الظروف المتغيرة وزيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط وخفض تكاليف إنتاج النفط الصخري وارتفاع المخزون العالمي وتخمة المعروض كلها تحديات تقف أمام السيطرة على تراجع أسعار النفط.
فللمرة الأولى منذ زمن بعيد جداً تنمو وتيرة سريعة من الضغوط على أسعار النفط، وليست سريعة فحسب، بل تزامن بعضها مع بعض، وشكل تزامنها حدثاً غير مسبوق في تاريخ السوق النفطية، وكان من شأنه أن أدخل الرعب في قلوب مضاربي النفط قصيري الأجل، ليمتد بالتالي لخبراء النفط الذي أخذ كل منهم في أن يعيد من تقديراته في وضع سعر متحفظ بعد أن كانت التقديرات متفائلة بسعر مستقبلي يحوم حول 60 دولاراً لعام 2018م.
الواقع يشير إلى أن التحديات قوية وعسيرة أمام منظمة أوبك، لذلك لم يدعم إجراءها بإطالة أمد خفض الإنتاج لدول أوبك وخارج أوبك لمدة تسعة أشهر المتخذ في فينا قبل أسبوع من الحفاظ على استقرار الأسعار، ولم تتأثر السوق النفطية بالإيجاب لمثل ذلك الإجراء، بل حافظت على منحى هبوطي لازمتها منذ ذلك الاجتماع، ليتراجع خام برنت دون الحاجز النفسي المتمثل عند مستوى 50 دولاراً.
يقاس على ذلك أيضاً، أن التصريحات التي أطلقها وزير الطاقة السعودي المهندس خالد الفالح الجمعة الماضية حول دراسة لتعميق خفض إنتاج النفط في نوفمبر المقبل لم تلق بأثر ايجابي على الأسعار سوى أثر بسيط ساهم في الحد من قوة التراجع الذي كانت عليه الأسعار قبل إغلاق نهاية الأسبوع المنصرم.
أستطيع أن أقول إن الزيارة السريعة التي قام فيها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية إلى روسيا واجتماعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين كانت تتضمن وترمي إلى تطويق أزمة أسعار النفط قبل أن تنشب.
مثل ذلك التفاهم بين أكبر دولتين منتجتين في العالم كانت له مساهماته الكبيرة فيما سبق في إبقاء أسعار النفط مستقرة فوق 50 دولاراً، ولأن سموه يجيد القراء المستقبلية للظروف والمستجدات، فإنه من المؤمل أن يكون للتحرك الاستباقي شأناً في إعادة الاستقرار إلى الأسعار، وأن يترك مثل ذلك التحرك أثاراً إيجابية.
بكل المقاييس، فإن الظروف الصعبة التي تمر بها السوق النفطية استوجب وجود تفاهم للمصالح المشتركة بين المملكة وروسيا، فهذا التفاهم الذي أسسه الأمير محمد بن سلمان على هامش قمة العشرين في شهر سبتمبر الماضي خلال اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لو لم يكن موجوداً لكانت الأوضاع في السوق النفطية في وضع غير مستقر وحرج ومنهار بصورة أكبر مما حدث في انهيار عام 2014م.
وها هو التفاهم السعودي الروسي في رأيي ازداد قوة بعد زيارة الأمير محمد بن سلمان واجتماع سموه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبكل تأكيد سوف يكون لذلك الاجتماع أسس صلبة تدعم من التوجهات وتحقيق الأهداف فيما يخص استقرار السوق النفطية.
ما أتوقعه أن يلقى التفاهم السعودي الروسي بنتائج جيدة على أسعار النفط في وقت لاحق، وأن يعمل على إعادة التوازن إلى السوق النفطية، وما أراه بأن مواجهة التحديات لدول أوبك وخارجها سوف يتمثل في معركة نفطية ربما تكون طويلة للتغلب على زيادة الإنتاج ووفرة المعروض وكل الظروف المستجدة.
نقلا عن الرياض