تشهد أسواق المال في المنطقة نشاطاً ملحوظاً خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة، إذ تُفصح الشركات المساهمة وهي من أبرز أنواع شركات الأموال وأهمها وأكثرها نشاطاً، وتلعب دوراً مهماً في تعزيز أداء الأقتصاد الوطني وحل مشكلة البطالة، وتوظيف أموال كل شرائح المستثمرين. وهي تُفصح عن نتائج أعمالها عن الربع الأول من السنة، ثم النصف الأول، فالتسعة أشهر الأولى والعام بأكمله. كما يتم خلال هذه الفترة إعلان الشركات عن توزيعاتها ومصدرها. والمصدر الأول هو التوزيعات النقدية، والثاني المكاسب الرأسمالية الناتجة من ارتفاع سعر الأسهم في الأسواق خلال السنة، وأخيراً الأسهم المجانية التى توزعها الشركات كل عدد من السنوات.
كما يشهد الثلث الأول من العام انعقاد الجمعيات العمومية السنوية، حيث تعمل الجهات الرقابية على حماية حقوق صغار المساهمين، والذين لا يملكون قوة تصويت مؤثرة في الجمعيات العمومية. وضعف هذه القوة أدى إلى عزوف نسبة مهمة منهم عن حضور هذه الجمعيات، على رغم قناعتهم بأهمية هذه المناسبة، باعتبارها فرصة للالتقاء بمجلس الإدارة ، والإدارة التنفيذية ومدققي الحسابات الخارجيين وممثلي الجهات الرقابية. مع العلم أن الجمعيات العمومية هي أعلى سلطة في الهيكل التنظيمي للشركات المساهمة، ومن صلاحياتها الموافقة أو عدم الموافقة على إبراء ذمة مجلس الإدارة، ومراقبي الحسابات، وقوانين الحوكمة. وحماية أقلية المساهمين تفرض عدم استغلال الإدارة لأموالهم، والتأكد من سعيها إلى تعزيز ربحية أسهم الشركات وقيمتها على المدى الطويل، مع الأخذ في الاعتبار وضع الآليات التي تمكن حملة الأسهم من فرض رقابة على الإداره في شكل فاعل.
وبعض الدول في المنطقة، وفي مقدمها السعودية، طبقت خدمة التصويت الإلكتروني التي تمكن مختلف شرائح المستثمرين من ممارسة حقوقهم التصويتية على بنود أعمال الجمعيات العمومية، والتصويت على القرارات المهمة والمصيرية من دون حاجة إلى الحضور إلى مقر انعقاد هذه الجمعيات، ما يساهم في زيادة نسبة المشاركة الفعالة في التصويت، وفي خفض التكاليف المادية الناتجة من عدم اكتمال النصاب القانوني والتي تتحملها الشركات. ويذكر أن الجمعيات العمومية تعطي الفرصة لكل شرائح المساهمين بمناقشة مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية عن الأسباب المنطقية التي أدت إلى تعثر نسبة مهمة من الشركات المساهمة، ما أدى إلى انخفاض سعرها السوقي إلى أقل من القيمة الاسمية والدفترية نتيجة توقف توزيعاتها وانخفاض قيمة حقوق مساهميها عن قيمة رأس مالها، وتوقف تدفقاتها النقدية أو انحسارها، وتراجع مؤشرات سيولتها.
وعادة ما تتفاعل الأسواق المالية مع الإفصاحات الربعية للشركات (كل ثلاثه أشهر)، إذ تعطي هذه الإفصاحات مؤشرات أولية عن توقعات أدائها خلال العام بأكمله، بخاصة إذا ظهرت مؤشرات التعثر المالي وفي مقدمها توقف الشركات عن تسديد ديونها والتزاماتها، بينما تظهر خلال العام مؤشرات إفلاس الشركات عندما تعجز عن مواجهة التزاماتها، وتكون قيمة أصولها أقل من قيمة مطلوباتها.
في المقابل، نلاحظ أن وراء كل شركة عظيمة إدارة ناجحة، بحيث لا تقتصر هذه الإدارة على الآباء والأبناء والأقارب الذين يحملونها تكاليف مالية باهظة على هيئة رواتب وامتيازات، وهي قيادات وإدارات غير كفؤة لا تحقق تطلعاتها ولا تنجز مشاريعها. بينما مؤشرات الإدارة الناجحة هي النمو المتواصل في صافي الأرباح، الذي ينعكس على سعر أسهمها في السوق بالارتفاع المتواصل، إضافة إلى النمو المتواصل في توزيعاتها، إذ تعطي التوزيعات مؤشرات أولية عن قوتها المالية، وارتفاع مؤشرات سيولتها وكفاءة إدارتها. وبالتالي نلاحظ أن الجمعية العمومية لشركة «ماركه الإماراتية» أجلت المصادقة على نتائج أعمالها عن عام ٢٠١٧ بعد رفضها الموافقة على تقرير مدقق الحسابات إلى حين الحصول على تقرير الخبير، الذي كلّف بالنظر في الاستحواذات والتخارجات الخاصة بالصفقات التابعة للشركة. وهناك شركات تحفظت على ارتفاع مكافأة إدارتها التنفيذية وتواطؤ الكثير من مدققي حسابات الشركات مع مجالس الإدارة والإدارة التنفيذية من خلال مصادقة المدققين على لوائح مالية لا تعكس حقيقة الأوضاع المالية.
نقلا عن الحياة