الصين.. الشراكة والاختلاف

24/08/2020 0
مازن السديري

الكل يتابع بشغف التصعيد المتبادل بين الولايات المتحدة والصين، وسط تساؤل أي المعسكرين سوف ينتصر، وما آثار ذلك؟

الصين منذ أن بدأت خطتها الصناعية الخماسية الأولى العام 91 حتى 95 حققت ناتجاً صناعياً بلغ 4 تريليونات يوان من قاعدة جداً منخفضة، وكانت تلك الخطة تعتمد على تحديث الصناعة البسيطة، ومضت الصين في خططها الصناعية حتى تجاوز نتاجها الصناعي 30 تريليوناً العام الماضي في خطتها الثالثة عشرة التي بلغت مستوى متقدماً من تخزين الطاقة ونشر شبكة الجيل الخامس، وارتفع وزن القيمة المضافة للصناعة الصينية.

هذا الحجم الصناعي الضخم للصين منحها لتكون أكبر مستهلك للمعادن مثل الحديد والنحاس بنسبة تصل إلى قرابة 50 % من الاستهلاك العالمي، وكذلك الطاقة، فمثلاً البترول؛ يصل استهلاك الصين من الحجم العالمي قرابة 14 %، هذه الأرقام توضح أهمية الاقتصاد الصيني للدول المنتجة والمصدرة للمواد الخام، وأيضاً الدول المصدرة للتقنية، فالصناعة التكنولوجية عالميًا لها ارتباط مهم وكبير باقتصاد الصين، فيبلغ متوسط مبيعات أهم قطاعات التقنية من معدات إلكترونية وشرائح إلكترونية ومعدات اتصالات للصين ما بين 35 % إلى 20 % حسب بيانات DB.

هذا كله يفسر استمرار الاستثمارات الأميركية في الصين بشكل مستمر منذ العام 2010 حتى الآن؛ متوسط هذه الاستثمارات يبلغ 12 مليار دولار سنوياً برغم الحرب التجارية، في المقابل الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة اكثر تذبذباً وانخفضت لأدنى مستوى لها في العامين الماضيين إلى دون خمسة مليارات دولار، وصار أغلبها مركزًا في الاستثمارات الجريئة بالتحديد حسب بيانات معهد Peterson.

العالم يحتاج الصين لاستمرار النمو العالمي ومحاربة الفقر وإنعاش اقتصاديات الدول الفقيرة بجوارها، وكان هذا أساس الرؤية الأميركية عندما زار الرئيس نيكسون الصين عام 73 ولقب بفاتح الصين، بأن الشراكة مع الصين سوف تساعدها في سرعة انهيار النظام الشيوعي عالمياً وتحسن الاقتصاد العالمي، وصدقت هذه الرؤية واستطاعت الصين أن تنقل أكثر من 500 مليون من مواطنيها من عالم الفقر.

الغرب بقيادة الولايات المتحدة يمتلك الكثير من المعايير التي لا تمتلكها الصين، لكنه لا يريد أن تنهار الصين مثل الاتحاد السوفيتي بل يريدها أن تبقى كشريك في النمو والتطور، لكن التخوف الغربي بأنها تطرح نفسها كقطب مقابل، والشكوك حول القدرات التجسسية لشركات التقنية الصينية والهيمنة على الدول النامية عبر طريق الحرير.

هذه الشكوك سوف تبقي التوترات على المدى القريب، لكن على المدى البعيد لغة المصالح الغربية والحكمة الصينية سوف تصل لنقاط توافق عديدة.

 

نقلا عن الرياض