12 ساعة تمثل فرق التوقيت بين الارجنتين و اليابان ، فشروق الاولى يقابله غروب الثانية و العكس أيضا صحيح ، لكن الاقتصاد العالمى احتاج سبعة أشهر كاملة بين قمتى العشرين نوفمبر 2018 فى بوينس آيرس و يونيو 2019 فى اوساكا ليعيد توزيع الادوار و يفرز معطيات جديدة فى مواجهة حروب ترامب التجارية.
اولا ... فى فبراير 2019 دشنت اليابان و الاتحاد الاوروبى أكبر منطقة حرة مفتوحة فى العالم تضم أكثر من ثلث الاقتصاد العالمى حيث " الاتفافية الاوروبية اليابانية " التى تمحو نحو 94 % من الرسوم الجمركية على واردات الاتحاد الاوروبى الى اليابان.
الاتفاقية توفر نحو مليار دولار سنويا للأتحاد الاوروبى من قيمة الرسوم الجمركية ، و فى المقابل تحصل واردات اليابان الى الاتحاد الاوروبى على تخفيض بنحو 99 % من الرسوم الجمركية ، على أن يتم الغاء الرسوم كاملة على بعض المنتجات " الزراعية من اوروبا و الاجهزة الالكترونية و السيارات من اليابان " بين عامى 2024 و 2026.
ثانيا ... فى يونيو 2019 و على هامش قمة العشرين الاخيرة باليابان أعلن الاتحاد الاوروبى عن توصله لأتفاق تجارى مشترك مع تكتل دول ميركوسور " البرازيل و الأرجنتين و الأورجواي و بارجواي" و التى تمثل نحو 75 % من الناتج الاجمالى لقارة امريكا الجنوبية ، الاتفاق الكبير يلغى تدريجيا الرسوم الجمركية على منتجات الطرفين " اللحوم و المنتجات الزراعية من ميركوسور و السيارات و التكنولوجيا من اوروبا "
و على وقع حرية الاسواق التى سيتمتع بها الجانبين فقد توفر مبدئيا تلك الاتفاقية التى اتت بعد عشرين عاما من التفاوض الشاق نحو 4 مليار دولار سنويا للاتحاد الاوروبى من قيمة الرسوم الجمركية الحالية.
ثالثا ... فى يونيو 2019 أعلنت الصين عن مضيها بنجاح فى إتمام اقتراحها حيث الاتفاق الهائل للتبادل التجارى الحر مع دول أسيان العشر " اندونيسيا و ماليزيا و سنغافورة و تايلاند و الفلبين و بروناى و فيتنام و لاوس و كامبوديا و ميانمار " الذين يمثلون نحو 9 % من سكان العالم " 650 مليون نسمة ".
الاتفاق المنتظر إعلانه فى قمة أسيان نوفمبر 2019 كأكبر اتفاق تجارى فى العالم يقلص تدريجيا الحواجز الجمركية بين اعضائه الى الصفر ، كما سيشمل نصف عدد سكان العالم بعد أضافة ست دول الى تكتل اسيان و هم " الصين و الهند و اليابان و كوريا الجنوبية و استراليا و نيوزيلاندا " .
رابعا ... عقب نهاية قمة العشرين مباشرة أبرم كلا من الاتحاد الاوروبي و فيتنام اتفاقا للتبادل التجارى الحر "يدخل حيز التنفيذ مطلع 2020" و يرفع نحو 99 % من الرسوم الجمركية على الواردات الاوروبية الى هانوى التى استفادت بقوة من حرب التعريفات بين الفيل الامريكى و التنين الصينى.
ففى عام 2018 زادت صادرات فيتنام بنحو 5 % تجاه اطراف الحرب التجارية و كانت أحدى بدائل السوق الامريكى للصادرات الصينية ، و مع زيادة التفاؤل برفع نسبة نمو أقتصاد فيتنام من 6.6 % الى حدود 7 % خلال عام 2019 .
ختاما | أمام تطورات كل تلك المشاهد الثقيلة على قلب ترامب كان لابد للرجل أن يتراجع ظاهريا ، فترامب الذى جاء للارجنتين العام الماضى مشرقا و محملا بوعيد الحروب التجارية غير ترامب الذى حل غريبا هذا العام فى بلاد الزلازل أمام ردود أفعال مثلث " الصين و الاتحاد الأوروبي و اليابان ".
و ليس معنى ذلك أن الرجل سيتخلى بسهولة عن غايات الحرب الاساسية رغم تراجعه المؤقت ، فأنفراجة المباحثات مع بكين قد تقلل من فرص خفض الفائدة على الدولار فى يوليو المقبل و هو الأمر الذى لايريده ، و مناورته مع هواوى إن استمرت طويلا ستنفى عنها كل الاتهامات و تعزز تفوقها عالميا ، و كذلك الهدنة التجارية المتوقعة لستة أشهر مع الصين ستطلق يدها بصورة أكبر فى أقتصاد العالم ، لذلك و أكثر سيستمر ترامب فى طريقه مهما أدعى مفضلا حرب التجارة الطويلة فى مواجهة تحالفات العالم القوية و السريعة التى قد تنتصر لحرية التجارة يوما ما.
خاص_الفابيتا