ارتبطت احتفالات اليوم الوطني بمرحلة التأسيس التي خلقت كيان الدولة الحديثة، ووحدت المملكة، مناطق وجماعات وقبائل، على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله. حُق لشعب المملكة أن يتغنى بملحمة التوحيد الكبرى التي أعادت رسم المنطقة بأسرها، وربطتها بدولة التوحيد، قبلة المسلمين، وحاضنة الحرمين؛ غير أن بناء المستقبل لا يقل أهمية عن مرحلة التأسيس التي تحتاج دائما إلى من يعزز أركانها، ويزيد في علو بنائها، برؤية مستقبلية تستلهم التاريخ وعبره، وتستشرف المستقبل بخيره ومخاطره. لذا نحتفل اليوم إلى جانب الاحتفاء بذكرى التأسيس؛ بالإنجازات السياسية والأمنية والاقتصادية والتنموية المحققة، والرؤى المستقبلية والمشروعات العملاقة.
لم يطل الوقت بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعد توليه مقاليد الحكم؛ حتى بدأ في وضع منظومة متكاملة لإعادة الهيكلة الشاملة، والمعززة لقوة الدولة وازدهارها، وفق رؤية مؤسسية محققه للأهداف المرسومة.
أدرك الملك سلمان بحكمته السياسية والإدارية والقيادية؛ المخاطر المحيطة، والاستهداف الذي تواجهه المملكة من بعض أصدقائها قبل الأعداء؛ والمخاطر الداخلية التي أُريد لها أن تطلق شرارة الفوضى والدفع نحو الهاوية، فبدأ بالتحرك السريع مستعينا بالله؛ على جبهات مختلفة؛ داخلية وخارجية؛ وكان لولي العهد الأمير محمد بن سلمان دورا رياديا في تحقيق تلك الأهداف السياسية، الأمنية، الاقتصادية، والمجتمعية.
وضع الملك سلمان نصب عينيه تعزيز أمن الدولة، وحمايتها من المخاطر المحدقة، والعمل على مواجهتها بشفافية وحزم. قد تكون المخاطر الداخلية أعظم وأنكى من المخاطر الخارجية، إلا أن إمكانية الفصل بينهما مستحيلة. لذا تزامنت عمليات المواجهة الداخلية والخارجية، على جبهات مختلفة، وفي فترة زمنية وجيزة. فبناء المستقبل يبدأ من عمليات التحوط الكبرى الحافظة لكيان الدولة وأمنها واستقرارها، وهو ما نجح في تحقيقه الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين في فترة زمنية قصيرة، أربكت أعداء الأمة، وفرضت عليهم التراجع القسري.
وعلى الجانب التنموي الاقتصادي، شكلت رؤية المملكة 2030 قاعدة الانطلاقة نحو بناء المستقبل، لمواجهة المخاطر الناجمة عن استمرارية تحكم الاقتصاد الريعي في مستقبل الوطن. تنويع مصادر الاقتصاد والدخل من أهم الأهداف التي وضعها الأمير محمد بن سلمان حين إطلاقه رؤية المملكة، وبرامجها الطموحة. أحسب أن من أهم خطوات بناء المستقبل؛ إعادة هيكلة الاقتصاد وبنائه وفق رؤية مستقبلية متوافقة مع المتغيرات العالمية. كما أن من متطلبات تحقيق الحماية الأمنية الشاملة، والاستقرار؛ الازدهار الاقتصادي؛ المحقق للرفاهية والنمو الداخلي والمعزز لقوة التأثير الدولي.
بناء المستقبل، هو الهدف الذي وضعه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان؛ وأسأل الله أن يبارك في جهودهما وجهود المخلصين من أبناء الوطن لتحقيق ذلك الهدف الإستراتيجي المعزز للبقاء والاستدامة والرفاهية الاقتصادية.
نقلا عن الجزيرة