ارتفعت مؤشرات سوق الكويت للأوراق المالية لشهر فبراير 2010 بالمقارنة مع الشهر الذي سبقه (يناير)، حيث ارتفع المؤشر الوزني بمعدل 13.5% بفارق ملحوظ عن ارتفاع المؤشر السعري الذي كان بمعدل 5.0% ، وقد انقلبت حركة المؤشرين رأساً على عقب ما بين شهري يناير وفبراير 2010 ، فالمؤشر السعري كان الأفضل خلال يناير بمكاسب 0.3% ، في مقابل خسائر للمؤشر الوزني بمعدل 2.9% ، وقد قاد هذا الانقلاب – إن صح التعبير في حركة المؤشرين - سهم " زين " الذي حقق مكاسب بمعدل 41% خلال فبراير 2010 على خلفية إعلان الاتفاق المبدئي لبيع " زين أفريقيا " بمبلغ 10.7 مليارات دولار أمريكي ، والذي أحدث ما يشبه الانتفاضة في البورصة الكويتية ، حيث ارتفعت – وبشدة – أسعار مجموعة أسهم مرتبطة بسهم "زين" ، والتي حرّكت مياه البورصة الراكدة ، كون نوايا إبرام الصفقة تبدو جدية ومنطقية هذه المرة ، وذلك على خلاف الصفقات العملاقة المعلن عنها مؤخراً والمرتبطة بشركة الاتصالات المتنقلة "زين" ، وقد دعم المؤشر الوزني أيضاً خلال فبراير تحسّن وضع سهم " أجيليتي " والأسهم المرتبطة به أيضاً ، وذلك على خلفية ما يتردد من خروج قضيتها في الولايات المتحدة من عنق الزجاجة ، والذي فسره بعض المراقبين والمحللين أنه لصالح "أجيليتي " ولو مرحلياً . وقد قفز متوسط التداول اليومي على أثر المتغيرات أعلاه بمعدل 53% ليبلغ 92.3 مليون دك في فبراير بالمقارنة مع 60.3 مليون دك في يناير ، ورغم تلك القفزة في التداول المرتبطة بأحداث مهمة و حساسة ، إلا أنّ جرعة التداول الوهمي لا زالت مرتفعة ، وذلك من حيث التداولات المتفق عليها على شريحة من الأسهم المعروفة ، والتي تعرضنا لها في عدة مناسبات سابقة.
تفوّق الكويت... ولكن! وعلى خلفية " الانتفاضة " التي حدثت في بورصة الكويت كما أسميناها في الفقرة السابقة ، فقد تفوق أداء بورصة الكويت بشكل مفاجئ على جميع بورصات الخليج ، حيث تصدرت المركز الأول بأداء ايجابي بلغ 10% للمؤشر الوزني ، تلتها بورصتا مسقط والسعودية بمعدل 5% لكل منهما ، ثم بورصة البحرين بمكاسب 4% ، أما بورصة دبي فكانت خاسرة بمعدل 12% ، بينما خسرت بورصتا الدوحة وأبوظبي 1% لكل منهما ، وذلك منذ بداية العام الجاري حتى نهاية فبراير الماضي .
وبالرغم من تمنياتنا لبورصة الكويت بالمحافظة على المكاسب الحالية على أقل تقدير - إن لم نقل إضافة مكاسب أخرى ولكن على أسس سليمة ومتينة - إلا أننا نخشى أن ينطبق عليها المثل الذي يقول معناه " ما يأتي بسرعة يذهب بسرعة أيضاً " ، وذلك جرّاء المشاكل الكامنة والمفاجآت المباغتة ، والتي علّمتنا عليها بورصة الكويت بشكل يصعب تجاهله ، وترجع تلك المفاجآت غير السارّة إلى استشراء الفساد وانعدام الإحساس واللامبالاة من جانب بعض المسؤولين عن المرافق الاقتصادية الحسّاسة ، والذي أدى إلى تأهيل عناصر فاسدة في البورصة وخارجها لها الأثر المدّمر والمدوي على المسرح البورصوي والاقتصادي .
وعادت حليمة لعادتها القديمة ! لا شك بأن الأزمة الاقتصادية العالمية والمحلية خاصة بما يتعلق منها بسوق المال يجب أن تكون درساً مفيداً لإعادة الحسابات وتفادي الأخطاء وتلمس الإيجابيات ، وهذا ما نتمناه ، لكن تمنياتنا يبدو أنها ستذهب مع أدراج الرياح كما يقال ، حيث إن بعض الشركات التي تعثرت خلال الأزمة ورتبت أمورها مرحلياً ، عادت مرة أخرى للممارسات السلبية السابقة ، والتي كانت من أسباب سقوطها وتعثرها ، ومن تلك الممارسات التلميع الإعلامي والحملات الدعائية "بروبوغندا" ، وذلك بما لا يتناسب إطلاقاً مع الإنجازات الحقيقية.
