سعر البترول هو الخبر الأهم الذي يتابعه العالم يوماً بيوم منذ العام 1973 عندما عرف العالم لأول مرة (بالذات الأميركي ثم الأوروبي) أن البترول تملكه دول ذات سيادة مستقلة وليس البترول ملك لشركات البترول العالمية (الأخوات السبع) المملوكة للدول العظمى التي كانت تسيطر على إنتاج وتسعير البترول وحدها من طرف واحد من غير أخذ رأي الحكومات المضيفة التي يقع البترول داخل أراضيها وتعتمد على إيرادته كمصدر للعيش.
لقد طرأت تحولات رئيسة وظهر لأول مرة لاعبون جدد في السوق العالمي للبترول مع مطلع السبعينات فتم إنشاء وكالة الطاقة الدولية (iea) عام 1974 لتقوم بدور فريق الدول المستهلكة للبترول ليلعب ضد فريق الدول المصدرة للبترول (أوبك).
ثم تلاها بعد ثلاث سنوات إنشاء إدارة معلومات الطاقة الأميركية (eia) عام 1977 لتكون الفريق الثالث المشارك -غير الرسمي- في لعبة دوري السوق العالمي للبترول.
كذلك تلاحقت التطورات الهيكلية سريعاً في السوق العالمي للبترول منذ مطلع الثمانينات حيث تم إنشاء أول سوق لبرميل الورق (Futures) في نيويورك عام 1983 ليتم تداول بترول غرب تكساس الذي أصبح المؤشر لأسعار بترول العالم. ثم تلاه إنشاء سوق برميل الورق في لندن عام 1988 ليتم تداول بترول برنت الذي أصبح المؤشر الأشهر بجانب مؤشر غرب تكساس ليكون هذان السعران هما الُثنائي اللذان تقاس عليهما جميع أسعار البترول التي تتجاوز المئة وخمسين سعراً حسب نوع البترول المتداول في أنحاء الكرة الأرضية.
لكن كما أصبح الآن جميعنا نعرف أن البترول مورد طبيعي ناضب فبدأ بترول حقل برنت البريطاني في التناقص السريع وأصبح من الضروري تدارك الأمر سريعاً ومزجه تدريجياً ببترول حقول بحر الشمال الأخرى المماثلة له في الجودة والخصائص ليحافظ على مكانته (ولو مؤقتاً) كمؤشر عالمي لأسعار البترول.
أما بالنسبة لبترول غرب تكساس (WTI) فهو كذلك بدأ يتناقص بفعل عملية النضوب الطبيعي ولكن لم يكن يوجد بترول تقليدي كافٍ لدى أميركا له خصائص بترول غرب تكساس فاضطر البائعون لمزجه بالمكثفات ثم بالبترول الصخري (لا سيما بيرميان) الذي أخذ يطغى على مزيج بترول غرب تكساس فبدأ يفقد دوره كمؤشر عالمي لسعر البترول. وتخلت دول أوبك (منها أرامكو، والكويت، والعراق) من اتخاذه كمؤشر لبترولها المُصدّر إلى أميركا وتحوّلت الى استخدام سعر مزيج آرقوس (ASCI) بدلاً من سعر بترول غرب تكساس.
لكن من الملاحظ أن وسائل الإعلام المختصة بأسعار البترول (وبالطبع معظمها الأميركية) بدأت مؤخراً تعطي الأولوية لسعر غرب تكساس على مؤشر سعر برنت كبداية للترويج وفرض البترول الصخري (بيرميان) كمؤشر لأسعار البترول.
نقلا عن الرياض
قصة تستحق التأمل ، وخاتمة رائعة ،