الخبرة الفنية والمؤهلات أو ما يسمى بـ «المهارات الصلبة» وحدها لا قيمة لها بدون وجود المهارات والقدرات التي يمتلكها الشخص والتي تعرف بـ «المهارات الناعمة»، فهناك معايير تُقاس بها عملية التعيين والترشيح لأي منصب، سواء كان منصبا ثابتا أو مجلسا معينا أو حتى لجنة من اللجان المعتمدة، ولذلك معايير اختيار المرشحين لشغل المناصب القيادية والمجالس واللجان عامة يجب أن تخضع إلى مواصفات ومعايير مهنية واجتماعية، يراعى فيها تراكم الخبرات الفنية والإدارية والتوازن والقيادة بالرؤية بالإضافة إلى مهارة التصريح لأي جهة سواء كانت إعلامية أو للجمهور.
عملية الترشيح أوالتعيين ينبغي ألا ترتبط بالمعرفة الشخصية حتى لا نصل للترزز الاجتماعي، وحتى نعي أن التعيين أو الترشيح يعتبر مسؤولية وليس رفاهية، ومن المهم أن تتم تلك العمليات وفق معايير وشروط محددة لها جانب فني وجوانب أخرى تختلف من موقع لآخر، ويشمل ذلك عملية إعداد الصفوف الثانية والثالثة من القيادات، فلكل مرحلة ولكل موقع مهارات وسمات شخصية يتفاوت مستواها، ولا يوجد ارتباط مباشر بينها وبين «العمر» حتى لا نظلم الكفاءات.
على سبيل المثال، للأسف وصلنا لمرحلة نجد فيها اجتهادات وتصاريح لبعض الأعضاء في مجالس أو لجان بمواضيع بعيدة عن تخصصاتهم وبمبررات تؤدي لنرفزة المتلقي أو قارئ تلك التصاريح، وأدى ذلك لانقسامات خطيرة بسبب اعتقاد البعض بأن أصحاب تلك التصاريح «قدوات» في المجتمع وفقا لمناصبهم، وبتحليل تلك الظاهرة نجد أن الأسباب تنحصر في افتقار العديد منهم لمهارات الاتصال مع الجمهور والتي تعتبر أحد فنون الإدارة والتي تُكتسب من التجارب المتراكمة، بالإضافة إلى «الحديث في غير التخصص».
كونك دكتورا وخبيرا في مجال معين لا يعني أنك ستصل لنفس المستوى في المجالات الأخرى، فتركيزك على تخصصك ومجالك سيكون إضافة بدلا من التشتيت في الحديث عن مجالات أخرى قد يصل بسببها تصريحك للتقليل من قدراتك وخبراتك، وتعيينك في مجلس أو لجنة لا يعني أنك مُلزم بالتصريح في مجالات بعيدة عن تخصصك، فالتصاريح لا تعني السباق نحو المناصب الأخرى أو الطريق للبقاء في المكان لأطول فترة ممكنة، وحال الماضي يختلف عن حال الوضع الحالي وحتى الوضع في المستقبل، وتجارب النجاح لا تعني أنها بالإمكان استنساخها وتطبيقها على الجميع حتى نصل لمطالبات غريبة بحجة أنها كانت ناجحة في زمن أجدادنا.
في الوقت الحالي، من المهم أن يتم الإعلان بشكل رسمي وثابت بأن تصريحات أعضاء المجالس واللجان لوسائل الإعلام والجمهور من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، بأنها تمثل آراءهم الخاصة ولا تمثل المجالس واللجان، فالعديد من التصريحات مؤخرا نجدها تُثير الجدل مجتمعيا، وما أتمناه أن يتم التركيز على ضبط تلك السلوكيات خاصة لمن يصرح في مجالات بعيدة عن تخصصه ومجاله بحجة وجوده في موقع معين، ولو رجعنا للعديد من اللقاءات التلفزيونية والكتابات في مواقع التواصل الاجتماعي لبعض أعضاء المجالس واللجان سنجد أننا أمام «نرفزة إعلامية» مثيرة للجدل بدلا من وجود مخرجات ومقترحات للعديد من القضايا، وسبب ذلك «الحديث في غير التخصص» والذي انتشر بشكل ملفت.
التعيينات والترشيحات تندرج تحت ''صناعة القيادات» والتي ينبغي أن تكون صناعة مستمرة ومتواصلة في المملكة، فالإمكانيات بالثروة البشرية التي نمتلكها كبيرة ولله الحمد، والكفاءات المحلية بانتظار الإشارة فقط، ووجهة نظري أننا بحاجة ليكون لدينا (تجمع) أو(منصة) للكوادر المحلية المميزة في مختلف التخصصات؛ للرجوع إليها عند الحاجة، ويتم تطويرها ببرامج قيادية مكثفة؛ لتكون جاهزة في أي وقت لقيادة المجالس واللجان التي يتم تشكيلها، وبالإضافة لذلك أصبح من المهم أن نؤسس مركزا لتقييم الكفاءات المحلية بشهادات وإجراءات معتمدة؛ حتى يتم الاختيار الصحيح الذي يخدمنا ويعود بالنفع على المجتمع.
نقلا عن اليوم