أتيحت لي الفرصة أثناء مشاركتي في ندوة بترولية في الرياض، الدعوة مع زملاء آخرين لحفل عشاء في منزل زميل شارك في الندوة أيضاً. وكانت الندوة قبل أشهر عدة (قبيل تفشي «كوفيد – 19»، حيث كان من الممكن عندئذ حضور ندوات والمشاركة مباشرة مع الزملاء وجهاً لوجه).
شارك في العشاء الابن الأكبر لصاحب الدعوة، خريج جامعي سعودي من الجامعات الأميركية. سمعت هذا الشاب يتكلم بحيوية عن مبادرة له ولأصحابه، خريجون أيضاً من جامعات أميركية وصينية، في تأسيس شركة في السعودية «شركة الاستدامة الصناعية» في مجال الصناعة التحويلية للمخلفات العضوية لإنتاج السماد العضوي والأعلاف البروتينية المستخدمة في صناعة أعلاف الأسماك.
يكمن الهدف الأساسي للشركة الفتية في تعزيز الأمن الغذائي بالسعودية، ورفع نسبة إعادة تدوير المصادر الطبيعية، بالإضافة إلى إمكانية التصدير لأسواق الهند والصين. وتعتمد التقنيات المستعملة على أحدثها في مجال البروتينات الصديقة للبيئة. وقد وصلت الشركة في الوقت الحاضر مرحلة جمع الاستثمار لإطلاق تشييد المصنع.
لفت نظري أثناء نقاش الخريج الجديد مع بقية الزملاء النفطيين المدعوين للعشاء، أهمية توجه الشباب العربي إلى تأسيس شركات خاصة تستعمل التقنيات الحديثة لمعالجة التحديات التي تواجهها دول المنطقة، كالأمن الغذائي، واعتماد هذه الشركات على الخبرات والأيدي العاملة المحلية، لدرء تكدس الخريجين في الجهاز البيروقراطي الحكومي وتقليص عدد العاطلين عن العمل في سوق العمال. كذلك اهتمامها بالتصدير إلى الأسواق العالمية للمساعدة تدريجياً مستقبلاً في زيادة الصادرات غير النفطية، بالذات مع إمكانية توقع حلول سعر النفط خلال السنوات المقبلة على معدلات منخفضة نسبياً، مع تطور صناعات الطاقات البديلة المستدامة، وازدياد تشريع القوانين في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لتقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى الصفر من عوادم السيارات ومحطات الكهرباء. وأن هذا التغيير قادم لا محالة. فالقضية مسألة وقت، لكن في أغلب الأحوال، خلال هذا القرن. وهذا الأمر سيعني انخفاضاً حاداً في الطلب على النفط، ومن ثم الأسعار. هذه التطورات الصناعية العالمية تفرض على مجتمعاتنا الولوج في اقتصادات جديدة مختلفة عن الاقتصادات المعتمدة على الريع النفطي، التي شكلت محور الاقتصادات العربية منذ منتصف القرن العشرين.
يكمن الهدف من الشركة التي تم تأسيسها عام 2018، في الاستفادة من كون السعودية منتجاً رئيسياً لمخلفات الطعام؛ وذلك بإنتاج مسحوق البروتين المركّز الذي يستخدم في صناعة أعلاف السمك والدواجن والجمبري (الروبيان)، ويحل محل مسحوق السمك المجفف. كما يستفاد منه في إنتاج السماد العضوي. والسعودية منتج رئيسي لمخلفات الطعام؛ إذ إن متوسط ما يهدره المواطن السعودي من مخلفات الطعام يبلغ 250 كيلوغراماً سنوياً مقارنة بالمعدل العالمي والذي يبلغ 115 كيلوغراماً سنوياً. وتبلغ نسبة الطعام المهدر في السعودية نحو 50 في المائة، حيث تبلغ قيمته نحو 49 مليار ريال سعودي. كما يتم هدر 14 مليون طن سنوياً من الطعام. وتبلغ قيمة نقل ودفن هذه المخلفات في مقالب النفايات نحو 360 مليون ريال سنوياً.
تهدف الشركة أيضاً إلى التوصل لإنشاء شركة تمويل سعودية متخصصة في إعادة التدوير، حيث تقوم بالاستثمار في شركات إعادة التدوير الخاصة لزيادة نسبة إعادة التدوير من 10 في المائة حتى 90 في المائة مستقبلاً.
تحقق الشركة من خلال صناعتها هذه بيئة صديقة مستدامة؛ إذ تخفض كلاً من التلوث الهوائي والأرضي والمائي. كما تهدف الشركة إلى زيادة كمية الأسماك التي يتم استزراعها في السعودية من نحو 30 ألف طن سنوياً إلى نحو 600 ألف طن سنوياً.
تخطط الشركة أيضاً لولوج الأسواق العالمية مستقبلاً، بالذات الهند والصين، حيث الطلب عالٍ جداً، وفي ازدياد مستمر، مع الارتفاع المستمر لعدد السكان، وكذلك ازدياد مستوى المعيشة.
تتطلع الشركة من خلال أعمالها هذه لتحقيق أهداف عدة من «رؤية السعودية لعام 2030»، بالإضافة لمبادرة التنمية المستدامة الخاصة بالأمم المتحدة.
نقلا عن الشرق الأوسط
رووووعة هذه المبادرات في موضوع التنمية المستدامة التي تقودها عقول وطنية وبنظرة عالمية !!.. وبمثل هذه المبادرات يفتخر وطني إن شاء الله... وهذه شهادة راقية من خبير بترولي عالمي مثل د. وليد خدوري فشكراً له على المشاركة بهذه الأخبارالراقية.