الأصل أن مغادرة وافدين من القطاع الخاص تجلب وظائف للمواطنين، ولو قلَّت. لكن لدينا حالة عكسية؛ أي أنها تجلب بطالة. وهذه الحالة تبدو غريبة كاللغز، لكن لا لغز ولا غرابة في الموضوع لمن يتأمل بعمق بنية سوق العمل في بلادنا. والكلام كله عن المديين القصير والمتوسط. أما على المدى البعيد والبعيد جدا، فكل شيء في بنية سوق العمل ممكن تغيره أو تغييره.
ما بنية وخصائص سوق العمل السعودية، التي تشكلت خلال عشرات السنين، التي لها علاقة بموضوع المقال؟ وهي خصائص أسهمت في قوة اعتمادنا على الوافدين. وللتوضيح؛ يجب أن يُفهم أن هذه الخصائص تنطبق على الوضع العام على مدى هذه السنين، وليس على كل حالة، وكل وقت، وكل ظرف.
1. تجزئة: رغم أن نظام العمل واحد، لكن نظام الإقامة يفرض قيودا وواجبات على الوافد، تقلل من تكلفته الشاملة «من استقدامه حتى مغادرته»، وتزيد من الرغبة في استقدامه وتوظيفه، مقارنة بالمواطن، حتى لو تشابه راتبه بالمواطن، فكيف إذا كان أقل في الغالبية العظمى. وكلامي عن توظيف وافد بطريقة نظامية، وليس عن تستر.
2. حِرَفية: أكثرية الحرف الحالية لم تكن معروفة لدى أجدادنا، بل دخلت بلادنا تدريجيا بعد ظهور ثروة النفط. ومع الأسف، أُهمِل تدريب المواطنين الحرفي خلال عشرات السنين الماضية، بل تدهورت حرف كانت قائمة من قبل، وأصبحنا لا نعرفها إلا في مناسبات كمهرجان الجنادرية.
3. أَنَفَة: احتقر عبر القرون بعض عرب شبه الجزيرة العربية الحرف القائمة على العمل بآلة بمعناها البسيط. كثرت واتسعت الوظائف الحرفية المرتبطة بالآلة، وأصبحت تشكل نسبة كبيرة من الوظائف. في المقابل، لم تُبذَل جهود معتبرة لتغيير ثقافة المجتمع، بل عُمل العكس أحيانا.
4. تعليمية: خاصة تخصصات جامعية وشبه جامعية تطلبها سوق العمل بكثرة، لكن إدخالها في تعليمنا حديث نسبيا، ولا شك أنه قد بُذلت جهود كبيرة للتوسع في هذه التخصصات، ولكن تبقى مشكلة تحقيق الاستفادة المبتغاة.
5. دخل النفط: حوَّل البلاد - بحمد الله - من فقر إلى غنى، لكن الحصول على المال بسهولة، أو ما عبَّر عنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالإدمان على النفط، كما أن له منافع - قلل منزلة الجهد والعمل في الكسب عند غالبية الناس. وهذه مسألة سلوكية نفسية واجتماعية مشاهَدة في البشر.
عندما تأتي قرارات وبرامج بهدف السعودة أو التوطين أيا كان الاسم، لا شك أنها جهود مقدرة ولها فوائد كبيرة، لكن في المقابل لها ردود فعل بثمن أو تكلفة، ذلك أن الاقتصاد كالفيزياء: "لكل فعل رد فعل".
هناك ثلاثة اعتبارات أساسية في تكلفة ردود الفعل والآثار، في ظل خصائص سوق العمل السعودية السابقة:
الأول، مدى تأهل سوق العمل والمواطنين للسعودة أو التوطين.
الثاني، مدى جودة التدرج في تطبيق برامج السعودة أو التوطين.
الثالث، مدى جودة التدرج في تقليل الاعتماد على النفط، ويشمل هذا التقليل إصلاح المالية العامة، وتخفيض حجم الدعم والإعانات الحكومية.
قاعدة؛ كلما قل مستوى التأهل أو التدرج، كانت تكلفة السعودة أو التوطين أعلى.
إحدى نتائج الخصائص الخمس السابقة لسوق العمل السعودي، وجود منشآت كثيرة صغيرة غالبا في القطاع الخاص، لكن جدوى هذه المنشآت أصلا مستند إلى أن أغلبية مَن يعمل فيها وافدون. والكلام على التي تعمل وفق النظام، فإذا جاءت أنظمة وتسببت في رفع تكلفة بقاء هؤلاء الوافدين أو مغادرتهم، فإن بعض هذه المنشآت ستغلق، أو تتقلص أعمالها، والنتيجة بطالة بعض مَن كان يعمل فيها من سعوديين، حتى إن كانوا أقلية. وبعض أصحاب تلك المنشآت تحولوا إلى عاطلين، هذا ليس كلاما خياليا محضا، بل وقع بالفعل.
المطلوب؟
يجب أن تراعى الاعتبارات الثلاثة السابقة. وفي هذا، يجب أن تتزامن مع برامج السعودة والتوطين جهود قوية لتخفيف حدة العوامل الثلاثة الأولى: التجزئة والحداثة الحرفية والأنفة. وسأتحدث فقط عن الأول لضيق المقام عن التفصيل في الثاني والثالث.
