بشكل عام سأقسّم الآن سوق البترول إلى ثلاثة أسواق (السوق الفوري، والسوق الآجل، وأسواق براميل الورق) هذه الأسواق الثلاثة تؤثر - وتتأثر - ببعضها وبعضها الآخر. ورغم أنها تختلف في تفاصيلها والمتعاملين فيها وخصائص كل سوق منها. لكن معظم كتابنا -واضح من كتاباتهم- أنهم لا يُفرّقون بين هذه الأسواق الثلاثة.
السوقان الأولان (الفوري والآجل) هما السوقان اللذان يتم فيهما -حقيقة- بيع وشراء براميل البترول. بينما السوق الثالث (الورق) يتم فيه بيع وشراء البترول فقط على الورق.
لكن الشيء الذي قد يُفاجئ الكثيرين من القراء لهذا المقال هو أن سعر سوق براميل الورق (futures) هو السعر الذي على أساسه تتحدد أسعار البترول.
عندما كنت أكتب رسالتي للدكتوراه في النصف الأول من الثمانينات لم يكن يوجد للبترول غير سوقين هما: السوق الفوري وسوق العقود طويلة الأجل.
السوق الآجل (العقود طويلة الأجل) في الفترة بين منتصف السبعينات والثمانينات كان بسيطاً يتم فيه الاتفاق مباشرة بين البائع (غالباً شركات الدول المصدرة للبترول) والمشترين (غالباً المصافي والتجار في الدول المستوردة للبترول). كانت أرامكو تضع سعرها الرسمي ومن ثمة على ضوء سعر أرامكو المعلن تضع دول أوبك الأخرى أسعار بترولهم.
كذلك السوق الفوري كان بسيطاً وهو غالباً سوق للطرف الثالث حيث كانت غالباً شحنة على ظهر ناقلة في طريقها لميناء المشتري ولكن يأتي زبون محتاج فيرفع السعر قليلاً فتغير السفينة مسارها في عرض البحر إلى ميناء المشتري الجديد.
لكن بعد منتصف الثمانينات نشأت لأول مرة أسواق الورق. أولاً كتجربة في بورصة نيويورك عام 1983. ثم في بورصة لندن عام 1988 ليصبح سوق لندن هو الأشهر عالمياً حيث أصبح سعر برنت الورق هو السعر الذي يسترشد به سعر برنت الفوري. وبالتالي سعر برنت الآجل وبالتالي أسعار بقية بترول العالم. عدا السوق الأميركي الذي كان يتم تسعيره وفق مؤشر مزيج غرب تكساس (WTI) ولكن مزجه بالبترول الصخري الردئ جعله يفقد عالميته.
لم يعد سوق البترول بسيطاً -كما كان في السبعينات والثمانينات- بل أصبح سوق البترول بعد اختراع براميل الورق أسواقاً مُتعدّدة لا حصر لها تسمى أسواق المشتقات. ربما أشهرها هو سوق ما يسمى (أوبشنز) حيث يحق للبائع أو المشتري الخيار -عند وقت استحقاق العقد- إما تنفيذ العقد وفق السعر المتفق عليه أو يقول: هوّنّا (أي يُلغي العقد).
لا نستطيع أن نوفي أسواق البترول بعض حقها من الشرح في مقال أو مقالين مهما حاولنا الاختصار والتبسيط وعدم الدخول في التفاصيل. لذا سنخصص -إن شاء الله- مقالاً مستقلاً عن كل سوق من أسواق البترول الثلاثة.
نقلا عن الرياض