المعروف عالمياً أن أرامكو تملك أكبر احتياطي للبترول الخام التقليدي المؤكد في العالم. كذلك أرامكو أكبر شركة في العالم مُنتجة ومُصدرة للبترول الخام. وأرامكو أيضاً هي شركة البترول الوحيدة في العالم التي تحتفظ دائماً بطاقة احتياطية لإنتاج البترول الخام (spare capacity) الغرض منها تحقيق الاستقرار في السوق العالمي للبترول الخام.
لكن الدول التي تشتري من أرامكو البترول الخام لا تستخدمه خاماً. بل تقوم بتكريره أو تحويله إلى منتجات نافعة كي يصبح البترول الخام سلعاً نهائيةً يستخدمها الإنسان. وتباع هذه المنتجات بأسعار مضاعفة عن سعر برميل البترول الذي تبيعه إليهم أرامكو خام.
أن تأتي متأخراً بعض الوقت خير من أن لا تأتي أبداً. فالحقيقة أن أرامكو -بالنسبة لحجمها وعمرها وخبرتها- تأخرت في الدخول إلى عالم الكيميائيات. لكن الواضح أنها تحاول جاهدة الآن أن تستدرك الوقت فتدخل في سباق مع الزمن لتصبح أرامكو رائدة وسبّاقة في صناعة البتروكيميائيات. بل ينبغي تتجاوز أرامكو مرحلة الكيميائيات فتدخل مباشرة صناعة المنتجات النهائية المُصنّعة من البترول الخام. حيث أصبحت البتروكيميائيات الضمان المأمون والمُشرق لمستقبل البترول. إضافة إلى القيمة المضافة المضاعفة إلى الدخل القومي التي سيضيفها إنتاج وتصدير المنتجات النهائية بأسعار مُجزية بدلاً من تصدير البترول بسعر الخام.
الدراسات العالمية جميعها (منها تقارير وكالة الطاقة الدولية IEA) تؤكد أن معدلات نمو الطلب على البتروكيميائيات ستعوض بل ستزيد على توقعات انخفاض معدلات زيادة الطلب على الوقود بسبب إحلال السيارة الكهربائية محل سيارة الاحتراق الداخلي.
هكذا أصبح من الواضح أن التطورات الأخيرة في نمو الطلب المتزايد على البتروكيميائيات قلب الطاولة -رأساً على عقب- على ادعياء ذروة الطلب المزعومة. وأحيا -من جديد- نظرية ذروة العرض. وبالتالي أصبحت التحذيرات الآن من عدم قدرة العرض (إنتاج) البترول لتلبية الطلب المتزايد على البترول بسبب النمو المتزايد على البتروكيميائيات.
أرامكو وثورة البتروكيميائيات: أرامكو لن تبدأ كما بدأ الآخرون من الصفر. كذلك أرامكو لن تبدأ من حيث انتهى إليه الآخرون. بل ستبدأ أرامكو من نقطة لم يصل إليها الآخرون -باستخدام التكنولوجيا غير المسبوقة- لتحويل برميل الخام مباشرة إلى كيميائيات (COTC). وستدخل أرامكو إلى سوق الكيميائيات الواسع من أبواب واسعة ليس فقط عن طريق سابك. بل أيضاً بالشراكة مع أكبر الشركات العالمية ذات الخبرات العالمية.
الخلاصة: ينبغي على أرامكو أن لا تكتفي بصناعة البتروكيميائيات كمواد خام أوّلية. بل ينبغي أن تتجه أرامكو إلى صناعة السلع النهائية (الملابس، الأدوية، التجميل، المنظفات، المخصبات، الجلود، البلاستيك، التغليف، الكفرات، قطع الغيار، الإكسسوارات) فتخلق أسواقاً رائجة لبترولها عندما ينخفض الطلب العالمي على البترول كوقود للمواصلات.
نقلا عن الرياض