ميزانية 2018 اكدت تصحيحا ماليا أكثر منه إقتصاديا، لأن الإصلاح الاقتصادي سوف يتغير مع الوقت ومع المراحل الإقتصادية المقبلة بمشيئة الله. رأينا الإجراءات المتخذة لتحقيق كفاءة الإنفاق والحوكمة المالية، والشفافية بدأت تجني ثمارها لكي يحقق التوازن المالي بتنمية الإيرادات غير النفطية، حتى مع الظروف الاقتصادية التي تشهدها الساحة الدولية، وتراجع النمو الاقتصادي.
ميزانية 2018 الأكثر سخاء بالإنفاق تاريخيا في خضم مرحلة التصحيح الشامل وبميزانية توسعية تنموية بمصروفات وحجم إنفاق تاريخي وصل الى 978 مليار ريال، وإيرادات 783 مليار ريال، وعجز اقل قدره 195 مليار ريال. على عكس الموازنات المالية التي مرت على المملكة أثناء ارتفاع أسعار النفط أعوام 2011، 2012، 2013، و 2014 والتي على العكس تسببت في فجوة تنموية ولم نستفد منها في مشاريع تنموية صناعية لتفعيل الإيرادات غير النفطية!
ميزانية 2018 أكبر ميزانية في تاريخ المملكة العربية السعودية رغم أن أسعار النفط لاتزال أقل من نصف الأسعار في أعوام 2011، 2012، و 2013، وإنتاج النفط هبط 500 ألف برميل يوميا بسبب اتفاقية خفض الإنتاج، مما أثر على الإيرادات النفطية حتى وإن شهدت أسعار النفط تحسنا ولكنه لايزال تحسنا طفيفا مقارنة بالأعوام الماضية!
بإيرادات نفطية وصلت 492 مليار ريال، وإيرادات غير النفطية وصلت 291 مليار ريال، نرى ان الإيرادات غير النفطية حققت رقما تاريخيا أكبر مما كنا نتوقعه حتى قبل تطبيق ضريبة القيمة المضافة وارتفاع أسعار المحروقات!
عكست الميزانية ماجاءت به رؤية 2030 من تطوير فعال لسياسات الاستدامة المالية، بعد أن أثرت التقلبات الحادة في أسعار النفط في السنوات الماضية على الإنفاق الحكومي واثرت سلبا على كفاءة الميزانيات السابقة، ولاشك أن أسعار النفط ستبقى مؤثرة في السنوات القادمة ولكن تدريجيا سترتفع الإيرادات غير النفطية بمشيئة الله، لأنه لا يمكن الركون إلى تقلبات اسعار النفط التي شهدناها في السنوات الأخيرة، وهذه التقلبات السعرية الحادة عكست بعض التغيرات الهيكلية التي لحقت بكل من العرض والطلب العالمي، وبذلك عززت ميزانية 2018 الاستدامة المالية، وهذا تحوط مدروس بعناية يبعد أي ارباك قد تحدثه اسعار النفط مستقبلا.
وعكست ميزانية 2018 ايضا مرحلة الشفافية والإفصاح في السياسة المالية التي بدأنا ها مع رؤية 2030، خصوصا بعد إعلان الميزانية بشكل ربع سنوي كنقلة نوعية في الإدارة المالية للمملكة العربية السعودية، مما يعكس حرص قيادتنا على تطبيق أسس وقواعد الحوكمة على أرض الواقع، ولعل أول انعكاس إيجابي شهدناه هو تحسن الأداء المالي!
خاص_الفابيتا