الـ «حلال» بالأرقام .. قوة اقتصادية عظمى

10/11/2020 1
د. فواز العلمي

تحقيقا لمستهدفات رؤية المملكة 2030، وتأكيدا على العمق العربي والإسلامي ومكانة المملكة الجغرافية كونها محور ربط القارات الثلاث، وقعت مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، وهيئة المدن والمناطق الاقتصادية الخاصة، والهيئة العامة للغذاء والدواء، مذكرة تفاهم في الأسبوع الماضي، لإطلاق مركز ترخيص للمنتجات والأغذية الحلال في المملكة.

ونصت المذكرة على التعاون مع مركز الحلال التابع للهيئة العامة للغذاء والدواء حتى يتم الافتتاح الرسمي لفرع المركز في الوادي الصناعي في المدينة الاقتصادية، والعمل على تسهيل وتسريع الإجراءات للمستثمرين المتعلقة بالهيئة. وسيقدم الوادي الصناعي عروض أسعار منافسة لتأجير الأراضي الصناعية والخدمات والمرافق للمستثمرين المرخصين من قبل الهيئة تحت سقف مركز الحلال، وتخصيص مسارات سريعة وخيارات متنوعة من الأراضي الصناعية.

تأتي هذه المذكرة تنفيذا لقرار مجلس الوزراء الصادر في أيلول (سبتمبر) من عام 2019، والقاضي بالموافقة على إطلاق المنظومة الوطنية للتعامل مع منتجات «حلال»، حيث تتولى الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة مهمات القبول والاعتماد للجهات المانحة لشهادات «حلال»، وتتولى الهيئة العامة للغذاء والدواء اتخاذ ما يلزم لإنشاء مركز «حلال» ليكون جهة مستقلة لمنح شهادات «حلال».

وبناء عليه ستقوم الهيئتان بإلزام جميع منتجي ومصنعي المنتجات المحليين والموردين بفحص منتجاتهم للتأكد من مطابقتها للنظام وإصدار الشهادات اللازمة التي تخول تسويقها بسهولة ويسر في السوق السعودية تنفيذا لنظام المختبرات الخاصة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/3 وتاريخ 8 / 2 / 1423هـ.

ولضمان سلامة المستهلكين في المملكة من تناول المنتجات المصنعة محليا والمستوردة من الخارج تستمر الهيئة العامة للغذاء والدواء في تطبيق لائحة التدابير الصحية والصحة النباتية، الصادرة بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر برقم 85 وتاريخ 1 / 4 / 1421هـ، مع مراعاة أساليب التقييم التي أعدتها المنظمات الدولية المختصة، وهي منظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة الصحة العالمية، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، والاتفاقية الدولية لوقاية النباتات، ولجنة الدستور الغذائي المنبثقة عن منظمة الأغذية والزراعة.

وتأكيدا لهذه الخطوات اعتمدت الهيئتان مجموعة الشهادات الصادرة منها والموثقة من الجهات الرسمية، ومن أهمها شهادات الحلال ومعايير الجودة والاختبار المعملي، التي تؤكد توافر كل الشروط المذكورة أعلاه في المنتجات الغذائية المصنعة محليا والمستوردة من الخارج، وعدم فسحها إلا بعد التأكد من مطابقتها للشروط والمعايير الصادرة عن الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة.

في الدورة العاشرة لهيئة الدستور الغذائي "كوديكس أليمنتيرياس" المنبثقة عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، المنعقدة في روما بتاريخ 11 - 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، قدر إجمالي الإنفاق العالمي السنوي على قطاعات «الحلال» بنحو 4.6 تريليون دولار، ومن المتوقع أن يتضاعف حجم هذا الإنفاق في 2023 ليعادل 6.8 تريليون دولار.