مطلوب مثلا تعديل نظام الإقامة، بما يسهل على الوافد تغيير صاحب العمل، حتى لو لم يوافق صاحب العمل، بعد مضي فترة عمل تُقرر. طبعا لا بد أن يتزامن مع تسهيل تغيير صاحب العمل ما يسمى شعبيا "نقل الكفالة" أمران: وضع ضوابط للعملية، وتشديد قوي جدا في منح تأشيرات جديدة.
المثال التالي يسهل فهم كيف يحفز نظام الإقامة الحالي على تفضيل توظيف وافدين: تخيل أنك ذهبت إلى معرض لشراء آلة معمرة كالثلاجة. وتخيل وجود ثلاجة مستوردة عليها ضمان ثلاث سنوات وثلاجة مصنوعة محليا عليها ضمان بضعة أشهر فقط. وتخيل أن مواصفات وسعر كل ثلاجة هو نفسه. وأن استهلاك المحلية للكهرباء ليس أقل من المستوردة. وتخيل أن أوضاع السوق تتيح لك لاحقا أن تستغني عن الثلاجة المستوردة بطريقة أقل تكلفة مقارنة بالمصنعة محليا.
والسؤال إذن: أي الثلاجتين ستشتري؟ بالتأكيد المستوردة، والسبب أن الواحد منا يقدم مصلحته. وإذا كان سعر المستوردة أقل، فتفضيلك لها سيزيد. وهذا التصرف ينطبق على سوق العمل.
نقلا عن الاقتصادية
نقلا عن الاقتصادية
لأن منشأت القطاع الخاص أغلبها تستر وتعتمد على الأجنبي وكانت معتمدة على السعودة الوهمية والان انكشف من الصادق في التوطين ومن الذي يرغب فقط في تحقيق سعودة من أجل إصدار تأشيرات.
مثال الثلاجة الذي استشهدت به غير واقعي ولاينطبق على العامل السعودي والعامل الاجنبي لأن الاصل عدم وجود عامل سعودي فكيف يصح المثال !!
انا لا اوافقك الراي .اعتقد ان الموضوع مرتبط بالاقتصاد الكلي وعدم وجود صرف حكومي وعدم وجود نمو للاقتصاد وليس له علاقه بوجود عماله اجنبيه كبيره غير مدربه. لو كان الاقتصاد في مرحلة نمو وقادر على خلق وظائف لسرع كثير في عملية الاحلال.
من بنى وصمم وهيكل القطاع الخاص السعودي هم الاجانب ... تم تصميمه وهيكلته على مقاسهم !!... وظائف ورواتب .... الوظائف اغلبها وظائف متدنيه وبرواتب ضعيفه ...ربما مايتم الان هو هدم لكل ماهو قائم واعادة بناءه وهيكلته لكي يستوعب السعوديين ابناء البلد ...هي عمليه ( جراحيه ) مؤلمه للسعوديين قبل الاجانب ، لكنها ضروريه لاعادة هيكلة وبناء القطاع الخاص والقضاء على التستر التجاري الذي تسبب في استنزاف الاقتصاد الوطني عن طريق تحويل الاموال الى خارج البلاد بمبالغ مهوله فاقت المئه وستين مليار ريال سنويا !! بالنسبه للوظائف على وزارة العمل انتقاء الوظائف التي تتلائم ومؤهلات السعوديين ... نحن نتحدث اليوم عن بطالة خريجي جامعات يحملون البكالوريوس في مجالات الهندسه بكل فروعها وحتى الطب !!.. هذه المؤهلات لا يناسبها وظائف بائع وكاشير وماشابه وفي نفس الوقت نرى في شركات كثيره كبيرة الحجم لازال مهندسون وفنيون اجانب والسعودي لايجد فرصه فيها !!...
السلام عليكم ، يشكر الكاتب أولا ، وادود القول بان هناك أسباب كثيرة لزيادة البطالة للسعوديين أولها : ان صاحب العمل ولتدني الدخل يقوم بفصل السعودي قبل الغير سعودي
عزيزى الكاتب أخالفك الرأى فى قولك ( أكثرية الحرف الحالية لم تكن معروفة لدى أجدادنا، بل دخلت بلادنا تدريجيا بعد ظهور ثروة النفط. ومع الأسف، أُهمِل تدريب المواطنين الحرفي خلال عشرات السنين الماضية، بل تدهورت حرف كانت قائمة من قبل، وأصبحنا لا نعرفها إلا في مناسبات كمهرجان الجنادرية. إنتهى). ياسيدى آباؤنا وأجدادنا كانوا حرفيين فهناك الجزار والبقال والنجار والبناء والحداد والمزارع والخياط والحلاق فكيف ننكر كل هذا !؟. ثانيا الدولة أنشأت معاهد التدريب المهنى بطول البلاد وعرضها منذ حوالى 60 عام وأنفقت عليها بكرم وسخاء فأين ذهب خريجى هذه المعاهد هل تعاملت مع أحد منهم هل رأيت أحدا منهم!؟ البطالة لدينا فى معظمها بطالة توظيف إدارى وليست بطالة مهنية أو حرفية.أخيرا أقول متى متى نعترف بالواقع ونطالب بما يستطاع !؟
للاسف مكتب العمل لم يعمل دراسة هل المواطن سوف يتحمل دوام الفترتين اكيد لا لان ليس مغترب اغلب قطاع الخاص يتكون من فترتين وليست فترة واحده ممكن يكون عزوف كثيرمن الناس عدم تحمل دوام الفترتين هنا تكون البطالة في زيادة ولن تنخفض