أسهل محتوى يُمكن أن يُقدّم ويتكرر عليك كثيراً في الشبكات الاجتماعية، هو حساب حجم ثروتك لو شاركت بمبلغ بسيط مع شركة أمازون في بداياتها، أبل، أو البتكوين مؤخراً وهي إحصائية بسيطة وشائعة وشخصياً لا أرى منها أي فائدة ذات قيمة غير زيادة الحسرة على شيء ليس لك فيه يد.
مهما بلغ الإنسان من التمكّن من أُسس الاستثمار وضمان نجاحها، لن يستطيع المشاركة بجميع الفرص، ستمر أمامك فرص وتفوتك أضعافها وتستغل جزءاً وتكسب اليسير منها. لذلك يسهل الحديث عن حجم الثروات التي كان من الممكن تحقيقها من منظور تاريخي، لأن جميع الأحداث اتضحت لكن عند البدايات تكون صعبة ومخاطرة كبيرة جدًا. مثل بدايات شركة أبل وأمازون والبتكوين، الاستثمار بشراء جزء من أسهمها في البدايات مخاطرة حقيقية ومدى تحمّلك لهذه المخاطرة وكفاءتك المادية والفترة الزمنية المتاحة لك كلها عوامل تحدد قرارك في الاستثمار بها من عدمه.
البتكوين عملة رقمية وليست هي الوحيدة في هذا العالم بل إن عدد العملات الرقمية حتى نوفمبر 2017 م تجاوز 1400 عملة رقمية وهي في ازدياد. لكن الصيت ذهب للبتكوين بسبب بداياتها والانفجار السعري الذي حصل بها.
الحديث عن العملات الرقمية يجب أن يغطي جانبين مهمين، الجانب الأول الحديث عنها كعملة بديلة لما نملكه الآن. والجانب الثاني أنها سلعة يمكن التربّح منها عن طريق التذبذب السعري الحاصل بها الآن.
أما الجانب الأول فمثل ما تطورت التجارة بين البشر لتبدأ بالتبادل التجاري بالأرز والشعير والقمح وغيرها حتى تطورت ووصلت إلى استخدام النقود الورقية الحالية ثم مع دخول ثورة الإنترنت أصبحت هذه الأرصدة مجرد أرقام تظهر لك على الشاشة عند تحويل واستقبال الأموال دون أن تتحرك الأموال الفعلية من مكانها. فهذا التطور والتقبّل للتغير في طريقة المقايضة يُعطي الفرصة للبتكوين وأخواتها أن تكون العملة المستقبلية للعالم.
أما الجانب الثاني فمن ينظر للقفزات السعرية للبتكوين تحديداً يعلم أنها قفزات تناسب (سلعة) وليست عملة يمكن الوثوق والاستناد عليها في أمور الحياة اليومية واعتمادها (وهي بوضعها الحالي) والسبب أن ثقة العالم الآن بعملاتهم يستمد من قوتها في المحافظة على قيمتها وهذا ما لا يمكن أن يحصل حتى الآن مع البتكوين بسبب التغير السعري الكبير بها. والاستثمار بالبتكوين على مكاسبه الظاهرة إلا أنه مخاطرة كبيرة أيضاً بسبب عدم وجود أسباب واضحة تُفسّر سبب ارتفاع وانخفاض أسعارها. فأسهم الشركات على مخاطر الاستثمار بها إلا أنه يمكن دراسة تقارير الشركات السنوية ومقارنة نتائجها السنوية والربعية وعليه يمكن توقّع توجه الشركة للربحية أو الخسارة. توقّف عن السعي وراء الثراء (السريع) حتى تُحقق حلمك ببناء ثروة كبيرة.
نقلا عن الرياض