رسالة عثمان الخويطر

02/04/2018 4
مازن السديري

تلقيت الأسبوع الماضي رسالة أبوية من المهندس عثمان الخويطر.. أوضح فيها الكثير من المعلومات العلمية حول النفط الصخري وصناعة النفط بالإضافة لرأيه حول مستقبل الطاقة وختم الرسالة بنظرة مختلفة عن الكثيرين حول مستقبل النفط الصخري. وكما هو معروف فالمهندس عثمان عمل لعقود في أرامكو في مجال الحفر والتنقيب بل هو من جيل الروّاد متعه الله بالصحة والعافية.

الرسالة (استمتعتُ بقراءة مقالك الجميل، وعز علي إلا أن أوضح لك حقيقة ما يسمى بالنفط الصخري، وهي ترجمة غير دقيقة. ويسمونه في أميركا Tight oil أو shale oil وترجمتها نفط السجيل).

وهو لا يختلف عن بترولنا إلا في كونه يوجد داخل مسام صخور ميكروسكوبية مغلقة. بينما حال بترولنا تكون مسام الصخور التي يوجد فيها متواصلة مع بعضها. فيتطلب إنتاج "الصخري" ما يسمى بعملية التكسير. وهي فعلاً عملية تحدث شقوقاً في الصخور لتسمح له بالجريان في اتجاه البئر. والعملية تتطلب ضخ خمسة ملايين جالون ماء مع قليل من الرمل ومواد كيميائية تحت ضغط 15000 وحدة ضغط. وتأثير التكسير محدود جداً لا يتعدى عشرات الأمتار حول محيط البئر.. ولذلك فإن إنتاج البئر الصخرية ينخفض 70 % خلال السنة الأولى وينتهي عمرها الاقتصادي بعد أربع سنوات. ومعدل إنتاج البئر الصخرية لا يزيد على مئتين إلى ثلاث مئة برميل في اليوم، وأغلبها أقل. بينما معدل إنتاج آبارنا الحالي خمسة آلاف برميل، ويظل الإنتاج عشرات السنين، مقابل عمر الصخري القصير. مما يضطر المنتجين إلى حفر وإضافة ثلث الإنتاج سنوياً للمحافظة على مستوى الإنتاج ومنعه من النزول. فالبئر الواحدة من بترولنا يقابلها أكثر من عشرين بئراً صخرية.

ولو طرأ تحسن بسيط في عميات الحفر والتكسير فليس هناك تكنولوجيا تحل طبيعة الجيولوجيا التي تعوق إنتاجه وترفع التكلفة، واستطاعوا المحافظة على مستوى الإنتاج خلال الثلاث سنوات الماضية لأنهم تحولوا إلى مناطق يسمونها sweet spots معروفة عندهم بجودة الإنتاج وهي اليوم على وشك النضوب. ويعودون إلى المناطق المكلفة.

نعم، أميركا لديها إمكانات هائلة لا يملكها أي بلد آخر. لديهم آلاف الحفارات العاطلة والمعدات المساندة والأيدي البشرية المدربة وسهولة الحفر. لأنهم حفروا حتى الآن مليون ونصف المليون بئر، ويعرفون أرضهم شبراً شبراً. وهذا لا يتوفر لأي جهة خارجية. وخارج أميركا يحتاجون ضعف السعر الحالي ليكون إنتاجهم اقتصادياً. وحتى لو أنتجوا، مثل روسيا والصين وأستراليا، فسيكون مكلفاً وقليلاً جداً، فليس لديهم إمكانية تشغيل ألف حفار مثل أميركا، يكون إنتاجهم عشرات أو مئات الألوف من البراميل، وتتميز أميركا أيضاً بالدعاية والمبالغة غير الطبيعية. روسيا رفعت إنتاجها أربعة ملايين خلال سنوات ولم يتحدث عنها الإعلام الأميركي. وكندا تنتج مليوني برميل من الرمل النفطي لا تسمع عنه من الإعلام الأميركي مع أنه شبيه بالصخري.

ما يسمى بالصخري مستقبله محدود حتى بعد ارتفاع الأسعار، ومن غير المنطق أن نعتبره يهدد بترولنا. فهل يمكن قبول أن إنساناً كبيراً في السن يتعكز على عصوين أنه يهدد فتوة شباب مفتول العضلات؟ غير منطقي.

ونعود إلى المنطق، وقليلون الذين يهضمون المنطق، لم يكن الصخري في يوم ما إلا حليفاً مباركاً لنا ولإنتاجنا. لو لم يبدأ إنتاج الصخري قبل عشرة أعوام، لكنا اضطررنا حينها إلى رفع إنتاجنا إلى 13 مليون برميل. وتلك كارثة علينا وعلى حقولنا لو حدثت. الإنتاج الحالي أعلى من المستوى المثالي. ما كان يجب أن يتعدى إنتاجنا ثمانية ملايين، وكثيرة. هذه ثروة ناضبة والإسراف في استنزافها -ونحن لا نزال أمة غير منتجة- يقضي عليها مبكراً، ونجد أنفسنا بدون دخل وسط هذه الصحراء القاحلة. والأصوات التي تقول بالاستغناء عن البترول وهو أهم مصدر للصناعات العصرية واهمة. ليس هناك مثيل للبترول، مهما تحدثوا عن الاختراعات، ما هي إلا أفكار مضللة كنا نسمعها منذ ستينات القرن الماضي. والصخري من أهم العوامل التي تساعد على استقرار السوق البترولية ونعتبره من روافد بترولنا وليس منافساً لنا. هل سمعتم مسؤولاً لدينا تحدث ضد الصخري؟ أبداً، لم يحدث من أي مسؤول.

ادعوا للصخري بطول العمر والازدهار على مسؤوليتي.. انتهت الرسالة..

الحقيقة لقد أضافت لي رسالته الكثير لذلك أحببت إشراككم بها، وعندما وصلتني تذكرت صديقي وائل مهدي: "عثمان الخويطر يعطيك دائماً الشعور بالتفاؤل والخير وأن العمر لا يضع حداً للمشاركة والتفكير، فشباب الإنسان في عقله، فأبو نبيل.. نبيل في عطائه وصدره المفتوح دائماً للنقاش..

نقلا عن الرياض