من يمعن النظر في الجانب المتعلق بالطلب في سوق الإسكان بالمملكة، وبالتحديد في الطلب على امتلاك مساكن، يجد في الواقع أن هناك أربع فئات من الراغبين في تلبية طلباتهـم عبر قنوات هذا السوق المختلفـة، الفئة الأولى: هم أصحاب القروض السكنية، المسجلين في قوائم الانتظار لدى صندوق التنمية العقاريــة ويتجاوز عددهم 400 ألف أسرة، تمثل هذه الفئة نسبة 11 % من إجمالي الأسر السعودية، وهؤلاء تصنف طلباتهم على أنها مرحلية ومؤقته، حيث سبق وأعلن أنه سينتهي من تلك القوائم بحلول العام 2020، لكن لا يبدو من المؤشرات إمكانية تحقيق ذلك، لذا قد تستمر كمية من تلك الطلبات لسنوات قادمة، الفئة الثانية: هم مستحقو الدعم السكني لدى وزارة الإسكان، التي تفيد آخر الإحصائيات عن هذه الفئة أن عددها يتجاوز 800 ألف أسرة، وتمثل نسبة تصل إلى 23 % من مجموع الأسر السعودية، وهذه الفئة من طالبي الدعم السكني الحكومي، ستظل نسبتها في الغالب شبه ثابتة ومستمرة خلال السنوات القادمة، إلا أن عددها سيتزايد مع النمو السكاني للمملكة، الفئة الثالثة: هم الأسر السعودية التي لا تمتلك مسكناً، وتقيم إما في مساكن مستأجرة، أو مقدمة من أصحاب العمل، وتقع هذه الأسر خارج نطاق الدعم السكني الحكومي، ويربو عددها في الوقت الحاضر على 200 ألف أسرة، تمثل تقريباً 6 % من إجمالي الأسر السعودية، الفئة الرابعة: هي الأسر الناشئة، التي تنضم كل عام إلى المجتمع الأسري السعودي، ويتجاوز عددها حالياً 80 ألف أسرة، تمثل نحو 2.5 % من إجمالي الأسر السعودية.
هذا الحجم الكبير من الراغبين والمتطلـعين لامتـلاك مساكن، الذي يبلـغ نحـو 1.5 مليون أسرة، ومرصود غالبيته في السوق، من الواضح أنه لا يعبر في معظمه عن حجم طلب آني وفعلي، أي لدى أصحابه القدرة والإمكانية الفورية على شراء وامتلاك مسكن، وإنما لديهم عزم ونية في التملك، حال حصول غالبيتهم على الدعم الحكومي المنتظر، لأن هذا الحجم من الطلب لو كان فعلياً، ومضافاً إليه الطلب من المقيمين القادمين للعمل في المملكة، لأوجد في الواقع خللاً وعدم توزان في السوق، وأدى بالأسعار إلى الصعود بشكل جنوني، فالوحدات السكنية الشـاغرة في السوق التي تربو على التسع مئة ألف وحـدة سـكنية، إضافة إلى الوحدات السكنية الجديدة، التي من المحتمل أن تدخل إلى سوق الإسكان، لن تستطيع تلبية هذا الطلب إلا على مدى عدة سنوات، لذا فإن ما يحتاجه سوق الإسكان لدينـا في الواقـع، هو العنايـة بالجانب الآخـر غـير المرئي والمشاهد، الذي تزداد أهميته يوماً بعد آخر وهو جانب العرض، الأجدر حالياً بالمتابعة والرصد لمؤشراته، وتحديد من هم أصحاب الإسهام الأساس فيه إلى جانب الأفراد، وذلك من أجل التدخل في حال نشوء ما يعيق هذا الجانب، إن لم يكن توفير الدعم الحكومي المسبق واللازم لهذا العرض في السوق فمراقبته عن كثب وعبر أكثر من مؤشر، وليس الاعتماد فقط على مؤشر إتمام البناء، هو في الواقع من يمكن أن ينبئ عن توازن السوق أو تأزمه خلال السنوات القادمة.
نقلا عن الرياض