إن "البروبوغندا" الزائفة التي انتهجتها بعض الشركات المدرجة قبل الأزمة ، هي التي ضاعفت من حدة الصدمة لدى الجمهور ، وبالتالي ، فقدان الثقة بتلك الشركات بشكل سريع للغاية، حيث تبيّن مدى زيف النجاحات والإنجازات ، والتي ترتبت عليها جوائز وشهادات ما أنزل الله بها من سلطان ، حيث إن أكثر الشركات التي نالت الجوائز والشهادات - خاصة الاستثمارية منها – هي نفسها التي سقطت أثناء الأزمة ، وهذا ما يؤكد الأسس المشبوهة لمنح تلك الجوائز والشهادات.
وأخيراً ، فإننا نرجو مرة أخرى استفادة الجميع من الدرس القاسي الذي مررنا به ، وأن نبدأ صفحة جديدة بعيدا عن البهرجة والتلميع ، حيث نتمنى من "حليمة " عدم العودة إلى عادتها القديمة ، حتى لا تأتيها الضربة القاضية هذه المرة ، والتي لا يقتصر ضررها عليها وحدها ، بل على أعداد غفيرة من المُعجبين ببهرجتها .
صفقة زين.. والشفافية أعلنت شركة الاتصالات المتنقلة " زين " عن تلقيها عرضاً من شركة "بهارتي أرتل ليمتد" لشراء " زين أفريقيا " بما يُقدر بـ 10.7 مليارات دولار أمريكي ، وذلك يوم الأحد الموافق 14/2/2010 ، وذلك رغم نفي " زين " رسمياً أي عروض لشراء " زين أفريقيا " وذلك بتاريخ 8/2/2010 ، وقد ارتفع سهم " زين " بالحد الأعلى تقريباً يومياَ خلال الأيام 7 و 8 و 9/2/2010 ، أي قُبيل إعلان الصفقة رسمياً ، وأيضاً أثناء نفي " زين " تلقيها أي عرض لشراء عملياتها الأفريقية ، مما يفتح الباب على مصراعيه لاحتمالات تسرّب خبر الصفقة للبعض ، والذي أدى إلى استغلال ذلك التسريب لتحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب البعض الآخر ، مما يتطلب – من وجهة نظرنا – فتح تحقيق بملابسات الموضوع ، وقبل كل ذلك ، إلغاء الصفقات التي تمت من تاريخ 8/2/2010 حتى 11/2/2010 ، وهي الفترة التي شهدت نفياً من إدارة " زين " عن الصفقة وتداولاً ملفتاً قبل الإعلان الرسمي .
من جهة أخرى ، فإن إعلان " زين " الرسمي بتاريخ 16/2/2010 بشأن بعض تفاصيل الصفقة غير واضح ، ويحتمل العديد من التأويلات والتفسيرات ، ومن أوجه غموض ذلك الإعلان ، أنه لم يحدد صافي الربح وربحية السهم الناجمة عن الصفقة بشكل واضح ، وهو أهم إفصاح تتطلبه أبسط معايير الشفافية ، حيث تحدّث الإعلان المذكور عن عوائد من الصفقة تبلغ 5 مليارات دولار أمريكي كحد أقصى ، كما أن عبارة " عوائد " غير واضحة ، هل هي النقد الصافي المتحصل ؟ أم صافي الربح ؟ ، والذي هما موضوعان مختلفان تماماً ، كما أن الإعلان حدد حداً أقصى للعوائد ، لكنه لم يحدد حداً أدنى ! ولا شك أن هذا الأمر غير مقبول مهنياً ، حيث يجب تحديد مدى منطقي للعوائد أو صافي الربح ، وليس أن يتم تحديد حد أعلى دون الحد الأدنى ! وقد تم توجيه كتاب رسمي من جانبنا إلى شركة الاتصالات المنقلة " زين " لتوضيح الغموض في الإعلان المذكور لمصلحة عموم مساهمي الشركة أولاً، والمتداولين في سوق الكويت للأوراق المالية ثانياً ، وكذلك حفاظاً على سمعة أكبر شركة كويتية علاوة على سمعة الاقتصاد الوطني ، إلا أننا لم نتسلم ردًا حتى الآن !
أما امتناع " زين " عن تحديد كيفية التصرف بأرباح الصفقة إن تمت ، فإن ذلك أمر منطقي ، حيث إنه من السابق لأوانه تحديد ذلك ، كون الصفقة لم تتم نهائياً ، كما أن من يقرر ذلك هو الجمعية العامة للمساهمين ، وليس إدارة الشركة ، وعلى كل حال ، فإننا نتمنى – كما يتمنى الجميع – أن تتم الصفقة بشكل نهائي ، وأن يترتب عليها سيولة كبيرة وأرباح وفيرة ، وذلك حتى تنعش وضع البورصة ولو مرحلياً أوجزئياً ، وكذلك الوضع الحرج لبعض البنوك .