نظرة على نتائج التقرير الدولي العاشر عن الاحتيال الوظيفي

19/04/2018 0
علاء أبونبعه

قبل أيام قليلة نشرت جمعية فاحصي الاحتيال المعتمدين الأمريكية (ACFE) تقريرها العاشر عن الاحتيال الوظيفي (Occupational Fraud) والذي يصدر كل سنتين. يحتوي هذا التقرير على معلومات قيمة عن طرق الاحتيال الوظيفي الشائعة، وأبرز الوسائل التي ساعدت في كشفها، وعن أهم أنشطة الرقابة الداخلية الفاعلة وغير الفاعلة لدى ضحايا الاحتيال من المؤسسات في كافة القطاعات، وعن صفات المحتالين ومستواهم الوظيفي، وغيرها من المعلومات. يعتبر هذا التقرير الأكبر في عدد الحالات التي تم دراستها، حيث تم دراسة 2690 حالة احتيال وظيفي حدثت في 125 دولة حول العالم (منها 92 حالة في 12 دولة عربية)، بلغت مجمل الخسائر الناتجة عنها سبعة بليون دولار أمريكي. قدرت الجمعية أن المؤسسات تخسر سنوياً ما يعادل 5% من مجمل ايراداتها نتيجة الاحتيال (أي أربعة ترليون دولار أمريكي عالميا إذا ضربت هذه النسبة بمجمل الناتج العالمي المقدر بثمانين ترليون دولار أمريكي). الغريب في الدراسة أن خسائر الشركات الصغيرة التي يقل عدد موظفيها عن 100 موظف تقارب ضعفي خسائر الشركات التي يزيد عدد موظفيها عن 100موظف، وهذا يعني أن أثر مخاطر الاحتيال الوظيفي في الشركات الصغيرة أكبر منها في الشركات الكبيرة.

أشارت الدراسة إلى أن مجمل الخسائر في الحالات التي تم اكتشافها عن طريق أنظمة الرقابة الداخلية كانت أقل من الخسائر في الحالات التي اكتشفت بالصدفة أو عن طريق التبليغ. وهذا يعني أنه كلما زادت قوة منظومة الرقابة الداخلية قلت الخسائر المتوقعة من الاحتيال الوظيفي. وأشارت الدراسة إلى أن ضعف أنظمة الرقابة الداخلية كان السبب الرئيس لحدوث نصف حالات الاحتيال. وأشارت الدراسة كذلك أنه كلما ارتفع المستوى الوظيفي للمحتال تزداد خسائر الشركة وذلك لسبب بسيط وهو قدرته على تجاوز الأنظمة والصلاحيات، حيث بلغ متوسط الخسائر عندما يكون المحتال أحد المديرين التنفيذين أو الملاك يكون 850 ألف دولار أمريكي ونسبتها 19% من الحالات، و150 ألف دولار أمريكي عندما يكون المحتال مديراً ونسبتها 34% من الحالات، و50 ألف دولار أمريكي عندما يكون المحتال مجرد موظف ونسبتها 44% من الحالات. 

أبرز النتائج الأخرى التي توصلت لها الدراسة:

1)اختلاس الأصول (Asset Misappropriation) مثل السرقة النقدية وغير النقدية وعمليات الصرف غير النظامية والتلاعب بالسجلات المحاسبية كانت أكثر حالات الاحتيال الوظيفي تكراراً على مستوى العالم، وتمثل 89% من الحالات. بينما في البلاد العربية كان الفساد (Corruption) مثل الرشوة وتضارب المصالح أكثر حالات الاحتيال الوظيفي تكراراً، 49% من الحالات.

2)لوحظ أن هناك علاقة طردية بين فترة حدوث الاحتيال ومجمل الخسائر المترتبة على المؤسسة، فكلما زادت الفترة من بداية عملية الاحتيال إلى اكتشافه زادت الخسائر، الدراسة أشارت إلى أن متوسط الفترة كان سنة ونصف، أي أن الاحتيال استمر في المتوسط سنة ونصف حتى تم اكتشافه. يرجع السبب لطول الفترة؛ بذل المحتالين جهد لإخفاء الاحتيال عن طريق خلق مستندات لا أصل لها (80% من الحالات)، والتلاعب بالمستندات (80% من الحالات)، واتلاف المستندات أو حذف البيانات ذات الصلة (43% من الحالات).

3)40% من حالات الاحتيال الوظيفي تم اكتشافها عن طريق التبليغ السري عن شبهة الاحتيال (Tips)، وترتفع هذه النسبة في حالات الفساد إلى 50%، وهذه التبليغات موزعة على النحو التالي:

•طريقة التبليغ: 42% عن طريق الهاتف (خط ساخن)، و26% عن طريق البريد الإلكتروني، و23% عن طريق الموقع الالكتروني للمؤسسة.

•المُبلغ: 53% موظفين، 21% زبائن، 14% مصدر مجهول، 8% موردين.

•مُستلم التبليغ: 32% المدير المباشر، 15% الإدارة التنفيذية، 10% التدقيق الداخلي، 12% زملاء العمل. تجدر الإشارة هنا إلى ضرورة توفير التوجيه اللازم والمساندة للموظفين حتى يقوموا بالتبليغ عن حالات الاحتيال المشتبه فيها.

4)14% من حالات الاحتيال كانت من قبل موظفين في الإدارة المالية والمحاسبية.

5)بالنسبة لعدد الشركاء في الاحتيال، أشارت الدراسة أنه كلما زاد عدد المشتركين في الاحتيال زادت خسائر الشركة، فمتوسط خسائر المؤسسة عندما يكون المحتال يعمل وحيداً 74 ألف دولار أمريكي، وعندما يشترك اثنان من الموظفين يرتفع متوسط الخسائر إلى 150 ألف دولار أمريكي، وعندما يكونوا ثلاثة شركاء أو أكثر يرتفع المتوسط إلى 339 ألف دولار أمريكي.

6)فقط 4% من المحتالين سبق ادانتهم في عمليات احتيال سابقة، و9% سبق فصلهم من وظائف سابقة لأمور متعلقة بالاحتيال.

7)في 42% من الحالات قررت إدارة المؤسسة عدم اللجوء إلى الجهات القضائية، وكان السبب الرئيس في 38% من الحالات الخوف من التأثير السلبي على سمعة المؤسسة، و33% بسبب اعتقادهم أن الإجراءات الداخلية التي اتخذت داخلياً مع المحتال كافية.

كل المؤسسات سواء أكانت حكومية أو خاصة معرضة لمخاطر الاحتيال الوظيفي، والذي مع الأيام تزداد خطورته وتعقيده، وبالتالي سوف يترتب عليه أضرار مادية جسيمة وأضرار معنوية ملموسة على كافة المستويات، ومما لا شك فيه يجب على قيادات المؤسسات العليا والتنفيذية بذل المزيد من الجهود في مكافحة الاحتيال والتقليل من الأضرار الناجمة عنه، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج.

خاص_الفابيتا