاقتصادات الأوروبية الكبرى، الإجراءات الأكثر صرامة، وتزايد الإصابات بفيروس كورونا في جميع أنحاء الولايات المتحدة إلى انخفاض الطلب على النفط في الربع الأخير من العام وتأخر تحقيق التوازن في أسواق النفط.
مع تزايد التوقعات بطرح اللقاح، ربما بعد منتصف عام 2021 تتطلع أسواق النفط الآن إلى المدى الأقصر، ما مقدار الطلب على النفط الذي قد يتأثر بالموجة الثانية ومدى استعداد مجموعة "أوبك +" للتضحية فيما يتعلق بإنتاج النفط وعائدات النفط من أجل مساعدة تعافي الطلب الهش على النفط على العودة إلى المسار الصحيح.
أدت أخبار لقاح فايزر إلى ارتفاع أسعار النفط في التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر)، لكن تقرير التزام المتداولين للأسبوع المنتهي في العاشر من تشرين الثاني (نوفمبر) أظهر أن معظم الارتفاع في المراكز التصاعدية في أسواق النفط كان نتيجة تغطية مراكز البيع بدلا من أي تفاؤل متجدد بشأن آفاق النفط على المدى القصير. حيث كانت صناديق التحوط ومديرو الأموال الآخرون مشترين صافين لما يعادل 114 مليون برميل في عقود النفط الستة الأكثر تداولا، وفقا لبيانات التبادل التي جمعها محللو السوق في "رويترز". اشترت صناديق التحوط في الأغلب عقود البترول لإغلاق صفقات البيع، حيث تم شراء 89 مليون برميل في مواقع قصيرة من أصل 114 مليون برميل تم شراؤها في العقود. كانت حركة أسعار النفط في الأسبوع المنتهي في العاشر من تشرين الثاني (نوفمبر)، التي تضمنت يوم نشر أخبار لقاح فايزر، إلى حد كبير نتيجة تغطية مواقع البيع القصيرة بعد أن وضعت الصناديق كثيرا من صفقات البيع القصيرة في بداية عمليات الإغلاق الجديدة في أوروبا وقبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الأسبوع المنتهي في 3 تشرين الثاني (نوفمبر).
في هذا الجانب، قال رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك يوم 9 تشرين الثاني (نوفمبر) "لقد خفضت صناديق التحوط رهانات النفط الصعودية قبل الانتخابات الأمريكية ومع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، لم تكن مستعدة لأخبار إعلان اللقاح اليوم، ومن هنا جاء رد الفعل الصعودي القوي من خلال تغطية صفقات البيع القصيرة وزخم الشراء الجديد". وأضاف البنك، "لقد أثارت أخبار اللقاح ارتفاعا بنسبة 10 في المائة في أسعار النفط الخام، الأمر الذي دعم زيادة بنسبة 17 في المائة في صافي مركز شراء خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت إلى 420 ألف عقد، لكن لا تزال أقل بكثير من متوسط ستة أشهر عند 497 ألف عقد.
لذلك، لم يتحول المتداولون في السوق فجأة إلى مزيد من الاتجاه الصعودي للنفط، حيث إن آمال اللقاح حتى عام 2021 يقابلها الاتجاه الهبوطي على المدى القصير، بسبب عمليات الإغلاق الجديدة والتوقعات بحدوث ركود مزدوج في أوروبا على جانب الطلب، وارتفاع إنتاج النفط الليبي على جانب العرض. حيث قالت مصادر في صناعة النفط الليبية لـ "رويترز": في نهاية الأسبوع الماضي، تجاوز إنتاج ليبيا بالفعل 1.2 مليون برميل يوميا وفي غضون شهر، قد يصل إنتاج ليبيا إلى 1.3 مليون برميل يوميا. إن عودة النفط الليبي مصدر قلق متزايد لأسواق النفط ولمجموعة "أوبك +" أيضا لأن التوقعات بشأن الطلب العالمي على النفط خيمت مرة أخرى بسبب الموجة الثانية لفيروس كورونا.
في هذا الصدد، قالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها عن أسواق النفط لشهر تشرين الثاني (نوفمبر): "من غير المرجح أن ينقذ وجود لقاح فعال لفيروس كورونا أسواق النفط العالمية لبعض الوقت" وأضاف التقرير "أن الجمع بين ضعف الطلب وزيادة المعروض النفطي يوفر خلفية صعبة لاجتماع دول "أوبك+" المقرر عقده في الأول من كانون الأول (ديسمبر)". تجدر الإشارة هنا إلى أن تقرير الوكالة قد خفض تقديراتها للطلب على النفط للربع الرابع من عام 2020 ولكامل عام 2020، وكذلك للربع الأول من عام 2021.
تشير التقارير إلى أن مجموعة "أوبك +" تميل على نحو متزايد إلى تمديد التخفيضات الحالية لمدة ثلاثة أشهر، مع توقع القرار في الأول من كانون الأول (ديسمبر). لكن إلى حد كبير أخذت أسواق النفط هذا التمديد في الحسبان، لذلك من المحتمل أن يحتاج المضاربون على ارتفاع أكبر في أسعار النفط إلى أخبار داعمة من جانب الطلب في الأشهر القليلة المقبلة حتى تتجاوز أسعار النفط نطاق التداول الحالي بين 40 و45 دولارا للبرميل.
نقلا عن الاقتصادية