على الرغم من نفي وزارة العمل والتنمية الاجتماعية قبل أسبوعين من تاريخه، ما تردد في عديد من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، حول تثبيت المقابل المالي للعمالة الوافدة، وإلغائه عن المرافقين، وتأكيدها على أهمية استقاء المعلومات من المصادر الرسمية، من خلال موقع الوزارة الإلكتروني، أو في حساباتها الموثقة في قنوات التواصل الاجتماعي، إلا أن دائرة الأخبار غير الدقيقة، وأحيانا الخاطئة، اتسعت خلال الأيام القليلة الماضية، وامتدت إلى وكالات أنباء عالمية حول الأمر ذاته.
نعم، قد تكون تلك الرسوم وغيرها من الإجراءات خاضعة للمراجعة والدراسة، وهو الأمر المعتاد القيام به من قبل أغلب الأجهزة الحكومية بعد فترة كافية من تطبيقها، تتم خلالها مراجعة النتائج التي تولدت عنها، وتقييم الآثار الإيجابية والسلبية على حد سواء التي نشأت عنها، ومن ثم يتم اتخاذ التعديلات اللازمة إذا تطلب الأمر ذلك، وفق منهجية تستهدف بالدرجة الأولى تعزيز الوصول إلى الأهداف التي لأجلها تم إقرار تلك الرسوم أو الإجراءات، والأخذ في الحسبان أي آثار سلبية قد تنعكس على بقية قطاعات ونشاطات الاقتصاد الوطني، للحد منها والتعامل معها مبكرا قبل تفاقمها.
سيكون من الأهمية في هذا الشأن، إذا كانت فعلا تلك الرسوم على العمالة الوافدة والمرافقين تخضع للمراجعة خلال الفترة الراهنة، أن يتم الأمر: "أولا" وفق مراجعة شاملة لعموم برامج التوطين، بما فيها الرسوم على العمالة الوافدة والمرافقين، وهي الجهود التي يتوخى من تنفيذها معالجة أوجه القصور التي عانتها تلك البرامج طوال الأعوام الماضية، وتم الحديث كثيرا حولها طوال تلك الفترة، وما تحمله من اختلالات أدت إلى انحرافها عن الوصول إلى الأهداف المحددة أكثر مما تحمله من إيجابيات. وما حدث من تطورات عكسية خلال الأعوام الأخيرة، ليس إلا جزءا يسيرا مما تم التنويه والتنبيه إليه طوال الفترة الزمنية الماضية، وكان من أبرز تلك الاختلالات، أنها لم تفرق بين أنواع الوظائف والنشاطات، وأن اهتمامها انصب فقط على الكم أكثر من الكيف والنوع، ولهذا لجأت أغلب منشآت القطاع الخاص خلال فترة صعود معدلات التوطين إلى "التوظيف الوهمي" تجاوزا لمتطلبات برامج التوطين آنذاك.
فوفقا لأحدث بيانات صدرت عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، أظهرت تلك البيانات انخفاض أعداد العمالة الوافدة منذ بداية العام 9.8 في المائة، وتزامن معه انخفاض أعداد العمالة الوطنية 3.4 في المائة. وبالبحث في التفاصيل، كشف البحث أن انخفاض العمالة الوافدة تركز بنسب أكبر في الوظائف الأدنى أجورا شهرية، وصلت إلى 97 في المائة من إجمالي الانخفاض للوظائف التي تبلغ أجورها ثلاثة آلاف ريال شهريا فما دون، ووصلت نسبة الانخفاض لدى هذه الشريحة الأدنى دخلا منذ مطلع العام الجاري إلى 10.9 في المائة، فيما بلغت نسبة الانخفاض لدى العمالة الوافدة ذات الأجور 3001-4999 ريالا شهريا نسبة أقل لم تتجاوز 3.7 في المائة، فيما لم تتجاوز نسبة انخفاض العمالة الوافدة ذات الأجور 5000-9999 ريالا شهريا 2.5 في المائة، وأخيرا شريحة الأجور عشرة آلاف ريال شهريا فأعلى جاءت نسبة الانخفاض الأدنى بنحو 0.2 في المائة فقط.
"ثانيا"، إن تلك النتائج تؤكد أن من أهم ما يجب أن يقترن بوضع وتصميم أي برامج لتوطين الوظائف المتوسطة والأعلى أجورا ومستويات، اقترانها بسياسات وأدوات ترفع كثيرا من تكلفة توظيف العمالة الوافدة في تلك الوظائف، "وهو ما تفتقر إليه البرامج والرسوم بوضعها الراهن"، وسيكون ربط تكلفة رسوم العمالة الوافدة بمستوى الأجور الشهرية المدفوعة لتلك العمالة أحد أهم الحلول!
