تفيد الدلائل الإحصائية أن مبيعات منصات علي بابا في العام 2017 بلغت 750 مليار دولار. وبقراءة سريعة للناتج المحلي لدول العالم (187 دولة) وجد الفقير إلى ربه أن هذا المبلغ يعادل مجموع الناتج المحلي لعدد 87 دولة من دول العالم الثالث وهو ما يقارب نصف دول العالم مجتمعة!!!. هذا الإنجاز المذهل يعود بعد إرادة الله إلى اجتماع عاملي التقنية والحكمة.. لا يمكن لعاقل أن يدعي بأن التقنية وحدها خلف هذا الإنجاز العظيم، والدليل على ذلك أن التقنية يملكها الكثير والكثير ممن لم يستطع أن يحقق أي إنجاز يذكر. نعم التقنية تحفظ وتتذكر وتحلل بطريقة تفوق قدراتنا البشرية ولكن ينقصها الرشد والحكمة التي مكنت بعض مستخدميها من تحقيق إنجازات نوعية كما هو الحال – على سبيل المثال - في قيادة جاك ما المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة علي بابا للتجارة الالكترونية. وعلى الطرف الآخر فإن الحكمة والرشد يمكن أن تصنع الشيء الكثير ولكنها لن تستطيع أن تحقق الأهداف الاقتصادية بمعزل عن التقنية. ولذا فإن التطور والتقدم الاقتصادي الإيجابي السريع وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمنظمات وللدول غالبا ما ينتج عن تلاقح التقنية والحكمة.
الشيء المؤكد أن الاقتصاد الخلاق (Creative economy) قد غير مجرى التاريخ الاقتصادي وقواعد العمل والتجارة والاستثمار خلال العشرين سنة الماضية وسيغيرها بشكل أكثر حدة خلال العشر سنوات القادمة. لقد حصد الاقتصاد الخلاق - في زمن محدود جدا ما نسبته 6.1% من حجم الاقتصاد العالمي البالغ في مجمله 74.3 تريليون دولار. والجدير بالذكر أن نصيب الأسد من هذا الحصاد الكبير اقتصر على عدد محدود جدا من المؤسسات، على الرغم من أن التقنية متاحة للكل، والكثير من المؤسسات التجارية والعامة تمتلكها. وهو ما يؤكد أن التقنية لوحدها لا تكفي!
الدرس الذي يحسن بنا أن نعيه هنا هو أن أولئك الذين سيحصلون على نصيب الأسد من كعكة الاقتصاد المستقبلي أو ما يعرف بـ(Orange Economy) هم أولئك الذين سيتمكنون من توظيف التقنية التوظيف المناسب والأمثل، وليس الذين يطمحون في اقتنائها فقط. فليست العبرة بامتلاك التقنية ولكن بحسن استثمار ما نملكه منها.
نقلا عن الجزيرة