الوزن الميت كم لا فائدة منه، ويستخدم كناية عن ثقل الحمولة بلا طائل. عند التأمل في عديد من السياسات والإجراءات التي اتخذت وتتخذ، نجد أنها تستهدف التخفيف من الوزن الميت، ليصبح بوسع اقتصادنا أن يصبح أكثر "لباقة". لنأخذ مثالا، ولن أتحدث هنا عن مرونات "جمع مرونة" العرض والطلب، ولكن يكفي القول إن علينا النظر من زاوية أن ارتفاع السعر سيرشد الاستهلاك، وهذا سيحقق المصلحة العامة في تقليص "الوزن الميت" عموما، وبالقطع هنا شرائح من المجتمع لا يمكنها دخلها من تحمل دفع فواتير المنافع المقومة بأسعار متصاعدة. هذه الشرائح يجب ألا تضار، وهذا هدف "حساب المواطن" بإيداع الدعم نقدا. أما الشريحة الثرية فلا يقدم "حساب المواطن" لها دعما، باعتبار دخلها المرتفع وأن أي دعم لها سيكون من مكونات "الوزن الميت".
وحتى نتخلص من "الوزن الميت" ونخفف الضغط على الخزانة العامة، وما قد تتحمله من عجز بسبب تنوع وتعدد بنود "الوزن الميت"، فعلينا ملاحقة هذا الوزن في كل بنود الصرف "وليس فقط المنافع"، الجاري أو الرأسمالي، من منطلق أن رفع كفاءة الإنفاق هدف عام عالي الأولوية.
كيف نلاحق الوزن الميت؟ قد يقول قائل إن هناك إدارات حكومية معنية برفع كفاءة الإنفاق. بالفعل، لا بد أن تكون هناك جهات معنية بذلك. السؤال: ما الذي خففته من وزن ميت على بنود إنفاق الخزانة العامة؟ سؤالي استفساري وليس استنكاريا، فعندما نشرت بيانات الميزانية للنصف الأول لعام 2018 مبينة تحسن الإيرادات، وموضحة الانضباط في الإنفاق، إلا أنها لم تبين أي مؤشر عن كفاءة الإنفاق مع مقارنة له في الفترات السابقة. هذا ليس من باب التنطع، بل من باب أن رفع كفاءة الإنفاق قضية جوهرية وقد سبق أن وردت بإصرار وتأكيد في الوثائق والبيانات الشارحة للميزانيات منذ عام 2016، بل إن هناك برنامجا متعدد البنود لتحقيق هذا المطلب!
وماذا يستفاد من هذا؟ إن رفع كفاءة الإنفاق قضية عامة، ولها جانب يخص كل واحد منا، في كل موقع، بما في ذلك الأفراد والأسر ومؤسسات القطاعين الحكومي والخاص. قضيتنا العامة هذه تتفرع لقضيتين: رفع كفاءة الإنفاق العام، والارتقاء بإنتاجية الاقتصاد السعودي، وهما قضيتان محوريتان. وهما قضيتان مترابطتان، فحتى نرتقي بإنتاجيتنا بوتائر أعلى؛ لا بد أن نبتعد عن الهدر، وإلا سيبقى اقتصادنا كقربة بها 70 ثقبا، إن لم نسد ونكمم الثقوب جميعها، فلن يستديم امتلاء القربة، مهما كان الدخل مرتفعا، ومهما ربطنا الحزام.
نقلا عن الاقتصادية