نجاح كبير حققته المملكة بإسدال الستار على قمة قادة مجموعة العشرين، وهو نجاح على علاقة بجوانب مختلفة، بدأ من إقامة القمة الافتراضية بكفاءة تقنية عالية، وحضور جميع القادة، ومشاركتهم بإيجابية داعمة لجهود قيادة المملكة ومكانتها، إضافة إلى مخرجات القمة التي توافق عليها الجميع، وتبنيهم للمبادرات السعودية التي أصبحت اليوم جزءًا من مبادرات مجموعة العشرين. نجاح قمة الرياض مرتبط بما خرجت به القمة الاستثنائية التي عقدت في مارس الماضي، ما يعني أن المملكة حظيت بشرف رئاسة قمتين في عام الرئاسة، وهو أمر لافت، ومن النجاحات المحققة لعام الرئاسة، خاصة بعد تعاملها باحترافية مع تداعيات جائحة كورونا الصحية والاقتصادية، لذا أشار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في كلمته إلى القمة الافتراضية الأولى ما صدر عنها من التزامات مالية ساهمت بشكل فاعل في حماية الإنسان، وتعزيز جهود البحث عن لقاح وعلاج لفيروس كورونا وتعزيز النمو العالمي وإعادة هيكلة ديون الدول الفقيرة وتأجيل الأقساط وخدمة الدين.
استعادة النمو الاقتصادي وتوفير لقاح للجميع وبعدالة وتمديد تعليق ديون الدول الفقيرة ومراجعتها بهدف النظر في شطب بعضها وفق آلية دقيقة من أهم التوصيات، إضافة إلى تبني مبادرات المملكة المهمة لإصلاح نظام التجارة العالمية، والاقتصاد الدائري للكربون، ما يعزز نجاح المملكة ومكاسبها المحققة.
ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، أكد على أن رئاسة المملكة كرست جهودها لبناء عالم أقوى وأكثر متانة واستدامة، وضرب مثلاً بالتحولات الاقتصادية التي تشهدها المملكة وفق رؤية 2030 ، وأقترح أن تعقد مجموعة العشرين قمتين واحدة افتراضية في منتصف العام والأخرى حضورية في نهايته، وهو اقتراح وجيه لتعزيز التوافق وتضييق الخلافات ومعالجة التحديات التي قد تشهدها الاجتماعات الوزارية بمساراتها المختلفة، والتركيز على المتغيرات الطارئة.
نجاح القمة عبر عنه قادة الدول وبعض المنظمات الدولية، ولعلي أشير إلى تهنئة مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، المملكة على «نجاحها في رئاستها لقمة مجموعة العشرين بهذا العام الصعب»، وتأكيدها على أن «الإجراءات الجديدة ستمنع حالات الإفلاس الهائلة ووقوع أزمة أكثر عمقاً». وهذا هو الواقع، فلو لم تبادر المملكة بعقد قمة استثنائية في مارس الماضي لتوحيد الجهود الدولية لمواجهة الجائحة، لما خرج العالم من تبعاتها المؤلمة والعميقة.
يركز البعض على نجاح القمة، دون النظر إلى النجاحات المتراكمة والمحققة خلال سنة الرئاسة، بدءًا من اقتراح الملفات الرئيسة، مروراً بالاجتماعات خلال العام، وانتهاء بعقد القمة والاتفاق على التوصيات، وقبل كل ذلك مواءمة الملفات المتفق عليها سلفاً مع المتغير الطارئ لجائحة كورونا، من قبل دولة الرئاسة.
تبني القمة لمبادرة الاقتصاد الدائري للكربون من الإنجازات المهمة، لوجاهة المبادرة وأهميتها للمحافظة على كوكب الأرض من جهة، وللخطوات العملية التي قامت بها المملكة في هذا الجانب، من جهة أخرى، ما يجعلها متوافقة مع متطلبات خفض الانبعاثات الضارة وحماية كوكب الأرض، ويسهم في الحد من إمكانية اتخاذ قرارات تحيزية ضد الطاقة الأحفورية مستقبلاً. كان لافتاً تقدم المملكة بهذه المبادرة، برغم كونها من أكبر الدول المنتجة للنفط، واعتماد اقتصادها بشكل رئيس على الإيرادات النفطية. غير أن ثقة القيادة بالمقومات المتاحة والإمكانيات الواسعة وضرورة حماية البيئة عموماً حفزها لتبني سياسات بيئية جديدة تجمع بين حماية كوكب الأرض، وفتح قطاعات استثمارية واقتصادية جديدة ومحققة للتنوع الاقتصادي، وتنويع مزيج الطاقة من خلال قطاع الطاقة المتجددة، شكراً بحجم كوكب الأرض، لكل من ساهم في نجاح هذا الحدث العالمي الكبير والاستثنائي خلال سنة الرئاسة، والقمتين، وتهانينا الصادقة لخادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين على النجاح المحقق، بتوفيق الله وبركته.
نقلا عن الجزيرة