النجاح الاقتصادي لا تَجلبه بالضرورة الشركات الضخمة، فأحد مستهدفات "رؤية 2030" التحول إلى اقتصاد متنوع لا يقوم فقط على جهود شركات لأنها عملاقة، لا تولد محتوى محليا يحدث فارقا. وهذا هو المقصود بالتحول من اقتصاد الريع إلى اقتصاد الإنتاج.
ما لدينا من منشآت عملاقة وكبيرة تقوم إجمالا على استغلال ميزة نسبية، وعلى الرغم من أهمية التنقيب واستخراج وتسويق النفط وصناعة البتروكيماويات السلعية، إلا أن المنشآت السعودية العملاقة والكبيرة تدرك أن مستقبلها يكمن في الارتقاء بميزتها التنافسية من خلال الإبداع والاختراع والتطوير، ولذا نجد شركتي أرامكو وسابك تتجهان لتحقيق ذلك باتباع أساليب غير مطروقة من قبلهما سويا من قبل، وهي تحويل النفط الخام إلى كيماويات.
لماذا؟ لتوليد مزيد من القيمة، ومثال آخر أن شركة الكهرباء، تسعى لشراء الطاقة من صغار المولدين، كالمنازل مثلا. لماذا تشتري الشركة العملاقة كيلوواطات قليلة من بيوت هنا وهناك؟ لرفع كفاءة أداء الشبكة ككل. الرابط بين المثالين هو أن الشركات الكبيرة تبحث عن الاستدامة، واستدامتها تكمن في الحفاظ على ربحيتها، وربحيتها رهن بأن تبز المنافسين، والمنافسة سرها أن تنتج بتكلفة أقل فتقود سعريا، أو تتفرد فيما تنتج جودة ونوعا. إذا، هناك ما يبرر القول إن المطلوب هو الإبداع والاختراع والتطوير فهي لقيم القدرة التنافسية وليس حجم المنشأة.
وليس أدل على ذلك من أن منشآت عملاقة ذوت وتلاشت، وعلى النقيض تَعملقت أخرى رغم أنها بالغة الصغر "ولدت في كراجات". والأمثلة هنا أكثر من أن تعد، وقد تكفي الإشارة للتناقض المعاش في أوضاع شركتين: جنرال إلكتريك العملاقة وما تعانيه من سقوط رأسي الذي لم يحصنها حجمها منه، فقد كانت أثمن شركة قبل نحو عقدين من الآن، وبالمقابل نجد شركات صغيرة ولدت قبل أقل من عقدين تتربع حاليا كجواهر التاج في عالم المال والأعمال. وهكذا، لننجح اقتصاديا - وتعريف النجاح هنا هو أن نحقق مستهدفات "الرؤية 2030" - فنحن بحاجة إلى الإبداع والاختراع والتطوير، بغض النظر عن حجم المنشآت. وأختتم بقصة نجاح لشركة سعودية نجحت وكبرت، رغم أنها في مجال مغرق في التقليدية وهو الأكل، انطلقت في مجال البيتزا قبل خمس سنوات، واليوم لديها أكثر من 140 فرعا، والسبب أنها أبدعت واخترعت وطورت فأصبحت كبيرة!
نقلا عن الاقتصادية
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع