تداعيات المقاطعة على قطاع النفط القطري

19/06/2017 5
د. فيصل الفايق

كنا قد استعرضنا في مقال سابق تداعيات المقاطعة على قطاع الغاز القطري، واليوم سنستعرض التداعيات المتوقعة على قطاع النفط القطري في حال استمرت هذه المقاطعة ... وإفرادي لهذا القطاع لا يعني أنه في معزل عن تدهور الوضع العام للاقتصاد القطري، وحالة الارتباك السياسي، فهي أمور متداخلة وبعضها مقدمة للآخر أو سبب مباشر له.

قطر تنتج 1.3 مليون برميل يوميا، منها 600 ألف برميل من النفط الخام  (تدخل في حصة أوبك المتفق عليها)، و700 ألف برميل يوميا من المكثفات (Condensate) ولا تدخل ضمن حصة أوبك.

تذهب مجمل هذه الصادرات النفطية تقريبا إلى آسيا بحصص كبيرة إلى كل من: اليابان، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، والهند، وتايلاند، وبحصص صغيرة إلى كل من: ماليزيا، والصين والفلبين.

وبحكم اطلاعي على أسواق النفط عن كثب، فإن هناك حالة متزايدة من القلق تنتاب عملاء قطر من المصافي الآسيوية، ونتيجة لتلك الحالة فإن هذه الجهات تقوم حاليا بدراسة جادة لتأثير هذه المقاطعة على الحمولات المخصصة لها، مع ما بدأ ظاهرا للعيان من زيادة مضطردة في التوجس من مصير تحرك ناقلات النفط بسبب العوائق اللوجيستية الواقعة فعلا والمحتملة، حيث انه من المتوقع أن تؤدي المقاطعة إلى تعطيل أجزاء مهمة من عمليات تحميل النفط الخام . . . كيف سيكون ذلك؟

فسأجيب بحكم خبرتي في مبيعات وتسويق النفط الخام في الأسواق الآسيوية، بأن تحميل المكثفات القطرية لن يتأثر كثيرا، لأن تحميلها غالبا  يكون في ناقلات مستقلة من غير أن تحمل أي أنواع نفوط أخرى أو ما يسمى (المشاركة في التحميل أو Co-loading)، لذلك نادرا ما يتم تحميل المكثفات القطرية مع النفط الخام، وغالبا ما تقترن المكثفات القطرية بالإيرانية من حقل جنوب بارس المشترك مع إيران، وهذا يعني أن تحميل المكثفات من غير المرجح أن يواجه أية تحديات لوجستية، ولكن هناك تحديات تنافسية قادمة من إيران التي تحاول الاصطياد في الماء العكر وأعطت شركة توتال الفرنسية تطوير حقل بارس المشترك مع قطر.

أما النفط الخام القطري فإن وضعه أكثر سوءا، حيث يتم تحميله بالمشاركة مع النفوط الأخرى، من السعودية والإمارات عند تعبئة الناقلات العملاقة التي تحوي 2 مليون برميل أو ما يعرف بناقلات VLCC وهي الناقلات العملاقة التي توفر أفضل اقتصاديات الشحن للمشترين بالتحميل من عدة موانيء لتحميل النفط .

كل المؤشرات تدل على أن هناك عواقب كارثية ستطال حمولات النفط القطرية في الحالات التالية:

أولا:

في حال فرضت السعودية والإمارات والبحرين قيود على التحميل المشترك، لأن الشحنات التي لا يمكنها التقيد بمتطلبات التحميل المشترك، يجب تحميلها على سفن صغيرة أو محملة بالنفط الخام من بلدان خارج المقاطعة، وهذا لابد له أن يفرض تحديات كبيرة، كما أنه سيغير من تسعيرة التسوية الشهرية للنفط القطري، ويضغط على أسعارها، حيث أن عمليات التحميل تتطلب المزيد من التخطيط والعمل، وهذا من أهم العوامل التي ستجعل تكاليف الشحن أعلى. وهذا سوف يؤثر أيضا على التفاضلية في تحميل النفط من عملاء المصافي الآسيوية الذين يحددون مزيج أنواع النفط على ناقلات النفط العملاقة للتحميل المشترك. وهذا قد لاينطبق فقط على السفن التي تحمل الإعلام القطرية بل قد يمتد إلى حظر السفن العالمية الأخرى القادمة لتحميل النفط من الخليج العربي بمجرد تحميلها شحنات من قطر!

ثانيا:

في حال شددت الإمارات أكثر في القيود المفروضة على الموانئ،فإن أية سفينة تذهب إلى قطر أو تأتي منها سيحظر على الأرجح دخولها إلى الموانئ الإماراتية، وكذلك التزود بوقود السفن الذي يتم من أهم موانئ تزويد الوقود في الخليج العربي عند مركز الفجيرة، وميناء جبل علي، وهذا الحظر سيمنع بصورة قطعية تزويد جميع السفن التي ترفع الأعلام القطرية بالوقود، وقد يمتد الحظر ليشمل حتى السفن القادمة من قطر والمتجهة إليها، وقد يشمل الحظر أيضا، الاتصال بالميناء والمرسى البحري، بغض النظر عن أسباب الإبحار أو حتى طلب الاتصال.

وبالتالي فإن الحظر سوف يؤثر بشكل كبير على الشحنات، لأنه لايوجد للأسطول القطري من ناقلات النفط أو الغاز الطبيعي المسال خيارات أخرى للتزود بالوقود في المنطقة، بل سيكون حلها الوحيد عند الاضطرار هو التوجه لتعبئة وقود السفن من الموانئ الآسيوية، وقد تلجأ ناقلات الأسطول القطري إلى هذا الخيار بسبب إن نقاط تزويد السفن بالوقود في إيران وعمان متواضعة جدا، ولا تفي بحاجة الحركة الملاحية المحلية، ناهيك عن السفن الأخرى.

خلاصة القول: فإن التحديات اللوجيستية لناقلات النفط والغاز القطرية سوف تكون وجها لوجه أمام تحديات كبيرة جدا، وفي حال امتداد المقاطعة، لوقت أطول لاشك أنها ستتكبد خسائر هائلة تضاف إلى خسائرها المليارية في القطاعات الاقتصادية الأخرى!

خاص_الفابيتا