استطاعت سيولة القطاع المصرفي السعودي وبإريحية من استيعاب أضخم إصدار صكوك مقومة بالريال في تاريخ المملكة، مدحضة بذلك الأقاويل التي تكهنت بجفاف السيولة وحدوث ارتفاع قياسي في معدلات أسعار الفائدة بين البنوك السعودية (وذلك فور إغلاق الإصدار الأول من الديون السيادية هذه السنة). وما لا شك فيه أن الشفافية التي اتبعتها وزارة المالية في إعلان حجم طلبات الاكتتاب (تلقت أكثر من 51 مليار ريال) قد أسهم في تطمين الجميع بحجم السيولة التي اكتتبت بإصدار المملكة البالغ حجمه 17 مليار ريال.
فعندما ننظر لحركة «أسعار الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية» (سايبور) خلال فترة الترويج للإصدار وحتى إغلاقه (19 إلى 25 يوليو) فإننا نجد أن السايبور قد كسر حاجز الـ1.802 في المائة ولأول مره خلال الأشهر الستة الماضية. واستمر على هذا النحو لثلاثة أيام عمل. بعدها عاود السايبور الاستقرار وفق مستوياته التاريخية التي تم تسجيلها خلال الأشهر الستة الأخيرة. حيث بدأ واضحًا أن القطاع المصرفي قد استوعب الإصدار وتفاعل بشكل استباقي في البداية قبل أن يعاود التصحيح. ولقد أسهمت وفرة السيولة الفائضة بالقطاع المصرفي بالانعكاس إيجابيًا على استقرار أسعار الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية» (سايبور) ولمدة 6 أشهر متوالية.
وبلغت أسعار السايبور أعلى معدلاتها (في السنتين الأخيرتين) عندما وصلت إلى 2.386 في المائة. بعدها تم الإصدار السيادي للسندات الدولية (17.5 مليار دولار) وتبع ذلك إجراءات عديدة من ساما من ضمنها تجميد إصدارات السندات بالسوق المحلي. وأسهمت تلك الإجراءات في تخفيف احتقان السيولة وعودة الأمور إلى نصابها، بدليل استقرار أسعار السايبور (ولمدة 6 أشهر متوالية) ما بين نطاق 1.700 و1.800 في المائة. هذا يعني أن هناك فائضًا بالسيولة المصرفية القابلة للاستثمار بالدين السيادي.
الاحتياطي النظامي
ما سبق أن تطرقنا فيه سابقًا عن السيولة الفائضة المتوافرة للبنوك وقدرتها على استيعاب حجم الإصدار، فقد أكدته وكالة موديز الائتمانية في تقرير حديث لها. حيث أشارت وكالة التصنيف الائتماني إلى قدرت البنوك على استيعاب إصدارات الصكوك الحكومية خلال الـ12 - 18 شهرًا المقبلة. ويعود ذلك بسبب «تحسن السيولة» وبطء النمو الائتماني. فالرصيد النقدي للبنوك السعودية، المُسجل في مايو 2017، لدى ساما (والذي يتجاوز الاحتياطي النظامي) هذا الرقم قد بلغ 109 مليارات ريال (أي أكثر من 6 مرات من حجم إصدار شهر يوليو). مع العلم أن هذا الرقم يعد أعلى من رقم الـ53 مليار دولار الخاص بنفس الفترة من السنة الماضية.
نقلا عن الجزيرة