يكفي البترول الموجود في العالم 49.9 (أقل من خمسين عاماً). هذا الكلام ليس أنا الذي أقوله وإنما نقلته أنا حرفياً من أشهر إحصائية لمصادر الطاقة.
الإحصائية من أكثر الإحصائيات تداولاً تصدر سنوياً في شهر يونيو منذ 70 سنة ومتاحة للجميع فكل الذي تحتاجه للاطلاع عليها ضع العنوان التالي: BP statistical review 2020 في قوقل لتحصل على الإحصائية كاملة بالمجان.
ميزة الإحصائية أنها سهلة وواضحة وشاملة لذا فهي المرجع السريع للسياسيين والإعلاميين والباحثين ولا يستغني عنها المتخصصون.
لقد كنت أنا أنتظر صدورها سنوياً منذ منتصف الثمانينات (قبل 35 سنة) في مكتبة الجامعة. ثم بعد العام 1988 في مكتبة وزارة المالية في الرياض (كان يوجد لدى وزارة المالية مكتبة تحتوي على جميع الدوريات المتخصصة في الطاقة). وأحياناً كنت أطلبها من الشركة مباشرة لتصلني بالبريد. لكن لحُسْن الحظ الآن أصبحت على النّت في متناول الجميع.
السبب الذي يجعلني أنا أذكرها هنا هو لتقديم خدمة لجميع المهتمين بشؤون الطاقة بأنواعها (خصوصاً البترول) لأنها تحتوي على معلومات لن تجدها في مكان واحد في 65 صفحة فقط (عدد صفحات الإحصائية) واضحة وشاملة بالصور والألوان.
أنا سأستعرض هنا الآن صفحة واحدة فقط (الصفحة 14) من الخمسة والستين صفحة للإحصائية الكاملة.
تحتوي الصفحة 14 من الإحصائية على الاحتياطي الكلي للبترول في العالم موزع على سبع مناطق (أميركا الشمالية، وأميركا الجنوبية، وأوروبا، والسوفييت سابقاً، والشرق الأوسط، وإفريقيا، وآسيا). وتتكون كل منطقة من عدة دول، أمام كل دولة مقدار الاحتياطي للبترول ويكفي كم سنة (العمر الزمني) حسب الإنتاج الحالي للدولة.
وفقاً للصفحة 14 من الإحصائية يبلغ إجمالي احتياطي البترول المؤكد في العالم 1.73 تريليون برميل في بداية العام الجاري 2020. ويوجد هذا الاحتياطي في 50 دولة رئيسة منتشرة في أنحاء العالم. وحوالي نصف (48 %) من إجمالي احتياطي البترول المؤكد في العالم يقع في شبه الدائرة المُحيطة بالخليج العربي. ولو استبعدنا البترول غير التقليدي في فنزويلا وكندا سنجد أن شبه دائرة منطقة الخليج الصغيرة (لا يتجاوز نصف قطرها 150 ميلاً) تحتوي على الثُلُثين من إجمالي احتياطيات البترول المؤكدة في العالم.
مدى صحة (أو دقة) الأرقام الواردة في الإحصائية:
شأنها كشأن جميع الأرقام التقديرية من أهم العوامل التي تؤثر في صحة الأرقام هي المصادر (سنتحدث عن مصادر الإحصائية في المقال المُقبل) التي يتم الحصول على الأرقام (المعلومات) منها. لكن بشكل عام تذكر الإحصائية المعايير التي اتبعتها الشركة في تعريف الاحتياطي المؤكد بأنه كمية البترول التي يُمكن استخراجها من المكامن المُكْتشفة وفق المعلومات الجيولوجية والهندسية المتاحة وفي ظل الظروف التشغيلية والاقتصادية الحالية.
في الأسبوع المُقبل -إن شاء الله- سنستعرض أيضاً بعض المعلومات الغزيرة الواردة في نفس الصفحة 14 فقط من الإحصائية.
نقلا عن الرياض
مشكلة هذا النوع من الإحصائيات دكتور أنور أنه لا توجد الجهة التي ستنتظر ٥٠ عاما لتقييم صحة الدراسة أو الإحصائية، خصوصا وأن المتتبع لإقتصاديات الطاقة كان يسمع عن أحاديث في أزمنة سابقة من أباطرة الصناعة النفطية في الثلاثينات الميلادية أن النفط لن يبقى حتى الثمانينات مثلا، وفي الثمانينات كان هنالك من كان يتحدث عن نهاية عصر النفط في الأساس باكتشاف الطاقة البديلة في العقد الثاني من الألفية الجديدة وهكذا. ما أريد قوله وفقك الله وأنت أعلم مني وأحكم، طالما أن العالم يرزح تحت طائلة التزايد السكاني المتسارع، وما دامت الطائرات والسفن والسيارات تسير بنفس المبادئ الفيزيائية والكيميائية منذ مطلع القرن العشرين للآن (لولا تعديلات طفيفة) سيبقى هذا العالم مدمنا على الطاقة الرخيصة حتى آخر برميل من آخر بئر.