أسهمت رؤية 2030 في رسم استراتيجية التحول والبناء وإعادة الهيكلة الاقتصادية وبما يتوافق مع احتياجات المستقبل وفق أهداف وفترة زمنية محددة، وآليات قياس منضبطة، وركزت على تنويع مصادر الاقتصاد والدخل، وتعزيز النزاهة.
من المهم المواءمة بين عمليات القياس الحكومية الدقيقة لبرامج الرؤية، وبين مخاطبة المواطنين ليكونوا على اطلاع بمخرجاتها على أرض الواقع، لذا حرص سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على مخاطبة المواطنين بلغة الأرقام لإطلاعهم على الإنجازات المحققة خلال الفترة الماضية، وبما يحصنهم من المشككين في الداخل والخارج، والحملات الإعلامية الموجهة.
استطاعت رؤية 2030 تحقيق إنجازات لافتة وفي فترة زمنية قصيرة، وهي إنجازات مهمة ونوعية بدأت في رسم التحول الاقتصادي خلال ثلاث سنوات من إطلاق الرؤية، وبدأت قطاعات السياحة والتعدين والصناعات العسكرية والبحرية، والاتصالات وتقنية المعلومات والمشروعات الكبرى كنيوم والبحر والأحمر والقدية في الظهور، ثم تلتها استراتيجية الإسكان التي ساهمت في رفع نسبة تملك المواطنين لمنازلهم لتصل إلى 60 في المئة، وخفض معدل البطالة وفق رؤية بعيدة المدى، وتعزيز الإيرادات غير النفطية المحققة للاستدامة، ومضاعفة أصول صندوق الاستثمارات العامة ليصل إلى 1.3 تريليون ريال ورفع عوائده السنوية من 2 في المئة إلى 7 في المئة مع ضخ بعض استثماراته في الداخل لتعزيز الدورة الاقتصادية والمساهمة في المشروعات الكبرى التي لا يمكن للقطاع الخاص دخولها بمعزل عن الشراكة الحكومية، والالتزام بضخ 150 مليارا في الاقتصاد المحلي وبطريقة تصاعدية بدءاً من 2021.
عندما ينمو الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 4 في المئة في العام 2019 مقارنة بـ1.3 في المئة العام 2016 فذلك المؤشر الأهم على نتائج الرؤية الإيجابية في شقها الاقتصادي، حيث يعتبر الناتج المحلي غير النفطي المؤشر الحقيقي لتحقيق هدف تنوع الاقتصاد، ولعلي أستشهد بنمو مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي من 0.3 في المئة ليصل إلى 3.6 في المئة.
الحرب على الفساد أحد أهم الإنجازات المحققة، التي تضمنتها تصريحات سمو ولي العهد، استعادة الأراضي الحكومية المنهوبة في جميع مناطق المملكة، وما يقرب من 247 مليار ريال من ثمراتها، والتي كشفت أيضاً عن فساد إداري منظم ومنتشر في بعض القطاعات الحكومية. عندما تناهز نسبة الفاقد من الإنفاق الحكومي ما يقرب من 15 في المئة سنوياً تتلقفها أيدي الفاسدين، فسينعكس ذلك على مخرجات التنمية، التي لم تتوافق يوما مع حجم الإنفاق الحكومي الضخم خلال العقدين الماضيين.. حينها كتبت في الجزيرة مقالة بعنوان «كفاءة الإنفاق لا حجمه»، أشرت فيها إلى أن التركيز على حجم الإنفاق الضخم، بمعزل عن مخرجاته التنموية لا يمكن أن يستقيم!
قد يعتقد البعض أن الإثراء كان هدف الفساد المالي الوحيد، إلا أن هناك أهدافاً أخرى لنشر الفساد المالي والإداري وفي مقدمها إظهار الدولة بمظهر العاجز عن تحقيق التنمية من بعض الفاسدين، وعدم قدرتها على معالجة بعض الأزمات التنموية، ما يسمح بتأليب الرأي العام على الحكومة سعياً وراء نزع الثقة منها. ولعلي أشير إلى الحملات الإعلامية الموجهة من الخارج والداخل، واستغلال منصات التواصل الاجتماعي لنشر الإحباط في المجتمع وتأليب الرأي العام من خلال استغلال قصور الخدمات وفشل بعض المشروعات التنموية، التي تسبب الفساد في إفشالها.
أربع سنوات سمان، مليئة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية والمجتمعية، والإنجازات التنموية والمشروعات الاستراتيجية، عنوانها التقدم والازدهار، ووقودها الإخلاص في العمل، وإطارها العام رؤية 2030 التي لا يمكن تحقيق أهدافها إلا على أرض صلبة تُحيط بها النزاهة من كل جانب.
حملة مكافحة الفساد مستمرة ويقف خلفها سمو ولي العهد ويدعمها خادم الحرمين الشريفين، ويرجع لها الفضل -بعد الله- في تطهير الأرض الحاضنة لرؤية 2030.
نقلا عن الجزيرة