ففي الوقت الذي قد يشكل الحد الأعلى لرسوم العمالة الوافدة "800 ريال شهريا" أعلى من 50 في المائة من الأجر المدفوع للعمالة الأدنى دخلا ومستوى وظيفيا، التي أثبتت التجربة السابقة ضعفها الشديد في إمكانية إحلالها بمواطنين! تجد في الوقت ذاته أن الرسوم ذاتها على العمالة الوافدة قد لا تتجاوز 1.0 في المائة من الأجر المدفوع للعمالة الأعلى دخلا ومستوى وظيفيا، وهي الوظائف التي تعاني تدنيا كبيرا جدا في نسب توطينها، وهي أيضا الوظائف الأكثر طلبا وملاءمة للمواطنين والمواطنات الباحثين عن فرص عمل في القطاع الخاص، لم تفلح تلك الرسوم على العمالة الوافدة في إحلالها بمواطنين، على الرغم من يسر ذلك وإمكانيته الكبيرة، لما يتمتع به المواطنون والمواطنات من أهلية وقدرة وكفاءة على إشغالها، لولا التمنع الكبير لأرباب القطاع الخاص في توطينها من جانب، ومن جانب آخر لوقوعها تحت سيطرة العمالة الوافدة التي تشغل بكثافة المناصب العليا والتنفيذية في منشآت القطاع الخاص.
لهذا؛ سيكون مجديا جدا أن يتم ربط تكلفة رسوم العمالة الوافدة بمستوى الأجور، كأن تبدأ - على سبيل المثال لا التحديد - من مستوى 10 - 15 في المائة من الأجر المدفوع للعامل الوافد في المستويات الوظيفية الدنيا التي لا تلائم المواطنين، ثم تتصاعد نسبة استقطاع تلك الرسوم لتبدأ من 25 - 30 في المائة للوظائف المتوسطة والأعلى أجورا، التي ستسهم فعليا في الضغط على منشآت القطاع الخاص؛ لاستقطاب المواطنين والمواطنات، لا مجرد القبول بهم من عدمه، وتوظيفهم في تلك الوظائف المطلوبة، التي تتوافر لدى الباحثين عنها من المواطنين القدرات والمؤهلات اللازمة لشغلها. والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية
نعم، قد تكون تلك الرسوم وغيرها من الإجراءات خاضعة للمراجعة والدراسة، وهو الأمر المعتاد القيام به من قبل أغلب الأجهزة الحكومية بعد فترة كافية من تطبيقها، تتم خلالها مراجعة النتائج التي تولدت عنها، وتقييم الآثار الإيجابية والسلبية على حد سواء التي نشأت عنها، ومن ثم يتم اتخاذ التعديلات اللازمة إذا تطلب الأمر ذلك، وفق منهجية تستهدف بالدرجة الأولى تعزيز الوصول إلى الأهداف التي لأجلها تم إقرار تلك الرسوم أو الإجراءات، والأخذ في الحسبان أي آثار سلبية قد تنعكس على بقية قطاعات ونشاطات الاقتصاد الوطني، للحد منها والتعامل معها مبكرا قبل تفاقمها.
سيكون من الأهمية في هذا الشأن، إذا كانت فعلا تلك الرسوم على العمالة الوافدة والمرافقين تخضع للمراجعة خلال الفترة الراهنة، أن يتم الأمر: "أولا" وفق مراجعة شاملة لعموم برامج التوطين، بما فيها الرسوم على العمالة الوافدة والمرافقين، وهي الجهود التي يتوخى من تنفيذها معالجة أوجه القصور التي عانتها تلك البرامج طوال الأعوام الماضية، وتم الحديث كثيرا حولها طوال تلك الفترة، وما تحمله من اختلالات أدت إلى انحرافها عن الوصول إلى الأهداف المحددة أكثر مما تحمله من إيجابيات. وما حدث من تطورات عكسية خلال الأعوام الأخيرة، ليس إلا جزءا يسيرا مما تم التنويه والتنبيه إليه طوال الفترة الزمنية الماضية، وكان من أبرز تلك الاختلالات، أنها لم تفرق بين أنواع الوظائف والنشاطات، وأن اهتمامها انصب فقط على الكم أكثر من الكيف والنوع، ولهذا لجأت أغلب منشآت القطاع الخاص خلال فترة صعود معدلات التوطين إلى "التوظيف الوهمي" تجاوزا لمتطلبات برامج التوطين آنذاك.
