لماذا يطرح هذا السؤال تكرارا ومرارا؟ ذلك أنه كلما تم إقرار برامج للتوطين، أو اتخاذ إجراءات معينة في هذا الخصوص وجدت تتردد في الأجواء أصوات عديدة من مصادر مختلفة في القطاع الخاص، عنوانها الرئيس أن القطاع الخاص يعمل في بيئة منافسة تستهدف تحقيق الأرباح، وأنه خاضع لقوى السوق الحرة عرضا وطلبا، ولا مجال -حسب وجهة نظر أرباب القطاع- لأن يفرض عليه ما قد يخرجه من سباق المنافسة والربحية إلى آخر التبريرات التي لا نهاية لها.
إن من أبرز "الأفكار" التي تم استنتاجها من سخونة الجدل القائم بين الأجهزة الحكومية المسؤولة عن التوطين من جانب، ومن جانب آخر منشآت القطاع الخاص طوال أكثر من عقدين من الزمن، أن "التوطين" ببرامجه وإجراءاته كافة أصبح في الأغلب مصدر انخفاض لأرباح القطاع الخاص في أقل الاحتمالات، وفي أعلاها أحد أكبر أسباب خسائر شريحة واسعة من منشآت القطاع الخاص! هذا ليس مجرد استنتاج؛ بل حقيقة على أرض الواقع، أثبتتها التبريرات المقترنة بإعلانات عديد من الشركات المساهمة أثناء فترة نشر النتائج المالية لأدائها ربع السنوي أو السنوي، بإيعاز عدد كبير منها كأحد أسباب انخفاض الأرباح أو تعرضها لخسائر أنها نتيجة لالتزامها ببرامج التوطين!
هل هذه "الفكرة" فحسب التي تم ترويجها في فضاء الاقتصاد وقطاع الأعمال؟! بالطبع لا؛ فقد سبقها "ترسيخا" نشر ثقافة أن العامل السعودي قليل الإنتاجية، وعالي التكلفة، ويفتقر إلى المهنية والخبرة والاحترافية والكفاءة والتنافسية، ويفتقر أيضا إلى روح العمل في الفريق وعدم التعاون، وضعف ولائه لبيئة العمل التي يجني منها مصدر عيشه، وكثير جدا من الأفكار المحبطة حول العامل السعودي تم بثها ونشرها وتداولها خلال أعوام مديدة، حتى أصبحت "مسلمات" لا تقبل الشك من قريب أو بعيد في الحديث المجتمعي، تحديدا لدى مجتمع قطاع الأعمال، ووصلت إلى درجة اعتبارها حقيقة يستند إليها كثير من أرباب قطاع الأعمال أثناء أحاديثهم العامة والخاصة، ودون أن يتصدى لها من يناقش ويختبر مدى دقتها وصدقها من عدمه.
إنها ثقافة متحيزة جدا إلى حد بعيد، قام من بناها وشيد جدرانها ووسع حدودها "عمدا"، بالاعتماد فقط أثناء جهوده في التأسيس لتلك الثقافة الخاطئة والمجحفة بحق العمالة الوطنية على نماذج تستحق تلك الأوصاف لا تتجاوز كونها جزءا من كل، بل تجدها هي النسبة الأقل في أغلب القطاعات والنشاطات "تجاوزا للأسباب الفعلية التي دفعتها لذلك التصرف غير العملي والمهني"، في الوقت الذي تجاهل نماذج بريئة تماما من كل ذلك، بل أثبتت تفوقها وإنتاجيتها وقدرتها العالية على التكيف مع كثير من الظروف شديدة المراس في قطاع الأعمال، ولو أن هذه الشريحة من العمالة الوطنية حظيت بمقاييس موضوعية ومحايدة من قبل "مؤلفي" تلك الثقافة، لما وجدت في الأصل، ولما وجدنا أنفسنا جميعا نقف موقفنا الراهن بكل ما يحمله من تحديات جسيمة للتوظيف والتوطين.