وتشمل هذه الأرقام قيمة الإنفاق على قطاع الأغذية الحلال، التي بلغت 1.3 تريليون دولار، بينما وصلت في قطاع الخدمات المالية إلى نحو 2.4 تريليون دولار، التي من المتوقع ارتفاعها إلى 3.8 تريليون دولار عام 2023. كما وصلت قيمة الإنفاق في قطاع السياحة الحلال إلى 177 مليار دولار، لترتفع إلى أكثر من 274 مليار دولار عام 2023. وبالنسبة للأدوية ومستحضرات التجميل الحلال التي لا يدخل في صناعتها الكحول ودهن الخنزير، بلغ حجم الإنفاق عليها نحو 148 مليار دولار، لتزيد على 221 مليار دولار عام 2023.

وفي دراسة حديثة أخرى صدرت مطلع العام الجاري ونشرتها وكالة الأنباء الإسلامية الدولية «إينا»، توقعت الدراسة ارتفاع قيمة السوق الاستهلاكية العالمية في قطاعي السلع والخدمات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية من 6.4 تريليون دولار عام 2019، إلى عشرة تريليونات دولار عام 2030. وحسب الدراسة، فإن استهلاك تجارة الحلال يصل اليوم إلى 63.3 في المائة في الدول الآسيوية، ونحو 24 في المائة في القارة الإفريقية، ونحو 10.2 في المائة في دول الاتحاد الأوروبي، مقابل 2.5 في المائة في الأمريكتين.

وأكدت الدراسة أن سوق الأغذية الحلال تعد الأكثر نموا في سلة الغذاء العالمية، حيث تنمو بنسبة سنوية تبلغ 17 في المائة، لتتجاوز هذه الأغذية تريليوني دولار نهاية العام الجاري، وتشكل 20 في المائة من حجم الغذاء العالمي.

وفي هذا الصدد أشارت بيانات المجلس الأمريكي للأغذية الحلال، إلى أن الولايات المتحدة بدأت تدخل في نطاق الدول الأكثر إنفاقا على هذه الأغذية، حيث تضاعفت مبيعاتها خلال العقد الماضي من 10 إلى 20 مليار دولار، علما أن 80 في المائة من المستهلكين الذين يشترون علامتها التجارية "طريق الزعفران" ليسوا من أتباع الديانة الإسلامية. كما أشارت هذه البيانات إلى أن اليابان دخلت سوق المنتجات الحلال بقوة لتصبح من أهم المصدرين لهذه المنتجات وتحقق أرباحا سنوية تزيد على عشرة مليارات دولار.

ومع ارتفاع أعداد المسلمين في العالم إلى 2.2 مليار نسمة عام 2030 ستصبح منتجات «حلال» قطاعا عالميا مربحا تفوق قيمته السنوية 2.3 تريليون دولار، ليقترب من إجمالي الناتج المحلي لجميع الدول العربية، الذي يساوي 2.7 تريليون دولار عام 2020، ما يرشح هذا القطاع ليصبح واحدا من أهم القطاعات في التجارة العالمية التي تحقق نموا ثابتا في الاقتصاد العالمي.

ولا تنحصر تجارة هذا القطاع في الدول ذات الأغلبية المسلمة فقط، بل تشهد هذه المنتجات إقبالا واسعا من أتباع الديانات الأخرى كافة لتشكل اليوم 3.7 في المائة من إجمالي حجم الاقتصاد العالمي. وهذا ما يؤيد بيانات مركز المنتجات الحلال الدولي، التي أقرت بأن أكثر الدول تصديرا لمنتجات «حلال»، هي: الهند والبرازيل والنمسا والولايات المتحدة والأرجنتين ونيوزيلندا وفرنسا وتايلاند والفلبين وسنغافورة. وتبلغ حصة تلك الدول في سوق منتجات «حلال» نحو 85 في المائة، فيما تبلغ حصة الدول المسلمة 15 في المائة فقط، وتتقدمها ماليزيا وإندونيسيا، وفق بيانات المركز.

إن رواج صناعة وتصدير المنتجات والخدمات الحلال تشكل قوة اقتصادية عظمى لا بد من توطينها والاستفادة منها.

 

نقلا عن الاقتصادية