فوفقا لأحدث بيانات صدرت عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، أظهرت تلك البيانات انخفاض أعداد العمالة الوافدة منذ بداية العام 9.8 في المائة، وتزامن معه انخفاض أعداد العمالة الوطنية 3.4 في المائة. وبالبحث في التفاصيل، كشف البحث أن انخفاض العمالة الوافدة تركز بنسب أكبر في الوظائف الأدنى أجورا شهرية، وصلت إلى 97 في المائة من إجمالي الانخفاض للوظائف التي تبلغ أجورها ثلاثة آلاف ريال شهريا فما دون، ووصلت نسبة الانخفاض لدى هذه الشريحة الأدنى دخلا منذ مطلع العام الجاري إلى 10.9 في المائة، فيما بلغت نسبة الانخفاض لدى العمالة الوافدة ذات الأجور 3001-4999 ريالا شهريا نسبة أقل لم تتجاوز 3.7 في المائة، فيما لم تتجاوز نسبة انخفاض العمالة الوافدة ذات الأجور 5000-9999 ريالا شهريا 2.5 في المائة، وأخيرا شريحة الأجور عشرة آلاف ريال شهريا فأعلى جاءت نسبة الانخفاض الأدنى بنحو 0.2 في المائة فقط.
"ثانيا"، إن تلك النتائج تؤكد أن من أهم ما يجب أن يقترن بوضع وتصميم أي برامج لتوطين الوظائف المتوسطة والأعلى أجورا ومستويات، اقترانها بسياسات وأدوات ترفع كثيرا من تكلفة توظيف العمالة الوافدة في تلك الوظائف، "وهو ما تفتقر إليه البرامج والرسوم بوضعها الراهن"، وسيكون ربط تكلفة رسوم العمالة الوافدة بمستوى الأجور الشهرية المدفوعة لتلك العمالة أحد أهم الحلول!
ففي الوقت الذي قد يشكل الحد الأعلى لرسوم العمالة الوافدة "800 ريال شهريا" أعلى من 50 في المائة من الأجر المدفوع للعمالة الأدنى دخلا ومستوى وظيفيا، التي أثبتت التجربة السابقة ضعفها الشديد في إمكانية إحلالها بمواطنين! تجد في الوقت ذاته أن الرسوم ذاتها على العمالة الوافدة قد لا تتجاوز 1.0 في المائة من الأجر المدفوع للعمالة الأعلى دخلا ومستوى وظيفيا، وهي الوظائف التي تعاني تدنيا كبيرا جدا في نسب توطينها، وهي أيضا الوظائف الأكثر طلبا وملاءمة للمواطنين والمواطنات الباحثين عن فرص عمل في القطاع الخاص، لم تفلح تلك الرسوم على العمالة الوافدة في إحلالها بمواطنين، على الرغم من يسر ذلك وإمكانيته الكبيرة، لما يتمتع به المواطنون والمواطنات من أهلية وقدرة وكفاءة على إشغالها، لولا التمنع الكبير لأرباب القطاع الخاص في توطينها من جانب، ومن جانب آخر لوقوعها تحت سيطرة العمالة الوافدة التي تشغل بكثافة المناصب العليا والتنفيذية في منشآت القطاع الخاص.
لهذا؛ سيكون مجديا جدا أن يتم ربط تكلفة رسوم العمالة الوافدة بمستوى الأجور، كأن تبدأ - على سبيل المثال لا التحديد - من مستوى 10 - 15 في المائة من الأجر المدفوع للعامل الوافد في المستويات الوظيفية الدنيا التي لا تلائم المواطنين، ثم تتصاعد نسبة استقطاع تلك الرسوم لتبدأ من 25 - 30 في المائة للوظائف المتوسطة والأعلى أجورا، التي ستسهم فعليا في الضغط على منشآت القطاع الخاص؛ لاستقطاب المواطنين والمواطنات، لا مجرد القبول بهم من عدمه، وتوظيفهم في تلك الوظائف المطلوبة، التي تتوافر لدى الباحثين عنها من المواطنين القدرات والمؤهلات اللازمة لشغلها. والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية
هى (ضريبة) وليست رسوم.
عبدالحميد العمري ،،، اقتصادي راقي ورائع تمنياتي الدائمه لك بالخير الدائم ،،، أمنيتي أن تزودنا بقرائتك الجميله المعتاده عن صناديق الريت التى طرحت في في السوق المالي .
الوضع خبيص و اختبص زيادة