ومع التأكيد أن ما تقدم من الحديث أعلاه، لم ولن تجده لدى شريحة لها وزنها المرموق من أرباب قطاع الأعمال، شريحة جمعت بين نجاحها اللافت على مستوى توطين الوظائف لديها، بل في تولية الموارد البشرية الوطنية أعلى هرمها الوظيفي، ومن جهة أخرى على مستوى النمو وتحقيق الأرباح وقوة المنافسة، ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على المستويين الإقليمي والعالمي، تؤكد تلك الحقيقة أنها تتمتع بالقوة الكافية للرد على أي من الادعاءات والتبريرات الواهية المشار إليها أعلاه، وجدارتها كتجارب رائدة على أرض الواقع لتفنيد وإسقاط عرى تلك الثقافة السلبية الخاطئة عن إنتاجية العامل السعودي من أساسها وجذورها. لكن تأكيدا لمن لا يزال يحمل تلك الثقافة الخاطئة عن العمالة الوطنية -وهم كثر-، وما نتج عنها من فكرة أن التوطين قد يتعارض مع إمكانية تحقيق الربحية للمنشآت، ويتعارض مع أدبيات السوق الحرة والمنافسة إلى آخر العناوين الرنانة. إن هذا الطريق للأعذار يدين حملة هذه الثقافة على العكس تماما من اعتقادهم أنه يبرر مواقفهم تجاه التوطين! كيف؟
إذا كانت أدبيات السوق الحرة والمنافسة هي الأرض التي يراد الاحتكام إليها، فلتكن إذا على المستويات كافة، لا على مستوى التوطين فحسب! ومن أهم تلك المدخلات على ثقافة السوق الحرة ما يرتبط بسياسات الدعم والتحفيز الحكومي، التي وفقا لهذا المنطق لا بد أن تنتزع بالكامل من المنشآت التي ترى التوطين تدخلا حسبما تزعم "بلغت فاتورته على كاهل الدولة خلال ثلاثة عقود مضت نحو 5.3 تريليون ريال".
أيضا من المدخلات الغائبة لتحقيق مبتغى إرساء ثقافة كاملة للسوق الحرة أن تخضع تلك المنشآت لتطبيقات الرسوم والضرائب أسوة بالأسواق المتقدمة، وهو ما تخضع له فروع عديد من تلك المنشآت خارج الحدود! بعدئذ؛ أليس هذا هو الطريق الذي انتهجته المنشآت التي اعتبرت "التوطين" إخلالا بأدبيات السوق الحرة، واعتبرته سببا في تعرضها إما لانخفاض الأرباح أو تحملها الخسائر؟!
قد يفسر البعض هذا بالقسوة الشديدة على القطاع الخاص، ولهذا الفريق أقول: لو أمعن النظر بصورة أوسع وأعمق، وبحث فيما أخذ القطاع الخاص من دعم وتحفيز وتوفير فرص لا مجال لحصرها هنا، وقام في المقابل بوزنه تجاه ما أعطى ورده للاقتصاد والمجتمع! لوجد أن لا قسوة هنا ولا مجال لوجودها من قريب أو بعيد. ومن الأجدر لتلك المنشآت الاحتذاء قدر المستطاع بالتجارب الناجحة والرائدة لشركات ومنشآت في القطاع الخاص ذاته، تجاوز التزامها بالتوطين درجات عالية أعلى حتى من الاشتراطات القصوى المفروضة عليها ضمن برامج التوطين! فما الذي يمنعها من ذلك حتى الآن؟!
نقلا عن الاقتصادية
إن من أبرز "الأفكار" التي تم استنتاجها من سخونة الجدل القائم بين الأجهزة الحكومية المسؤولة عن التوطين من جانب، ومن جانب آخر منشآت القطاع الخاص طوال أكثر من عقدين من الزمن، أن "التوطين" ببرامجه وإجراءاته كافة أصبح في الأغلب مصدر انخفاض لأرباح القطاع الخاص في أقل الاحتمالات، وفي أعلاها أحد أكبر أسباب خسائر شريحة واسعة من منشآت القطاع الخاص! هذا ليس مجرد استنتاج؛ بل حقيقة على أرض الواقع، أثبتتها التبريرات المقترنة بإعلانات عديد من الشركات المساهمة أثناء فترة نشر النتائج المالية لأدائها ربع السنوي أو السنوي، بإيعاز عدد كبير منها كأحد أسباب انخفاض الأرباح أو تعرضها لخسائر أنها نتيجة لالتزامها ببرامج التوطين!
هل هذه "الفكرة" فحسب التي تم ترويجها في فضاء الاقتصاد وقطاع الأعمال؟! بالطبع لا؛ فقد سبقها "ترسيخا" نشر ثقافة أن العامل السعودي قليل الإنتاجية، وعالي التكلفة، ويفتقر إلى المهنية والخبرة والاحترافية والكفاءة والتنافسية، ويفتقر أيضا إلى روح العمل في الفريق وعدم التعاون، وضعف ولائه لبيئة العمل التي يجني منها مصدر عيشه، وكثير جدا من الأفكار المحبطة حول العامل السعودي تم بثها ونشرها وتداولها خلال أعوام مديدة، حتى أصبحت "مسلمات" لا تقبل الشك من قريب أو بعيد في الحديث المجتمعي، تحديدا لدى مجتمع قطاع الأعمال، ووصلت إلى درجة اعتبارها حقيقة يستند إليها كثير من أرباب قطاع الأعمال أثناء أحاديثهم العامة والخاصة، ودون أن يتصدى لها من يناقش ويختبر مدى دقتها وصدقها من عدمه.
إنها ثقافة متحيزة جدا إلى حد بعيد، قام من بناها وشيد جدرانها ووسع حدودها "عمدا"، بالاعتماد فقط أثناء جهوده في التأسيس لتلك الثقافة الخاطئة والمجحفة بحق العمالة الوطنية على نماذج تستحق تلك الأوصاف لا تتجاوز كونها جزءا من كل، بل تجدها هي النسبة الأقل في أغلب القطاعات والنشاطات "تجاوزا للأسباب الفعلية التي دفعتها لذلك التصرف غير العملي والمهني"، في الوقت الذي تجاهل نماذج بريئة تماما من كل ذلك، بل أثبتت تفوقها وإنتاجيتها وقدرتها العالية على التكيف مع كثير من الظروف شديدة المراس في قطاع الأعمال، ولو أن هذه الشريحة من العمالة الوطنية حظيت بمقاييس موضوعية ومحايدة من قبل "مؤلفي" تلك الثقافة، لما وجدت في الأصل، ولما وجدنا أنفسنا جميعا نقف موقفنا الراهن بكل ما يحمله من تحديات جسيمة للتوظيف والتوطين.
ومع التأكيد أن ما تقدم من الحديث أعلاه، لم ولن تجده لدى شريحة لها وزنها المرموق من أرباب قطاع الأعمال، شريحة جمعت بين نجاحها اللافت على مستوى توطين الوظائف لديها، بل في تولية الموارد البشرية الوطنية أعلى هرمها الوظيفي، ومن جهة أخرى على مستوى النمو وتحقيق الأرباح وقوة المنافسة، ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على المستويين الإقليمي والعالمي، تؤكد تلك الحقيقة أنها تتمتع بالقوة الكافية للرد على أي من الادعاءات والتبريرات الواهية المشار إليها أعلاه، وجدارتها كتجارب رائدة على أرض الواقع لتفنيد وإسقاط عرى تلك الثقافة السلبية الخاطئة عن إنتاجية العامل السعودي من أساسها وجذورها. لكن تأكيدا لمن لا يزال يحمل تلك الثقافة الخاطئة عن العمالة الوطنية -وهم كثر-، وما نتج عنها من فكرة أن التوطين قد يتعارض مع إمكانية تحقيق الربحية للمنشآت، ويتعارض مع أدبيات السوق الحرة والمنافسة إلى آخر العناوين الرنانة. إن هذا الطريق للأعذار يدين حملة هذه الثقافة على العكس تماما من اعتقادهم أنه يبرر مواقفهم تجاه التوطين! كيف؟
إذا كانت أدبيات السوق الحرة والمنافسة هي الأرض التي يراد الاحتكام إليها، فلتكن إذا على المستويات كافة، لا على مستوى التوطين فحسب! ومن أهم تلك المدخلات على ثقافة السوق الحرة ما يرتبط بسياسات الدعم والتحفيز الحكومي، التي وفقا لهذا المنطق لا بد أن تنتزع بالكامل من المنشآت التي ترى التوطين تدخلا حسبما تزعم "بلغت فاتورته على كاهل الدولة خلال ثلاثة عقود مضت نحو 5.3 تريليون ريال".
أيضا من المدخلات الغائبة لتحقيق مبتغى إرساء ثقافة كاملة للسوق الحرة أن تخضع تلك المنشآت لتطبيقات الرسوم والضرائب أسوة بالأسواق المتقدمة، وهو ما تخضع له فروع عديد من تلك المنشآت خارج الحدود! بعدئذ؛ أليس هذا هو الطريق الذي انتهجته المنشآت التي اعتبرت "التوطين" إخلالا بأدبيات السوق الحرة، واعتبرته سببا في تعرضها إما لانخفاض الأرباح أو تحملها الخسائر؟!
قد يفسر البعض هذا بالقسوة الشديدة على القطاع الخاص، ولهذا الفريق أقول: لو أمعن النظر بصورة أوسع وأعمق، وبحث فيما أخذ القطاع الخاص من دعم وتحفيز وتوفير فرص لا مجال لحصرها هنا، وقام في المقابل بوزنه تجاه ما أعطى ورده للاقتصاد والمجتمع! لوجد أن لا قسوة هنا ولا مجال لوجودها من قريب أو بعيد. ومن الأجدر لتلك المنشآت الاحتذاء قدر المستطاع بالتجارب الناجحة والرائدة لشركات ومنشآت في القطاع الخاص ذاته، تجاوز التزامها بالتوطين درجات عالية أعلى حتى من الاشتراطات القصوى المفروضة عليها ضمن برامج التوطين! فما الذي يمنعها من ذلك حتى الآن؟!
نقلا عن الاقتصادية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مساء الخير للجميع ولك استاذ عبدالحميد. عندي اقتراح وأود ان اطرحه للنقاش. لماذا شركاتنا الوطنيه تحجم عن دعم الشباب وتدريبهم للوقوف على مشاريعهم الخاصه وليس توظيف هم. دعني اورد لك مثال. مثل شركة تعمل في مجال السيراميك او قطع غيار السيارات او المواد الغذائية تقوم الشركه بتبني مجموعة من الشباب وتقوم بتدريب الشباب على مهارات التجاره في مجال عمل الشركه فتره كافيه لامتلاكه المهارات اللازمه في هذا المجال وبعدها يتم فتح مشروعه الخاص برعاية الشركه وصندوق ريادة الأعمال ويتم تأمين البضاعه له وتامين الرعايه له بإشراف الشركه والصندوق وتقوم الشركه بحمايته من المنافسة من الأجانب الذين يعملون في نفس المجال بأن تقوم الشركه بتقليص توريد نفس المنتج للمحلات التي قائمة على التستر التجاري وتعمل في نفس المجال. وبذلك تكسب الشركات التالي ١-تدريب الشباب وجعلهم يقومون على مشاريعهم بأنفسهم ٢-محاربة التستر التجاري وتكون الشركه قامت بالواجب نحو وطنها وأبنائه. لأن الشباب في بدايته لايملك الخبره ولا راس المال الكافي ولايعرف اسرار المهنه. رجا نرفعه للشركات الوطنية ان تدعم الشباب وتستثمر فيهم فهم والله الا نفع لوطنهم وهم سوف يبقون وغيرهم سيذهب عاجلاً أو أجل... هذا وشكراً لك وللجميع